لبس سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي “الدراعة” الموريتانية، وحصل على موافقة من الرئيس محمد الغزواني لحضور قمة روسيا وإفريقيا المقررة في يوليو المقبل، بمدينة سانت بطرسبرغ، وأوصى على أسطول الصيد الروسي الماخر في المياه الموريتانية، وتحدث عن ستة عقود من العلاقات الموريتانية السوفياتية ثم الروسية.
كل هذا شملته زيارة لافروف التي أنهاها الخميس لموريتانيا والتي حظيت باهتمام كبير، ونظر إليها ساسة موريتانيا ومدونوها من مناظير مختلفة، بين من يراها من منظار مقرب من الحكومة، “فتحا كبيرا لديبلوماسية الرئيس الغزواني”، ومن يراها عادية جدا وليست أمرا خارقا كبيرا.
وخصص الناني اشروقه الوزير الناطق باسم الحكومة وقتا من مؤتمره الصحافي الأسبوعي لزيارة لافروف، فقال “زيارة لافروف جاءت لتوطيد العلاقات التاريخية مع روسيا، ولتبادل الآراء حول بعض القضايا المشتركة، كالقمة الروسية الإفريقية وموضوع الأمن في الساحل والأزمة الأوكرانية”.
وأضاف “رئيس الجمهورية، عبر للوزير الروسي عن أهمية العلاقة بين بلادنا وروسيا، وناقش معه قضية أوكرانيا لانعكاساتها على الأمن الغذائي وضرورة حلها بصفة دائمة تخدم الجميع، كما أعرب له عن أهمية منظومة دول الساحل الخمس في حفظ السلام والأمن في المنطقة”.
وعلقت وكالة أنباء “الوئام”، المقربة من الحكومة على زيارة لافروف قائلة “لم تستقبل موريتانيا لافروف استقبال السيد الآمر الناهي، كما حدث معه في استقبالات أخرى ببعض بلدان الإقليم، وبذات الدرجة لم يعتذر النظام عن استقبال المسؤول الروسي لمحاباة الشعور الأوروبي الأمريكي الرافض لجولة رأس الدبلوماسية الروسية والساعي لإفشالها”.
“ورغم الموقف الموريتاني الراسخ في رفض انتهاك سيادة الدول واحتلال أراضيها بالقوة، ومن بينها أوكرانيا، تضيف وكالة الوئام، إلا أن النظام لم يجد حرجا في بحث التعاون مع دولة فاعلة على المسرح الدولي، لأن نواكشوط، في ظل حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لم تعد تستشير أحدا ولا تنتظر الإذن من أحد في مواقف الولاء والبراء من هذا الطرف أو ذاك”.
وتحت عنوان “لافروف في نواكشوط.. لماذا؟”، خصص الكاتب محمد عبد الله لحبيب رئيس سلطة الإشهار، ومدير المكتب الصحافي بالرئاسة الموريتانية سابقا، مقالا للإشادة بزيارة لافروف بدأه بقوله “لم تعد نواكشوط مجرد مدينة من الغرب الإفريقي نائمة على ضفاف المحيط الأطلسي، لا يؤمها إلا المستثمرون وأساطيل سفن الصيد؛ فقد أصبحت محطة ثابتة في كل جولات الشخصيات العالمية المهتمة بالمنطقة وأمنها، واقتصادها، وأصبحت واحدة من عواصم القرار في المنطقة”.
وقال “تمتلك بلادنا موقعا استراتيجيا استثنائيا؛ فهي البوابة الرابطة بين عالمين مختلفين، تمتلك تأثيرا واسعا في واحد منهما، ولديها مكانة محترمة في الآخر.. ومع مجيء الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نمى ذلك التأثير واعترفت به الدول الكبرى، لأنه أصبح مؤطرا برؤية استراتيجية تجمع بين المبدئية في النظر إلى القضايا، والعملية في معالجة الملفات”.
وزاد “لا يمكن لرأس الدبلوماسية الروسية أن يختم جولته في المنطقة دون النزول في نواكشوط واستنشاق جو المحيط الأطلسي مرتديا دراعة موريتانية، تعبيرا عن الاحتفاء بثقافتنا، وهي مجاملة دبلوماسية لافتة، من رجل خبر أساليب الدبلوماسية وتقاليدها في عصر الأزمات”.
وأضاف لحبيب “تحتاج بلادنا إلى خبرة الروس في زراعة القمح، وإدارة مشاريع الطاقة، وتحتاج روسيا إلى أسواق القارة الإفريقية التي تعد بلادنا واحدا من مفاتيحها، وتحتاج قارتنا إلى علاقة بالكبار تحكمها المبادئ والمصالح، تستفيد من خبرات وخيرات الدول الكبرى، بعيدا عن نيران صراعاتها”.
أما وزير الإعلام السابق محمد ولد أمين فقد نظر لزيارة لافروف من منظار آخر وذلك ما يتضح من خلال تدوينة له الأربعاء كتب فيها “روسيا ليست لديها الموارد، ولا الإمكانيات للقيام بدور كبير يشبه دور الاتحاد السوفياتي السابق، والذين يعولون عليها إنما يقومون بعملية مناورة إعلامية لتخفيف الضغط عليهم من الحليف والصديق الفرنسي الذي تعرقله التزاماته الحقوقية الباهظة وتضعه في مركز تنافسي أضعف مما كان عليه إزاء الحضور الروسي والصيني في المنطقة”.
وزير سابق يراها دقا لسمار آخر في نعش ديموقراطيات لابول
وقال “أعتقد أن فرنسا ستلبي نداء العقل، وستخفف من اهتماماتها الإنسانية لصالح سياسة براغماتية وفعالة، فالدول في نهاية المطاف دول ولا تكترث الا بمصالحها”.
وزاد “بالمختصر المفيد: زيارة لافروف تدق مسمارا إضافيا في نعش ديمقراطيات (لابول) وتعطي للحكام الأفارقة هامشا أكبر للمناورة، لكن روسيا تبقى روسيا، وفرنسا تبقى فرنسا”.
وعلق موقع “الفكر” الإخباري على الزيارة مؤكدا “أن وصول رئيس الدبلوماسية الروسية لموريتانيا وجولته الإفريقية عموما تأتي في سياق زمني خاص بالنسبة لروسيا التي أصبحت في مواجهة مفتوحة مع أوروبا والولايات المتحدة بعد أن وقعت في المستنقع الأوكراني”.
وأضاف “الزيارة تأتي في سياق تأكيد ما تصفه موسكو بالبحث جديا عن اتفاقات وعلاقات أمنية مع الدول الإفريقية، فيما ينحسر النفوذ الفرنسي والأمريكي في المنطقة”.
وأكد موقع “الفكر”، في تعليقه على زيارة لافروف “أن طموح روسيا والبحث عن موطأ قدم في القارة السمراء، والذي تعززه أرضية أصبحت تهتز تحت قدم فرنسا السيدة التقليدية لمعظم دول القارة، لن يجد آذانا صاغية أو مرحبة من القيادة الموريتانية”.
نواكشوط- “القدس العربي”: