بيان  : وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفريقيين بشأن حقوق السحب الخاصة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل

جمعة, 26/03/2021 - 14:13

نحن وزراء المالية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفريقيين، نلاحظ بكثير من القلق تأثير جائحة الفيروسالتاجي على صحة مواطنينا، واقتصاداتنا، وكذلك على آفاق تحقيق خطة لتنمية المستدامة لعام 2030 وخطة عام

  .2063

ويؤسفنا ما نراه من بطء في الحصول على اللقاحات وفي تمويل الإنصاف في مجال اللقاحات. وبدون الحصول على اللقاحات على وجه السرعة، سيعصف تسونامي الإصابات الجديدة بالفيروس التاجي بأنظمتنا الصحية الهشة، ويشتت مواردنا البشرية المحدودة، ويضعف تعافينا .وبحلول 18 آذار/مارس 2021، كانت القارة قد تجاوزت الحد القاتم، حيث بلغ عدد حالات الإصابات 4.1 مليون حالة في حين بلغت نسبة الوفيات إلى الإصابات 2.6 في المائة، أي بما يتجاوز المتوسط العالمي )2.4 في المائة.(

لقد كان تأثير الجائحة على اقتصاداتنا مدمرا. فهي تمر لأول مرة منذ ربع قرن بمرحلة ركود، حيث انكمش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.4 في المائة في عام 2020. وفقد ثلاثون مليون شخص وظائفهم وكان مصيرهم الوقوع في شَرَك الفقر .وتهاوت إيراداتنا، بينما قفزت النفقات استجابة للاحتياجات الملحة للأزمة وضرورات التصدي لآثار تغير المناخ. فالبلدان الأفريقية تخصص حاليا الآن نسبة كبيرة من ميزانياتها لتنفيذ السياسات الضرورية لدرء عواقب الظواهر الجوية القاسية، من جفاف، وفيضانات، وعجز في المحاصيل الزراعية وتدمير للهياكل الأساسية.

وفي بعض الحالات ،بلغ ما تم تخصيصه فعلا للتكيف مع تغير المناخ حوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي .

لقد أصبحت هوامشنا المالية الآن مستنفَدة تماما. 

وتسببت هذه التطورات في تقويض التوقعات الاقتصادية للعديد من البلدان الأفريقية، الأمر الذي أدى إلى خفض التصنيف الائتماني لما لا يقل عن اثني عشر بلدا أفريقيا .وهناك ستة بلدان أفريقية تعاني من مديونية حرجة، من بينها سان تومي وبرنسيبي، البلد الأفريقي الوحيد الذي كان من المقرر أن يُرفع من فئة أقل البلدان نموا. 

وحتى بالنسبة للبلدان الأفريقية التي نجحت في استعادة إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال، فإن فرق العائد على سنداتها السيادية مرتفع بدرجة مفرطة إذ يتراوح بين 890 و1.710 نقطة من نقاط الأساس لجنوب أفريقيا وأوغندا، على التوالي. وستزيد معدلات الأقساط هذه من أعباء الديون وتهدد قدرة اقتصاداتنا الوليدة على تحمل الديون في المستقبل.

ورغم صعوبة أوضاعنا المالية، أبدت البلدان الأفريقية قدرة على الصمود في استجابتها الأولية للجائحة. وحققنا معدلات إصابة منخفضة من خلال الإنفاذ الفعال لتدابير التباعد الاجتماعي والإغلاق الشامل. وقمنا بتعبئة ما يناهز 44 مليار دولار من الموارد المحلية وعملنا، في ظل سوق تتسم بدرجة عالية من التنافسية والخلاف، على تنسيق جهودنا لتأمين الحصول على معدات الوقاية الشخصية من خلال عمليات شراء جماعية قامت بتيسيرها منصة الإمدادات الطبية الأفريقية .

وفي ظل قيادة رئيس الاتحاد الأفريقي، وبالتعاون مع المصرف الأفريقي للاستيراد والتصدير، تمكنت حكوماتنا من الحصول على 270 مليون جرعة بأسعار تنافسية من خلال فريق العمل الأفريقي لاقتناء اللقاحات .ويزيد عدد هذه الجرعات عن تلك التي وعدت بها مبادرة مرفق كوفاكس لإتاحة لقاحات كوفيد 19. ومع ذلك، فإن كميات فريق العمل الأفريقي لاقتناء اللقاحات وكوفاكس مجتمعًةً تسمح لنا بالوصول إلى 42 في المائة فقط من سكان أفريقيا. وهناكحاجة إلى مبلغ إضافي قدره 3 إلى 4 مليارات دولار لزيادة معدل التطعيم في أفريقيا إلى 60 في المائة من السكان لبلوغالمناعة الجماعية.

ونشيد بالأمم المتحدة على ما تقدمه من دعم للدول الأعضاء من خلال تمويلها لمبادرات التنمية ،وهو ما أوجد قائمة غنية من خيارات السياسات لرفْْد مسارات تمويل التنمية فيها.

