موريتانيا 2020.. تهدئة سياسية بعد عشرٍ "عِجاف" (تقرير)

خميس, 24/12/2020 - 11:14

رغم بوادر التوتر بين قوى المعارضة والنظام الحاكم في موريتانيا التي ظهرت خلال 2020، إلا أن هذا العام مازال يوصف بأنه "الأهدأ" سياسيا خلال الـ10 سنوات الماضية.

لكن حالة الهدوء النسبي، لم تكن شاملة فقد ازدحم 2020، بتحقيقات حول ملفات فساد واسعة يتهم فيها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وعدد من المقربين منه، ومازال الشعب الموريتاني ينتظر نتائجها.

** فرصة وبوادر توتر

وبعد أشهر من انتخابه في يونيو/ حزيران 2019، حرص الرئيس محمد ولد الغزواني، على استقبال أغلب قادة الأحزاب المعارضة وأبرزهم رئيس حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (ثاني أكبر حزب بالبرلمان/14 نائبا من أصل 153) محمد محمود ولد سيدي.

كما اجتمع ولد الغزواني مع رئيس حزب "تكتل القوى الديمقراطية" (أقدم أحزاب المعارضة/ 3 نواب) أحمد ولد داداه، ورئيس حزب "اتحاد قوى التقدم" (يساري/ 3 نواب) محمد ولد مولود.

وقد عبر جميع قادة الأحزاب السياسية المعارضة الذين التقاهم ولد الغزواني، حينها، عن ارتياحهم لهذه اللقاءات، مؤكدين على ضرورة منح النظام الجديد فرصة.

ولكن هذه الفرصة لن تدوم إلى الأبد، فخلال الأشهر الأخيرة من العام 2020، بدأ يظهر على الساحة السياسية خطاب معارض قد ينهي حالة الهدوء.

فقد اعتبر حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية"، أن "الروح الايجابية التي غلبت على خطاب المعارضة خلال 2020 لم تجد في الضفة الأخرى (السلطة) ما يلزم من وعي لتحديات المرحلة، واستعدادا لتوظيف اللحظة لوضع أسس عمل وطني تاريخي".

وقال الحزب، في وثيقة أصدرها في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن سنة من حكم الرئيس ولد الغزواني طبعتها "الارتجالية في التعاطي من جائحة كورونا، والتباطؤ الكبير في تنفيذ توصيات لجنة التحقيق البرلماني بشأن ملفات الفساد، وتعيين مشمولين في ملفات فساد في مناصب حكومية، وعدم الاستجابة لدعوات الحوار السياسي".

ويرى المحلل السياسي أحمد ولد محمد المصطفى، أنه لا مناص من بروز خطاب معارض خلال الفترة القادمة، وقد ظهرت بوادره فعليا لدى أطراف سياسية فاعلة.

وقال ولد محمد المصطفى للأناضول، إن هدوء أحزاب المعارضة خلال الفترة الماضية، كان نتيجة لتداخل عدة عوامل، منها "المهلة الديمقراطية التي تمنح عادة لأي رئيس جديد خصوصا أنه ضمن برنامجه الانتخابي التعهد بالعمل على إيجاد هدوء سياسي عام، وأتبع ذلك بلقاءات مجاملة لكل مكونات الطيف السياسي".

وأضاف: "المعارضة خارجة من عقد منهك من الاستهداف الممنهج في عهد الرئيس السابق، سواء من خلال الاعتقالات والمضايقات والإقالات والشيطنة الإعلامية".

وتابع: "أعتقد أن الكثير من هذه المعطيات قد تغيرت، وبالتالي لا مناص من بروز خطاب معارض خلال الفترة القادمة، وقد ظهرت بوادره فعليا لدى أطراف سياسية فاعلة".

وأشار إلى أن المشاركات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعكس منذ أسابيع، تزايد حالة الاستياء والإحباط من تصرفات النظام الجديد خصوصا في محاربة الفساد، والتخلص من رموزه، إضافة للمحسوبية بالتعيينات الحكومية.

واعتبر المحلل السياسي، أن الشيء الوحيد الذي يحد من بروز الفعل المعارض، حاليا، فضلا عن الخطاب المعارض، هو تأثير جائحة كورونا وتعطيلها عمليا للحياة العامة وخلطها للأولويات.

