منزل أهل البوص: جوهرة تراثية في خطر

سبت, 21/12/2024 - 12:37

يقع منزل أهل البوص في قلب كنوال، ويجسد جزءًا ثمينًا من التراث المعماري والثقافي الموريتاني. هذا المبنى المشيد بالحجارة الجافة والمزين بأبواب خشبية تقليدية منقوشة بدقة يعكس براعة وحرفية السكان القدماء في المنطقة. ومع ذلك، فإن هذه البنية التاريخية تواجه اليوم خطر الاندثار، نتيجة لعوامل الزمن وغياب جهود الصيانة اللازمة.

خلال المعرض الذي نظمته “جمعية التراث في آدرار” (APA) بفندق أطار، لفتت صورة هذا المنزل انتباه الزوار. لكن حدث لبس في تقديم الصورة: إذ تم الخلط بين محمد ولد البوص الملقب “الننة”، وهو شخصية بارزة صُورت في فبراير 1953 بواسطة “P.ptentier” (المرجع: C.53.1105، محفوظات IFAN)، وبين شقيقه اعلي، الذي التقت به “ Odette du Pugaudeau ” و”Marion Senonses” في الثلاثينيات، وظهرت صورته في كتاب ذاكرة بلاد البيظان 1934-1960. يكشف هذا الخطأ عن أهمية توثيق هذه التفاصيل التاريخية بدقة لتجنب فقدان المعلومات القيمة أو إساءة تفسيرها.

تراث مهدد

كشفت زيارة حديثة لمنزل أهل البوص عن حالته الحالية: على الرغم من أن البنية الرئيسية صمدت أمام تقلبات الزمن، إلا أن العديد من الغرف أصبحت متهدمة. ولا تزال بوابة المنزل، التي انقلبت وأعيد توجيهها، تشهد على عظمة الهندسة المعمارية الأصلية. هذا المنزل، الذي بقي على حاله منذ نحو 75 عامًا، يُعد واحدًا من الأمثلة القليلة المتبقية على المسكن التقليدي في بلاد البيظان.

لكن، كما هو حال العديد من المعالم في آدرار، فإن هذا الكنز الثقافي مهدد بالاختفاء ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة للحفاظ عليه. ويسعى ورثة المنزل، الذين يدركون أهمية الحفاظ على هذا التراث، إلى إبقائه في حالته الأصلية، لكنهم بحاجة إلى الدعم لتحقيق ذلك.

تحويل الماضي إلى متحف حي

في العديد من البلدان، يتم تحويل المنازل العائلية التاريخية إلى متاحف تسرد تفاصيل الحياة اليومية وتقاليد السكان القدماء. فلماذا لا يُحوَّل منزل أهل البوص إلى متحف مخصص لتاريخ كنوال؟ يمكن أن يشمل هذا المشروع معارض عن الهندسة المعمارية التقليدية، والعادات المحلية، والتحولات الاجتماعية التي مرت بها المنطقة. لن تساهم هذه المبادرة في الحفاظ على التراث فحسب، بل ستُعزز أيضًا السياحة والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

علاوة على ذلك، يمكن أن يصبح المنزل ذاكرة حية تُعوض عن المباني التي اختفت بالفعل، مثل أول مدرسة داخلية في كنوال التي تلاشت من المشهد. ومن خلال هذا المشروع، يمكن للمجتمع المحلي تكريم ماضيه مع التطلع إلى المستقبل.

دعوة للتعبئة

يتطلب الحفاظ على منزل أهل البوص تعبئة جماعية. يجب أن تتضافر جهود الجمعيات المعنية بحماية التراث، والمجلس الجهوي، والبلدية، وحتى المؤسسات الدولية، لحماية هذا المعلم. إن ترميم هذا المنزل ودمجه في مشروع متحفي سيكون خطوة كبيرة نحو الاعتراف بقيمة التراث المعماري المحلي وتعزيزه.

إن منزل أهل البوص ليس مجرد بناء قديم؛ إنه شاهد حي على تاريخ وهوية آدرار.

لا تدعوا هذه الذاكرة الثمينة تضيع !

 

احمد محمود جمال احمدو

 

 

جديد الأخبار