الميثاق الجمهوري : قوبل بالرفض والاستغراب مع أن أطرافه تعتبره “فتحا مبينا”..

أحد, 24/09/2023 - 07:37

مع أن الجهات التي صاغت الميثاق السياسي بين الحكومة وحزبين يمثلان المعارضة التاريخية هما التكتل وقوى التقدم، واقترحته وأقنعت الرئيس الغزواني بقبوله تعتبره فتحا كبيرا، وترسيخا لجو التهدئة، فإن غالبية أحزاب المعارضة قابلت هذا الميثاق الذي وقع يوم الخميس وأبقاه موقعوه مفتوحا أمام الجميع، بالصمت والتحفظ، كما أن أحزابا موالية وذات ماض معارض، أكدت أنها غير معنية به لضيق نطاق التشاور الذي طُبِخَ فيه هذا الاتفاق.

ووصف حزب الإصلاح وهو من أكبر أحزاب الموالاة “الميثاق الجمهوري بأنه “يفتح باب الاحتمالات أمام المتغير المجهول إيذانا بانتكاسة تاريخية للمشروع الوطني”.

واعتبر الحزب في بيان له تحت عنوان: “رؤية سياسية”، أن “إعادة البحث في ملفات حقوق الانسان في راهن الحال ليس إلا محاولة لإحياء أزمة وطنية نجمت عن وضع سياسي سابق متجاوز”.

وأضاف “أن اجترار هذا الوضع السياسي اليوم لا يخدم غير التحريض السياسي لواقع التعدد العرقي والتعريض بجيشنا الشريف والاستهتار بتضحياته وتهديد السلم الأهلي والإضرار بالوحدة الوطنية”.

وأكد بيان مشترك بين أحزاب موالية، هي الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد، والرفاه، والبناء والتقدم، والمسار، والحراك الشبابي، والوحدة والتنمية والفضيلة، أن الوثيقة لم تراع الظرفية الإقليمية المشتعلة بالحروب والنزاعات العنصرية بالقدر اللازم من الحذر والابتعاد عن كل ما يثير شيئا من ذلك في موريتانيا، مشيرا “إلى “أن التوقيع على الوثيقة يقتضي الإقرار بالنتيجة قبل النقاش والحوار عكس الطريقة المعروفة في النقاشات والمحاورات وأساليب البحث بين الأطراف للوصول إلى آراء مشتركة”.

ومعلوم أن وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، الذي قاد هذه العملية التشاورية، فضل ضمانا لنجاحها، أن يتم التشاور حول الميثاق في نطاق ضيق لا يتجاوز ثلاثة أحزاب، هي الحزب الحاكم وحزبان معارضان عريقان، على أن يعرض على الأحزاب الباقية.

لكن خبراء الشأن السياسي الموريتاني يرون أن الميثاق لن يحظى بإجماع تام في المرحلة الأولى، إذ لن تقبل به المعارضة المتشددة كإسلاميي حزب التجمع وكتلة أمل موريتانيا وحركة “إيرا” والأحزاب المحسوبة على الأقليات العرقية والزنجية.

وتتابعت، السبت، في موريتانيا ردود فعل يطبعها الاستغراب والتحير، على الميثاق الإصلاحي السياسي الذي أمضته ليلة الجمعة، في حفل سياسي ضخم بالعاصمة نواكشوط، حكومة الرئيس الغزواني ممثلة بوزير الداخلية النافذ محمد أحمد ولد محمد الأمين ورؤساء أحزاب الإنصاف (الحاكم) وتكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم المهادنين للنظام.

وتُلي هذا العهد السياسي المثير، الذي سمي بـ”الميثاق الجمهوري”، أمام مئات السياسيين والإعلاميين والمنتخبين ورجال الدولة باللغة العربية، وتمت ترجمته إلى الفرنسية واللغات المحلية، ونص على إصلاحات تطال مجالات عديدة، بينها الحكامة والإدارة العمومية والاقتصاد والتنمية والحريات العامة وحقوق الإنسان والأمن.