وما يشجعنا هو أن جهودنا قد اسُتكملت بمساعدةٍ ودعمٍ ماليين من المصارف الإنمائية العامة، ومبادرة مجموعة العشرين بشأن تعليق سداد خدمة الدين، والإطار المشترك لمجموعة العشرين الخاص بمعالجة الديون علاوة على مبادرة تعليق سداد خدمة الديون. وبفضل مبادرة مجموعة العشرين، تم تأجيل مدفوعات لخدمة الدين تقدر بـنحو 5.1 مليار دولار في ذمة البلدان الأفريقية المستوفية للشروط، الأمر الذي أسهم في توفير السيولة التي لا غنى عنها لإنقاذ الأرواح وإعادة بناء سبل العيش. وقد التزم مصرف التنمية الأفريقي والبنك الدولي بتوقير 13 مليار دولار و50 مليار دولار ،على التوالي، لدعم القارة الأفريقية. وبالمثل، لقد التزم صندوق النقد الدولي بتقديم 25.6 مليار دولار لأفريقيا من خلال التسهيل الائتماني السريع، وأداة التمويل السريع، والتسهيل الائتماني الممدد. وتمت الموافقة على مبلغ إضافي قدره 408 ملايين دولار من خلال الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون ليصل مجموع الالتزامات إلى حوالي 26.1 مليار دولار .ونشيد أيضا بالاتحاد الأوروبي على تخصيصه 100 مليون يورو في شكل مساعدة إنسانية لدعم بدء حملات التطعيم في أفريقيا، بقيادة المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض.

ولكن، بالنظر إلى عدم وجود ما يشير إلى أن الجائحة تقترب من نهايتها، بات تمديد مبادرة مجموعة العشرين حتى نهاية عام 2021 على الأقل، وربما حتى نهاية عام 2022 )حيث من المؤمل أن يكون جميع الناس قد حصلوا على اللقاح بحلول ذلك التاريخ( وتوسيع نطاقها لتلبية احتياجات البلدان المتوسطة الدخل من السيولة، أمرًا بالغ الأهمية لتفادي تعرضها لإعسارٍ أشد وطأة، لا سيما بالنسبة للبلدان التي لا تزال تتمتع بفرص الوصول إلى الأسواق وتنعم بمقومات أساسية قوية نسبيا.

ونحن ندرك أيضا الأهمية المتزايدة للدائنين من القطاع الخاص في المشهد التمويلي لأفريقيا، حيث يمثل هؤلاء الدائنون حاليا 40 في المائة من إجمالي ديون القارة، مقارنة بديون ثنائية تبلغ مخاطرها الائتمانية 27.6 في المائة. فأي معالجة لديون أفريقيا واحتياجاتها التمويلية في المستقبل لن تكون كاملة ما لم تأخذ في الحسبان المخاطر الائتمانية للقارة في مواجهة الدائنين من القطاع الخاص .ليس هذا فحسب، بل الأهم من ذلك هو ضرورة أن يصبح القطاع الخاص شريكا رئيسًّيا في تعافي القارة. وفي مثل هذا السياق، سيكون المزج بين الموارد العامة والخاصة أمرا في غاية الأهمية.

هناك حاجة اليوم إلى استجابة سريعة وجريئة وإيجابية بشأن حقوق السحب الخاصة تتراوح ما بين 500 و650 مليار دولار لوقف التأثير المدمر لهذه الأزمة القادمة من الخارج على القارة. ونتوجه بالشكر إلى وزراء مالية مجموعة السبعة على إصدار تعليمات لصندوق النقد الدولي بتاريخ 19 آذار/مارس 2021 من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات في هذا الصدد ونحث كافة الشركاء على دعم موقف مجموعة السبعة بشأن حقوق السحب الخاصة.

ونلاحظ أنه ،استنادا إلى نصيب أفريقيا الحالي من مجموع الحصص الكلية لصندوق النقد الدولي فإن الإصدار الجديد سيوفر موارد إضافية لأفريقيا بحد أقصى قدره 33.3 مليار دولار إذا تم إصدار حقوق سحب خاصة بقيمة 650 مليار دولار. وهذا لا يكاد يكفي لتلبية احتياجات القارة من التمويل. ولتكميل هذه الموارد، نطلب كذلك منمجموعة السبعة أن توافق على إنشاء آلية للإقراض المشتق تتولى، على أساس متفق عليه، توجيه حقوق السحب الخاصةإلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وينبغي النظر في الاستعانة بالصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر التابع لصندوق النقد الدولي لهذا الغرض .فتمويل حقوق السحب الخاصة من خلال هذا الصندوق سييسر الحصول على تمويل إضافي للأولويات الملحة للبلدان في ضوء هذه الأزمة، بما في ذلك اقتناء اللقاحات من قبل البلدان المنخفضة الدخل.

ويمكن كذلك الاستفادة بحقوق السحب الخاصة لاقتناء اللقاحات وزيادة فرص البلدان التي تستوفي الشروط الوصول إلى الأسواق المؤهلة. 