** انهيار تدريجي للهدنة

ولا يبتعد المحلل السياسي سيد أحمد ولد باب عن سابقه في نظرته لعودة التوتر بين المعارضة والسلطات في البلاد.

وفي حديثه للأناضول، رجح ولد باب، أن تنهار الهدنة بين المعارضة والرئيس ولد الغزواني، خلال المرحلة القادمة.

وقال: "ستنهار الهدنة تدريجيا وكلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة سترتفع أصوات القوى المعارضة أكثر".

وأضاف: " العام 2021 سيشهد معارضة قوية لنظام ولد الغزواني، وحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية سيكون بمقدمة القوى المعارضة".

وتوقع ولد باب، أن يعمل الرئيس ولد الغزواني على إعادة تشكيل الخريطة السياسية في البلد، من خلال ضم بعض الأحزاب المصنفة حاليا على قائمة المعارضة، إلى معسكر الأغلبية.

** تحقيقات الفساد

تشكيل لجنة التحقيق في قضايا الفساد (برلمانية) خلال فترة حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز (2009-2019)، كان أبرز ما شغل الرأي العام في موريتانيا خلال العام 2020.

فقد افتتح البرلمان العام الحالي بتشكيل اللجنة المذكورة والتحقيق حول ملفات فساد خلال فترة حكم ولد عبد العزيز استمرت من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران الماضيين، وانتهت بإعداد تقرير أحيل إلى القضاء.

واستمعت اللجنة خلال فترة عملها، إلى مسؤولين بينهم وزراء في عهد ولد عبد العزيز، الذي حكم لولايتين رئاسيتين.

وتضمنت تحقيقات اللجنة أنشطة خارجة عن القانون تخص صندوق العائدات النفطية (حكومي)، وبيع عقارات مملوكة للدولة، إضافة إلى صفقات بنية تحتية غير شرعية.

ومنذ ذلك التاريخ، تجري شرطة الجرائم الاقتصادية بحثا حول ملفات الفساد التي اتهم فيها الرئيس السابق، وعدد من المقربين منه ووزراء سابقين بحكوماته، ولكن لم يتم إدانة أي منهم حتى اليوم.

وفي تصريحات سابقة، قال ولد عبد العزيز، إن لجنة التحقيق البرلمانية "مكلفة بتصفية الحسابات وتشويه سمعتي واختلاق ملفات غير صحيحة"، نافيا أن يكون ضالعا في أي عمليات فساد.

وفي 17 أغسطس/ آب الماضي، اعتقلت السلطات الموريتانية، الرئيس السابق، قبل أن تفرج عنه بعد أسبوع من توقيفه على ذمة التحقيق.

ووفق المحلل السياسي أحمد ولد محمد المصطفى، فقد "علق الموريتانيون آمالا على الرئيس الحالي لإثبات الجدية في الحرب على الفساد، واستعادة جزء من الأموال المنهوبة خلال حكم الرئيس السابق".

ورأى أن "غالبية المتابعين يتفقون على أن الملف يعرف تباطؤا غير مفهوم، خصوصا بعد إعادة الثقة في بعض المشمولين في التحقيقات عبر تعيينهم بمناصب بارزة، والإبقاء على آخرين في المناصب التي كانوا يشغلونها".

ومن أبرز المسؤولين الذين يشير إليهم المحلل السياسي، وزير العادل السابق جا مختار ملل، الذي تم تعيينه مؤخرا، وزيرا أمينا عاما للحكومة، رغم شموله في تحقيقات الفساد.

لكن نائب رئيس حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، يحيى ولد الوقف، نفى أن يكون هناك تباطؤ في الملف.

وأضاف ولد الوقف، في تصريحات سابقة لصحيفة محلية، إن "مثل هذه الملفات تحتاج إلى وقت لاستكمال التحقيقات. المهم أن لا يظلم أي شخص".

وبخصوص تعيين مشمولين في الملف في مناصب حكومية، تابع، إن "هؤلاء الأشخاص موظفين للدولة ويمكن أن يتم تعيينهم في أي منصب حكومي ما لم تتم إدانتهم".

نواكشوط/ محمد البكاي / الأناضول

جديد الأخبار