موريتانيا : المعارضة تهدد بالتصعيد في حال نظمت انتخابات غير توافقية

أربعاء, 17/01/2018 - 10:35

حذر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وهو أكبر تجمع حزبي ونقابي معارض للرئيس محمد ولد عبد العزيز، أمس «من مغبة تنظيم انتخابات غير توافقية في جو من التوتر السياسي المتفاقم، وما قد ينجم عن ذلك من أزمات غير محسوبة العواقب.»
ودعا المنتدى المعارض في أول بيان يصدره بعد استئنافه نشاطه وانتخاب رئاسته الدورية «جميع الوطنين للوقوف بقوة وحزم في وجه، ما سمّاه «سياسات النظام القمعية وتماديه في الاستمرار في اختطاف البلاد نحو المجهول».
وطالب «القوى الحيّة في موريتانيا بتصعيد النضال لفرض التغيير الديمقراطي والتناوب السلمي على السلطة»، مشددا على «ضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الشيخ محمد ولد غدة، ووقف المتابعات الظالمة، حسب تعبيره، ضد الشيوخ والنقابيين والصحافيين ورجال الأعمال الوطنيين».
وأكد المنتدى «أن موريتانيا تمر بمرحلة حاسمة من تأريخها، في ظل أزمات سياسية واقتصادية زاد من تفاقمها انتهاك الدستور، وتزوير الاستفتاء، وتغيير الرموز الوطنية بطريقة لا دستورية زادت الموريتانيين فرقة والساحة السياسية تأزما، مع إصدار عملة جديدة كان من نتائجها الأولى زيادة الأسعار وتدهور قيمة الأوقية، والجفاف الذي يضرب مناطق الوطن كله من دون تدخل ناجع من طرف السلطات».
« في ظل هذا الوضع، يضيف المنتدى المعارض، تقف موريتانيا اليوم على أعتاب انتخابات نيابية وبلدية وجهوية حاسمة، كما تستعد لانتخابات رئاسية تتصف بنهاية آخر مأمورية لرئيس الدولة الحالي؛ وبدل العمل على تهيئة هذه الاستحقاقات المصيرية بجدية ومسؤولية، عن طريق حلحلة الأزمة السياسية المتجذرة ووضع الآليات الكفيلة بتنظيم انتخابات توافقية حرة وشفافة، تضمن نزاهة الاقتراع وتمكن من التناوب السلمي على السلطة، يصر النظام على التمادي في نهجه الأحادي بتمرير قوانين تتعلق بتنظيم الانتخابات والهيئات المشرفة عليها، منبثقة من حوار صوري بمن حضر، لم يعتمد في النهاية سوى القرارات التي أعلنها مسبقا رئيس الدولة أو تلك المقدمة من طرف حزبه، ذلكم الحوار الذي رفضت المعارضة الديمقراطية المشاركة فيه لافتقاده أبسط مقومات الجدية من إعداد مشترك من قبل الأطراف المتحاورة وآليات تضمن تنفيذ مخرجاته».
وأكد المنتدى الذي يجمع أحزابا ونقابات وازنة وشخصيات مرجعية مستقلة «أن تمرير هذه القوانين الانتخابية الأحادية لن يزيد الساحة السياسية إلا توترا، ولن يزيد اختفاء الثقة بين الفرقاء السياسيين إلا تعمقا، في الوقت الذي يحتاج فيه البلد أكثر من أي وقت مضى إلى مسار يلم شمل الموريتانيين ويرسم طريقا يجنب البلد المنزلقات الخطيرة التي عرفتها بلدان أخرى نتيجة تعنت قادتها، وتنصيب أنفسهم أوصياء على شعوبهم ومتحكمين في مصائرها».
