موريتانيا: المعارضة تتظاهر بالمراجل الفارغة في الوقت الذي يعكف الحزب الحاكم في تصحيح مساره

ثلاثاء, 13/02/2018 - 10:24

 تستعد الساحة السياسية الموريتانية حاليا للدخول عما قريب، في معارك يتوقع أن تكون ساخنة بالنظر للانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة خلال العام الجاري وانتخابات الرئاسة المقررة منتصف العام المقبل، وبالنظر لاشتداد التجاذب بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومعارضيه.
وبينما واصلت المعارضة أمس تظاهراتها في الأحياء الشعبية داخل العاصمة بأسلوب حمل المراجل الفارغة احتجاجا على الغلاء، واصلت اللجنة التي كلفها الرئيس بإصلاح حزبه حزب الاتحاد، أشغالها استعدادا للمعارك السياسية المنتظرة.
وتضم اللجنة التي ينسق أعمالها وزير الدفاع جالو امادو باتيا، على الخصوص وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي، ووزير المعادن والنفط محمد ولد عبد الفتاح، ووزير التكوين المهني سيدنا عالي ولد محمد خونه، ووزيرة الإسكان آمال بنت مولود، والأمين العام لوزارة الداخلية محمد ولد اسويدات، وعمدة الزويرات الشيخ ولد بايه، ورئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم.
وتضاربت المواقف من تشكيل لجنة إصلاح الحزب الحاكم بين من يعتبرها ضرورة إصلاحية هامة، ومن يراها دليلا على خلل في صف الموالاة وبداية إعادة انتشار سياسية جديدة قد تغير معطيات الساحة ورجال النظام.
ويقول المدون المقرب من الموالاة إسماعيل ولد الرباني «لقيت لجنة إصلاح المسار السياسي، منذ إعلان تشكيلتها، ترحيبا واسعا وتجاوبا كبيرا من قبل المكتب التنفيذي للحزب والمجلس الوطني والأمناء الاتحاديين وكافة هيئاته القيادية ومنظماته الشبابية والنسائية، كما لاقت دعما قويا من طرف الفريق البرلماني والعمد وكافة المنتخبين». «واليوم، يضيف ولد الرباني، وبعد التحام قمة حزبية تقودها لجنة سامية بحجم التحديات والطموحات، بقاعدة تديرها الكفاءات الشبابية والنسائية، حانت لحظة فتح الانتساب أمام المواطنين الموريتانيين الراغبين في الالتحاق بركب الساعين لتطبيق برنامج الرئيس المؤسس للحزب، وهو ما سيجعل من حملة الانتساب المقبلة ثورة شعبية نوعية لحماية المكتسبات، والتطلع لمستقبل زاهر يضع فيه الشعب من يشاء في المكان الذي يريد، بعيدا عن مزايدات المحبطين والمتربصين».
أما الإعلامي أحمد محمد مصطفى رئيس تحرير وكالة «الأخبار» المستقلة، فقد أكد في تدوينة نالت اهتماما كبيرا من مختلف الأوساط «أن الساحة السياسية الموريتانية، توجد حاليا أمام إجراءات تشكيل حزب سياسي جديد، حتى ولو احتفظ بنفس الاسم «الاتحاد من أجل الجمهورية»».
وقال «كونت نواة هذا الحزب الصلبة في القصر الرئاسي، واختيرت جمعيته التأسيسية من أكثر من 300 عضو من أعضاء اللجان الفرعية، وتم تهميش هيئات الحزب التي كانت قائمة واقعيا (وليس قانونيا لأن مأموريتها انتهت منذ بداية 2014)، وانطلقت اللجنة التي يرأسها وزير الدفاع من أرضية جديدة، الضابط فيها هو الولاء للنظام بغض النظر عن الانتماء للحزب الحاكم من عدمه».
«أظهر ولد عبد العزيز، يقول المدون، خلال العقد المنتهي قدرة فائقة على المناورة، وعلى سبق خصومه بخطوات تضمن تفوقه الدائم عليهم، كما نحج في احتكار تفاصيل خططه حتى عمن يتصور أنهم أقرب مقربيه، فلا يعرف ما يريد ولد عبد العزيز أو يخطط له، على وجه الدقة، سوى ولد عبد العزيز».