وأكدت الأطراف المقترحة للميثاق “أن التوقيع عليه يأتي في سياق وطني حساس، يتطلب من كافة القوى الوطنية المسؤولة التصدّي للتصرفات الهادفة إلى جرّ البلاد إلى عدم الاستقرار، بل وحتّى إلى الفوضى”، مبرزة “تمسكها الراسخ بالمحافظة على استقرار وأمن البلد، من خلال إرساء نظام قوامه العدالة الاجتماعية، وسيادة القانون والتشبث بالمُثل الديمقراطية؛ وإرساء تنمية مستديمة”. وثمنت مقدمة الميثاق “جو الانفتاح والتهدئة الناجم عن تلاقي الإرادات بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والمعارضة، منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة سنة 2019″، لكنها انتقدت ما ألحقته انتخابات 13 مايو 2023 من تأثير سلبي على هذا الجو، حيث اتسمت جوانبها المتعلقة بالعمليات الانتخابية بوجود اختلالات ونواقص”، مشيرة “لحاجة المشهد السياسي الوطني لذلك الجو، الذي شكّل قطيعة جليّة مع نمط الحكم الذي كانت تتبعه السلطة السابقة في أسلوب تعاطيها مع المعارضة”.

وتحدثت مقدمة الميثاق “عن ضرورة إرساء توافق سياسي في موريتانيا بين النظام والمعارضة مراعاة لما يشهده محيط موريتانيا الجغرافي، من اضطرابات وعدم استقرار وانعدام للأمن، في سياق أزمة دولية حادة تتميز، على الخصوص، بظهور بوادر شبه حرب عالمية”.

ونص الميثاق على خارطة طريق تؤكد أن الأطراف السياسية قررت التغلب في هذا الظرف الدقيق على خلافاتها، خدمة للمصالح العليا للبلد، وتجنبا للمخاطر التي قد يتعرض لها جرّاء الانقسامات العقيمة والهدّامة بين مكونات الطبقة السياسية”.

وأوضحت الخارطة “أن الأطراف الموقعة على الميثاق تعتزم القيام، على وجه الاستعجال، بدراسة معمقة للمنظومة الانتخابية، وإذا اقتضى الحال الشروعَ في الإصلاحات المناسبة بما يعزز النظام الديمقراطي الموريتاني، بغية تجاوز الوضع المترتب عن الانتخابات الأخيرة وضمان تفادي أي خلاف انتخابي في المستقبل”.

وأعربت الأطراف عن وجود “إرادة مشتركة في إجراء الإصلاحات الأساسية الضرورية لصون الوحدة الوطنية وتعزيزها، وترسيخ قيم الديمقراطية ودولة القانون، بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد، والعمل على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين الذين يعانون جرّاء الأزمة”.

وأعلنت أطراف الميثاق في النقطة الخامسة “عن إبرام هذا الاتفاق لإرساء تفاهم سياسي، وطني، جمهوري وديمقراطي، يُدعى «الميثاق الجمهوري»، مفتوح أمام جميع الأحزاب السياسية الرّاغبة في الانضمام إليه، من أجل تنفيذ الإصلاحات المذكورة آنفا؛ مع الالتزام بالعمل على مختلف الأصعدة وبكافة الوسائل من أجل المُضي قدما بموريتانيا إلى المزيد من الوئام والوحدة والتماسك الاجتماعي، بغية تكريس الديمقراطية وتحقيق التنمية والازدهار”.

ونص الميثاق في مواده الأخيرة على تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذه، مؤلفة من الأطراف الموقعة عليه في غضون شهرين، كما لفت إلى أن باب التوقيع على الميثاق سيبقى مفتوحا أمام كل الأحزاب الراغبة في ذلك

نواكشوط- “القدس العربي”

جديد الأخبار