«وفي الوقت الذي يتطلع فيه الموريتانيون إلى حقبة جديدة من الحرية والانتخابات الحرة والتناوب السلمي على السلطة، يضيف المنتدى، اختار النظام أن يسبح عكس تيار طموحات الشعب، بالتمادي في اختطاف الدولة وخنق الحريات وإسكات كل صوت يرتفع ضد فساد النظام وتسلطه؛ وقد تجلى ذلك في الإصرار على تمرير قوانين انتخابية غير توافقية، وانتهاك الدستور والقوانين، وقمع التظاهرات السلمية، وتجنيد القضاء لتصفية الحسابات السياسية، وسجن الخصوم السياسيين، ومتابعة الشيوخ والنقابيين والصحافيين ورجال الأعمال الوطنيين، واحتكار الإعلام العمومي وإسكات القنوات الحرة، واختفاء الجرائد (بلدنا هو الوحيد اليوم في العالم الذي لا تصدر فيه أي جريدة)، حسب تعبير المنتدى.
ويكشف هذا البيان عن عمق الأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا حاليا والتي ترشحها الاستحقاقات الانتخابية المقررة خلال عام 2018 بالنسبة للنواب والبلديات والمجالس الجهوية ومنتصف عام 2019 بالنسبة للانتخابات الرئاسية، لمزيد من التعمق الخطير، إذا لم يتدارك الأمر بحوار جديد.
ويجمع المراقبون على أن الأزمة الحالية غير قابلة للحل لأن الرئيس الموريتاني لن يتراجع عن حوار 2016 ولا عن استفتاء أغسطس 2017، ولن ترضى المعارضة بغير التراجع عن هذا كله مقابل التفاهم مع النظام.
وبالنظر لهذا الواقع فالحيرة هي سيدة الموقف: فالموالاة لم تتضح لها معالم أجندة الرئيس بعد الاستفتاء مع أنها متأكدة من عدم تراجعه عن خياراته، والمعارضة لها تشخيصها الخاص للأزمة لكنها لا تملك أدوات الضغط والتأثير الكافية لفرض خياراتها.
وعلى هذا النحو، ينشغل الجميع باقتراب الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة خلال السنة الجارية وباقتراب انتخابات 2019 الرئاسية من دون وجود أدنى تفاهم بين النظام والمعارضة حول آليات تنظيم هذه الاستحقاقات. وتتابع الحكومة، كما لو كان كل شيء على ما يرام، تنفيذها لمخرجات حوار أكتوبر  2016 التي أقر الجانب المؤسسي فيها في استفتاء أغسطس  2017، وهو الاستفتاء الذي قاطعته المعارضة الجادة ورفضت نتائجه بما فيها التعديلات الدستورية.
وفي خضم هذا التموج، يسعى الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأنصاره للتحكم في استحقاقات السنة الجارية للحصول على أغلبية في البرلمان وفي البلديات وفي المجالس الجهوية، كما يسعون للسيطرة على انتخابات 2019، إما باستحداث صيغة دستورية لمأمورية أخرى للرئيس أو بانتخاب خليفة مؤتمن له.
ويحدث كل هذا بينما تختلط الأوراق على المعارضة ذات الرؤوس المختلفة والطموحات المشتتة والوسائل المحدودة.
وفيما تستعد الموالاة لخوض معارك الاستحقاقات المقبلة يتكهن عدد من قياديي المعارضة البارزين بأن الأمور قد تأخذ وجهة أخرى خلال السنة الجارية، وهو ما عبرت عنه بوضوح أمس الإعلامية منى بنت الدي القيادية في حزب تكتل القوى المعارض في تغريدة كتبت فيها «أرى في عام 2018 هذا عاما سياسيا بامتياز، ستكثر فيه الأحداث وتتسارع فيه الأمور وتتكشف فيه الحقائق وتكثر فيه مبادرات النفاق والتصفيق ويتميز فيه الخبيث من الطيب، وأرى أنه سيكون عام الفرج والخلاص وأن التغيير سيطل علينا فيه برأسه وأن الأمور ستـحسم فيه ولن تنتظر عام 2019».

الميثاق 

جديد الأخبار