يصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء، إلى نواكشوط، في محطة من محطات جولته الأفريقية الحالية الهادفة إلى توطيد وتوسيع شراكة مع روسيا بديلة عن الشراكة مع فرنسا، التي يمر وجودها بمرحلة انكماش كبير على مستوى منطقة الساحل أهم مناطق هذه الشراكة.
وسيلتقي الوزير لافروف الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني ووزير خارجية موريتانيا محمد سالم مرزوق، حيث سيجري، وفقاً لمصادر موريتانية مطلعة، تبادل معمق للرأي حول التعاون الثنائي، لكن، وهذا مربط الفرس، حول الوضع في منطقة الساحل، التي أصبح لروسيا فيها وجود عسكري وأمني كبير عبر شراكتها مع مالي، وعبر ما ينتظر من إقامة لشراكة مع بوركينافاسو، وهما شراكتان بديلتان عن شراكة طويلة مع فرنسا.
وتأتي زيارة لافروف لموريتانيا في وقت تستعد فيه موريتانيا لاستلام رئاسة مجموعة دول الساحل التي أصبحت مجموعة الأربع بعد انسحاب مالي منها، والتي قد تتحول قريباً إلى “مجموعة الثلاث”، إذا واصلت بوركينافاسو اقترابها من روسيا التي تسعى لتفكيك هذه المجموعة، المؤسسة أصلاً تحت رعاية فرنسا، ولخدمة أهدافها العسكرية والأمنية في الساحل الإفريقي.
وترتبط موريتانيا مع روسيا بعلاقات قديمة، ظلت محصورة في اتفاقيات تعاون في مجالات الصيد والتجارة والمعادن، قبل أن تتوسع بتوقيع اتفاقية للتعاون العسكري يوم 24 يونيو/حزيران 2021، وهي الاتفاقية التي وقعها في موسكو وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي، ونائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين.
وشملت هذه الاتفاقية تطوير التعاون العسكري بين الطرفين من أجل تعزيز الثقة المتبادلة وتأمين الأمن الدولي، وتبادل الآراء في القضايا العسكرية والسياسة الدولية والإقليمية في مجال تعزيز الأمن الدولي.
كما نصت الاتفاقية على التعاون بين موريتانيا وروسيا في مكافحة الإرهاب وتطوير العلاقات بمجال التدريب العسكري المتبادل، طبياً وهندسياً وثقافياً ورياضياً، مع تبادل الخبرة والتعاون في عمليات حفظ السلام، تحت رعاية الأمم المتحدة وعمليات البحث والإنقاذ البحري ومكافحة القرصنة البحرية.
ونصت الاتفاقية على إنشاء لجنة عمل مشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاق المذكور.
ويظل السؤال المطروح في شأن مستقبل العلاقات الموريتانية الروسية هو: هل سيتمكن الرئيس الغزواني من الجمع بين علاقات تحتاجها بلاده مع روسيا، وعلاقات مع فرنسا التي تنظر إلى الحراك الديبلوماسي الروسي بكثير من القلق والتضايق والانزعاج.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد تحدث عن تضايق فرنسا وعصبيتها الناجمة، حسب قوله، عن تراجع “نفوذها الاستعماري الجديد” في أفريقيا، وذلك في مداخلة له أمام اجتماع بالعاصمة موسكو للجنة المجلس العام لحزب “روسيا الموحدة” حول التعاون الدولي ودعم المواطنين في الخارج.
وأضاف لافروف خلال حديثه أن بلاده “ترحب بعملية التحرر الشاملة لبلدان القارة الأفريقية”.
وأردف أن ذلك “يظهر جلياً عند متابعة مثال الانحسار المستمر لمجال النفوذ الاستعماري الجديد لفرنسا وسط وغرب أفريقيا، وهو ما يتسبب في رد فعل عصبي إلى حد ما من قبل باريس، دال على رغبة فرنسا في عدم التخلي عن أي شيء كانت تعتبره ملكاً لها يوماً ما”.
وشدد رئيس الدبلوماسية الروسية على أن بلاده “تسترشد بمبدأ المساواة في السيادة بين الدول، والذي بموجبه يحق لكل دولة اختيار شركائها”، عند بناء العلاقات مع الدول الأفريقية.
وتعهد الوزير الروسي بمواصلة “دعم الأصدقاء الأفارقة في مطالبهم العادلة”، مشيراً إلى “أنه من المقرر عقد القمة الروسية الأفريقية الثانية في يوليو المقبل، حيث تعمل موسكو لاتخاذ الاستعدادات اللازمة لها”.
واتهمت فرنسا روسيا، نهاية الأسبوع المنصرم، بما أسمته “التورط السياسي الاستعماري الجديد” في أفريقيا، واعتبرت أن باريس “ليست في حالة حرب” مع موسكو.
وردت فرنسا على اتهام وجهته لها المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بمواصلة التعامل مع الدول الأفريقية من وجهة نظر ماضيها الاستعماري”، فيما قالت المسؤولة الروسية “إن بلادها تبني علاقاتها مع أفريقيا خارج نفوذ الفرنسيين”
نواكشوط– «القدس العربي»: