مفاجآت 2018 .. لا تصدق!

سبت, 30/12/2017 - 09:48

انتهينا، اتخذت القرار، غداً أرحل، أحزم حقائبي وأمشي إلى مغامرة جديدة، ومهنة أخرى بعيداً عن المآسي أو الترهات.

لن أكتب بعد اليوم عن موت أطفال وتشلع أشلاء صغار في سوريا، أو انفجار في كابول، أو أزمة جديدة تشعل لبنان، لن أقرأ أخبار ليبيا أو اليمن، أو أطالع مقالا أو خبرا بعنوان "مفاجآت لا تصدق"، أو بأحسن الأحوال "فيديو مروع أو خبر مذهل".

غداً، مع بداية ذاك اليوم، أعتزل "مهنة" تحولت إلى اجترار يومي إما لأخبار موت وانفجارات، أو لتفاهات "نجوم" على السوشيال الميديا، أو فضائح فنانات مغمورات يلهثن وراء شهرة وجدت على أرصفة الإسفاف، وعرض "اللحم".

ها هي السنة الجديدة تطل برأسها، تومئ لي "أبشري، لا مزيد من الموت هنا، ولا تصادم الأفكار وتناتشها، لا مكان للكراهية، ورفض الآخر".

تهمس في أذني وتؤكد: "لا تذابح، وهدر دماء، وتكفير بعد اليوم.. عالم جديد يفيض تسامحا وديمقراطية، بعيداً عن المحرمات".

مع 2018 ستسقط "التابوهات" في عالمنا العربي، ستسحق بالضربة القاضية، فيزدهر شرقنا، ويعج بواحات نقاشات فكرية دينية اجتماعية سياسية، دون إقصاء، كما في كافة المجتمعات الحضارية السليمة.

تشع في أفق السنة الجديدة صورة شرق تعافى، أنزل عن كاهله عبء تاريخ مثقل بالنزاعات والحروب، أقام ثورته على ذاته، وخطاباته المتعفنة الموروثة، المكررة من جيل إلى آخر، المجترة عبر الأزمان، وكأن العالم "يبرم ويدور" ونحن "سكانى" كما الموتى، أسرى معتقداتنا.

سيصدح صوت مفكر يجاهر أن له "إيمانه" الخاص، أو حتى "غير مؤمن" فلا تُستل السيوف لهدر دمه.

غداً، أصعد في الباص فلا أرى وجوها، بل كتباً تغطيها. لن يمسك ابني "الأيباد" أو الموبايل، ولن يتسمر زميلي أو مديري أمام الهاتف وأنا أخاطبه أو حتى صديقتي، كما لن أعير انتباهاً لخبر عاجل رن على هاتفي.

لن يحتجز صحافي في بلد عربي انتقد الرئيس، أو الحكومة أو أي مسؤول سياسي. لن يستدعى مواطن كتب "بوستا" على فيسبوك، أو يجر إلى المخفر "مثلي" مع فنانة رخيصة أحبت أن تستعرض مفاتنها في فيديو "سخيف" أثار غرائز مشاهديه.

في 2018سيقتنع المسيحي بنبوءة "النبي محمد" والعكس صحيح، دون تكاذب أو نفاق، أو أقلها سيعترف الطرفان ويتوافقان على أنهما متعارضان في الدين وتعاليمه وتفسيراته، وأن معتقداتهما "متعارضة"، إلا أن "الخلاف لا يفسد في الود قضية"، وأيضاً هذه المرة دون تكاذب ومحاباة!

سنطوي صفحة أكثر من 400 ألف قتيل في سوريا، بحسب تقارير بعض المنظمات الإنسانية، وحوالي مليوني جريح، وملايين النازحين. وتحتفل ليبيا بانتخابات سياسية، وتوحيد للسلطات، وجمع سلاح الميليشيات، وسيخفت "النفس الطائفي المشحون" الذي يهب مع كل أزمة سياسية في لبنان والعراق، ولن نرى بعد الآن "أنظمة دينية" تحكم دولاً وشعوباً.

وأكثر، سنعلن القدس عاصمة فلسطين الأبدية، ولربما إن حالفنا الحظ قد تلين إسرائيل وتتراجع، فتعيد الأرض لأصحابها.

هذا كله سيحدث ليلة رأس السنة، وأنا نائمة في سريري أرى "عالمي" برمته ينقلب رأساً على عقب وقد أسقطت كافة السلاسل، وأشاهد التافهين لم يعودوا نجوما والمتملقين في الصفوف الأمامية.

ثم أعي أنني أحلم.. وأن شيئاً مما قلته آنفاً لم ولن يتحقق..

وبعد، أعود إلى "غفوتي"، لأستيقظ صباحاً وأروح إلى نفس العمل، ونفس المكتب، وأكتب عن ذات الأحداث بتواريخ متغيرة.. مدركة أكثر فأكثر أن "لا جديد تحت شمس شرقنا" البائس، وأننا اعتدنا الخيبات حتى فارقتنا الأحلام!

يارا الأندري

alarabiya.net

جديد الأخبار