ونحن ندرك أن إطلاق إصدارات جديدة لحقوق السحب الخاصة يُعد حدثا نادرا وخلافيا في كثير من الأحيان، لهذا نعتقد أنه بات من الضروري أن نغتنم هذه الفرصة بالاستفادة من هذه الموارد للدفع بعجلة الاستثمارات القادرة على حفز عملية التعافي في أفريقيا. ويجب أن تدعم حقوق السحب الخاصة تحول أفريقيا وتساعد القارة على الحصول على تريليونات الدولارات المطلوبة للتعافي الأخضر. وهذا أمر في المتناول. ويمكن أن تؤدي الأدوات القائمة على آليات السوق، مثل مرفق السيولة والاستدامة المقترح، إذا ما اقترنت بأدوات من قبيل الضمانات القائمة على السياسات لمجموعة البنك الدولي، دورا كبيرا في هذا الصدد بحفز الاستثمارات وإيجاد فرص العمل، ودعم البلدان الأفريقية في المضي قدُما في بناء المستقبل على نحو أفضل. 

ونحن مقتنعون بأن الاستثمارات في مجالات الزراعة المستدامة والمعززة بالتكنولوجيا، والطاقات المتجددة والنقل ،والرقمنة ،والتنوع البيولوجي، وتنمية رأس المال البشري ضروريةٌ للانتعاش والبناء بشكل أفضل في المستقبل. ونُقر بالبحوث التي أجرتها اللجنة الاقتصادية والاتحاد الأفريقي مؤخرا، والتي توضح ما ينطوي عليه التعافي القوي والأخضر الغني بفرص العمل. فالاستثمارات في هذه القطاعات سيؤدي إلى إيجاد فرص العمل والاستفادة من منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لبناء سلاسل القيمة الإقليمية المستدامة وتعزيزها.

ومن جانبنا، نؤكد أن أفريقيا ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات الضرورية اللازمة لتعزيز الشفافية والمساءلة في تعبئة الموارد المحلية والخارجية واستخدامها، إلى جانب إدارة الديون. وفيما يتعلق بتعبئة الإيرادات، أثبتت البلدان الأفريقية فوائد تسخير التكنولوجيا لزيادة الإيرادات .فقد قامت العديد من البلدان بإدخال نظم تحصيل الضرائب إلكترونيا لتعبئة مزيد من الموارد.

وتعمل البلدان أيضا على طرح منصات رقمية لإشراك المجتمعات المحلية في مراقبة الإنفاق العام وتعزيز الشفافية، بطرق، منها جمع المعلومات الخاصة بتقديم الخدمات العامة وتتبع التزامات الإنفاق. كما أننا نعمل على تعزيز ما لدينا من نظم لإدارة الضرائب من أجل الكشف عن التدفقات المالية غير المشروعة، وتتبعها ووقفها. 

ومع ذلك، هناك حاجة إلى دعم عالمي لمواصلة المعركة ضد التدفقات المالية غير المشروعة، لا سيما في مجال تحليل البيانات الضخمة، والتع لم الآلي، وبرمجة الشبكات العصبية التي توفر مجموعة من الأدوات والأساليب للتنبؤ بشكل أفضل بالسلوك غير المشروع وقياس التدفقات المالية غير المشروعة بدقة أكبر. ويعمل عدد أكبر من البلدان الأفريقية على تعزيز البيئة المواتية لممارسة الأعمال التجارية. ويجب استكمال الجهود الشاملة التي تضطلع بها البلدان الأفريقية في هذا الصدد بتوفير المزيد من الموارد لكافة البلدان.

إننا مقتنعون بأنه يمكننا، بفضل الحصول على التمويل الكافي على وجه السرعة والقيام بالإصلاحات المناسبةوالشاملة في مجال السياسات الهيكلية والسياسات المالية الكلية، أن نتعافى من الجائحة بسرعة وقوة أكبر بكثير. ولذلك،نهيب بكافة الشركاء أن يستجيبوا لنداء مجموعة السبعة من أجل إصدار جديد لحقوق السحب الخاصة، واستكمال ذلك بآلية لإعادة التخصيص تعالج التأثير غير المتناسب للأزمة على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛ وللمضي في تنفيذ الإطار المشترك لمجموعة العشرين؛ وتمديد أجل مبادرة تعليق سداد خدمة الديون حتى نهاية عام 2021؛ ودعم الاقتراض المشتق لحقوق السحب الخاصة للصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر، وآلية مرفق السيولة والاستدامة والحصول على اللقاحات ودعم إنتاج اللقاحات في أفريقيا والتعجيل بإتاحة سبل الحصول على اللقاحات من خلال مرفق كوفاكس لإتاحة لقاحات كوفيد 19 على الصعيد العالمي وفريق العمل الأفريقي لاقتناء اللقاحات.

فالأزمة التي نواجهها أزمة جماعية، وتتطلبُ استجابة جماعية ومنسقة.

 

ــــــــــــــــ

جديد الأخبار