المحكمة الأميركية العليا تُلغي الحق الدستوري للمرأة في الإجهاض

جمعة, 24/06/2022 - 21:07

أنهت المحكمة الأميركية العليا، اليوم الجمعة، حقّ المرأة في الإجهاض، عبر إصدارها قراراً وُصف بأنه سيكون له "وقع مزلزل"، وأنّه "يقضي على نصف قرن من الحماية الدستورية"، في واحدة من أكثر القضايا إثارةً للانقسام في المشهد السياسي الأميركي.

وألغت المحكمة القرار التاريخي المعروف باسم "رو ضد وايد"، والذي صدر عام 1973 ليكرّس حق المرأة في الإجهاض. وقالت إنّ "في إمكان كل ولاية أن تسمح بالإجراء أو أن تقيّده كما ترى"، كما كان سائداً قبل سبعينيات القرن الماضي.

وأصدرت المحكمة العليا قرارها القاضي بإلغاء حق المرأة في الإجهاض، والذي كان ساري المفعول منذ 5 عقود، بأغلبية 6 أصوات في مقابل 3 ضد. وأكّدت أنّ "الدستور لا يمنح الحق في الإجهاض"، ودعت إلى أن "يُنقَض (قرار) "رو ضد وايد"، وإلى أن تُعاد سلطة تنظيم الإجهاض إلى الناس وممثّليهم المنتخَبين".

 

***

بايدن: "لن نقبل التهديد والتخويف"

ووجّه الرئيس الأميركي، جو بايدن، كلمة إلى الأميركيين، تعقيباً على صدور قرار المحكمة العليا بشأن الإجهاض، وأكّد أنّه "سيكون لهذا القرار عواقب وخيمة"، و"سيحمل معاقبة للنساء وإجبارهنّ على الاحتفاظ بالحمل مهما تكن عواقبه".

وأضاف بايدن: "على الكونغرس أن يتدخّل في تشريع قانون يحمي حقوق المرأة في الاختيار. والطريقة الوحيدة لحماية حق المرأة في الاختيار هي عبر الكونغرس، ولا يمكن للرئيس أن يقوم بذلك عبر قرار رئاسي".

وقال بايدن: "ندعو إلى حماية حق المرأة في الاختيار، وهذا سيكون في ميزان الانتخابات المقبلة، ضمن قانون الحق في الخصوصية. وسأقوم بكلّ ما في وسعي لتعزيز حرية النساء في الاختيار". 

ودعا بايدن إلى "استمرار الاحتجاجات على القرار بصورة سلمية وبعيدة عن العنف"، مشدداً على أنّه "لن نقبل التهديد والتخويف"، ومعتبراً أنّه "مع هذا القرار، تُظهر الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا مدى تشددها، لكنّ هذا الأمر لم ينتهِ بعد".

ووصف بايدن ما حدث بأنّه خطير للغاية، قائلاً إن "الطريق الذي تسلكه المحكمة الآن خطير للغاية، وإدارتي ستراقب العواقب الخطيرة لهذا القرار، وسنواجه من يتعرّض للمرأة التي تحاول اللجوء إلى ولايات أخرى لاختيار حقّها".

 

***

التيار الجمهوري والمحكمة العليا

وجاء صدور القرار بعد يوم من إصدار المحكمة عينها قراراً يخوّل حمل السلاح في الأماكن العامة، من دون أن تفرض قيوداً ومعايير لحفظ السلامة العامة. وكانت تقارير صحافية تحدثت عن أنّ المحكمة تنظر في قرار إلغاء قانون "رو ضد وايد"، لأنها تبحث في طعن بشأن حظر ولاية ميسيسيبي للإجهاض بعد 15 أسبوعاً من الحمل.

ويتخذ توقيت صدور القرارين أهمية استثنائية قبيل فرصة عطلة الصيف، وكذلك للاستعداد لموسم الانتخابات النصفية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، والذي من المتوقع أن يشهد تراجعاً في سيطرة الحزب الديموقراطي على مجلسي الكونغرس، الأمر الذي سيُفقد الرئيس بايدن أي فرصة حقيقية في تمرير قرارات يحبّذها جمهور الحزب الديموقراطي، ويُدخله في مرحلة ما اصطلح على تسميته أميركياً بـ"البطة العرجاء".

يُشار إلى أنّ الرئيس الأسبق، باراك أوباما، فشل في تعديل موازين القوى في بنية المحكمة العليا بتعيين 2 من القضاة في المناصب الشاغرة آنذاك، وكان حزبه يتمتّع بالأغلبية في مجلسي الكونغرس، الأمر الذي أسفر عن ميل المحكمة إلى جانب التيارات اليمينية في الحزب الجمهوري.

وأثار القرار، فور صدوره، موجة من ردود الفعل الكبيرة وسط المجتمع الأميركي، بحيث تُعَدّ القضية مسألة سياسية بامتياز، وتثير انقساماً كبيراً لدى النخب السياسية، كما لدى القواعد الشعبية.

ويعارض الحزب الجمهوري - المحافظون - بصراحة، في نصّ عقيدته السياسية، قانون حق الإجهاض، ويعلن مناصرته بصورة عامة لتيّار "نعم للحياة"، الذي يعبّر، بصورة أساسية، عن توجّه المتديّنين الأميركيين والكنيسة المسيحية إلى تحريم الإجهاض واعتباره "جريمة قتل تامة العناصر"، بينما يؤيّد معظم الديمقراطيين حرية المرأة في اختيار الإجهاض أو عدمه، انطلاقاً من "حقّها في التصرف بجسدها" .

وقامت شركات كبرى محسوبة على الحزب الديمقراطي، فور صدور القرار، بإعلان نيتها تحمّل نفقات السفر لأيّ موظفة ترغب في السفر إلى ولاية أخرى تبيح الإجهاض، في حال قررت الولاية التي تعمل فيها التزام قرار المحكمة العليا.

وعلّق ناشطون مؤيدون لقرار المحكمة، بأنّ الدستور الأميركي "يذكر كلمة سلاح بقدر ما يذكر كلمة إجهاض"، وقال آخر إنّ "الذين يطالبون بمنع الأميركيين من حرية حمل الأسلحة، بسبب عشرات القتلى الأطفال في المدارس، هم يعارضون اليوم قرار المحكمة القاضي بوقف جرائم قتل مستمرة منذ أعوام لملايين الأطفال الأميركيين".

جديد الأخبار