وأضاف «تمكن ولد عبد العزيز، بجدارة خلال العقد الأخير، من التلاعب بالجميع، ومن تحويل الجميع (أقصد السياسيين) إلى «أدوات» لخدمة أجندته مع اختلاف في الأدوار والمحطات، وحجم التأثير والاستخدام». تشكل محطة 2019 إحدى آخر محطات مشاركته كلاعب «محترف» في الدوري السياسي في البلاد، ولا يتجاوز عدد المرشحين لأخذ مكانه في «التشكيلة» أصابع اليد الواحدة، كما أن «قواعد» اللعبة معرضة للخرق أو التغيير في أي لحظة، ولأكثر من سبب، ومن أكثر من طرف».
وإضافة لهذه التفاعلات السياسية وفي سياق متصل بها،اهتم عدد من كبار المحللين السياسيين بانتخابات 2019 والمعضلات التي تعترض التناوب الطبيعي العادي على السلطة بعد مغادرة الرئيس الحالي لكرسي الحكم منتصف السنة المقبلة حسب الدستور. ومن أهم ما نشر في هذا المضمار، تحليل للقيادي المعارض محمد الأمين ولد الفاضل الذي أكد في معالجة له «أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي يفترض خروجه من القصر الرئاسي منتصف العام القادم، ورغم أن موعد الخروج قد اقترب كثيرا، لم يهتد حتى الآن للطريقة الأنسب والأكثر أمانا للخروج من الرئاسة».
وقال «في العام 2016 حاول الرئيس الموريتاني أن يسلك طريق التمديد، فأعطى الضوء الأخضر لوزرائه ليطالبوا بالتمديد وبفتح المأموريات، وتم إطلاق المبادرات في هذا المجال، ولكن ذلك أدى إلى زيادة الضغط الداخلي والخارجي، الشيء الذي جعل الرئيس ولد عبد العزيز يضطر لأن يقول بلغة فصيحة وصريحة بأنه لن يعدل المادة المتعلقة بدورات الولاية الرئاسية فلم يكن من المعارضة إلا أن رحبت بذلك التعهد، ولم يكن من فرنسا وأمريكا إلا أن سارعتا لتوثيق ذلك التعهد، وذلك من خلال تقديم سفيريهما في نواكشوط لتهاني مكتوبة بمناسبة ذلك التعهد».
«لقد أدرك الرئيس الموريتاني، يضيف ولد الفاضل، بأن الصعود عبر سلم فتح المأموريات سيؤدي إلى أفق مسدود، وسيعطي كل المبررات لتشريع انقلاب عسكري ضده، هذا عن سلم فتح المأموريات، أما عن سرداب التوريث فإن الأمور لا تختلف كثيرا، فالرئيس محمد ولد عبد العزيز يعلم بأن الرئاسة لا يمكن تقاسمها، وبأنه عندما يتركها لأحد أركان نظامه، فإن أول شيء سيفعله الوريث هو أنه سيعمل على بسط نفوذه، وعلى الحد من نفوذ سلفه، مستفيدا بذلك من أخطاء الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي تأخر كثيرا في الأخذ بكامل سلطاته الرئاسية، الشيء الذي كلفه الخروج المبكر من السلطة عن طريق انقلاب عسكري».
وأضاف «يعلم الرئيس ولد عبد العزيز بأن الخروج من السلطة في العام 2019 سيكون مكلفا، وبأن البقاء فيها سيكون أكبر كلفة، ولذلك فهو لم يعد يعرف ماذا يفعل بالضبط، وسيزداد ارتباكه وضوحا كلما اقتربنا من منتصف العام 2019، موعد الخروج من الرئاسة، فالرئيس ولد عبد العزيز يفكر تارة في البقاء في السلطة عبر استخدام سلم التمديد وفتحعدد الولايات الرئاسية، وهذا في المجمل يعكس مستوى الارتباك الذي يعيشه الرئيس في آخر عام من مأموريته الأخيرة».
ويرى المحلل «أن باب الخروج الآمن من السلطة هو إتاحة الفرصة لانتخابات شفافة ولتناوب آمن على السلطة، هذا الطريق يحتاج إلى تهيئة الظروف، وإلى مصالحة وطنية، وإلى خلق أجواء توافقية تمكن من إجراء انتخابات شفافة يرضى الجميع بنتائجها، وحينها سيكون بإمكان الرئيس ولد عبد العزيز أن يخرج مرفوع الرأس من الباب الرئيسي للقصر الرئاسي، وحينها سيكون بإمكانه أن يسجل اسمه في سجل الأبطال، ولكن المشكلة هي أن الدكتاتوريين من الصعب جدا أن تكتب لهم خاتمة حسنة كتلك، ولذلك فنجدهم يصرون دائما على البقاء في السلطة، وإلى التمسك بها إلى آخر رمق، وذلك في انتظار إخراجهم منها بأبشع الطرق، وبأكثرها مأساوية»، حسب تعبير الفاضل.نواكشوط – « القدس العربي»:

نواكشوط – « القدس العربي»:

 

جديد الأخبار