قال خبراء ومحللون موريتانيون إن رفض الإخوان المشاركة في مسيرة، غدا الأربعاء، ضد خطابات التطرف والكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، يبرهن مجددًا على ارتباط التنظيم الإرهابي بتلك الخطابات.
وأعلنت السلطات الموريتانية عن تنظيم مسيرة وطنية موحدة، بحضور الرئيس محمد ولد عبد العزيز ضد التمييز والمساس بتماسك الشعب الموريتاني.
الإخوان في 2018.. فشل بموريتانيا وعزلة في تونس
وحسب بيان أصدرته السلطات الخميس الماضي فإن هذه المسيرة، تأتي للوقوف في وجه الخطابات المشحونة بالكراهية والتحريض على الفرقة، أيا كانت مصادرها، داعية التشكيلات السياسية المختلفة وهيئات المجتمع المدني للمشاركة فيها.
ولبت مختلف الأحزاب والكتل السياسية الموالية منها والمعارضة، الدعوة، فيما غرّد الإخوان خارج سرب الإجماع الوطني برفضهم المشاركة في هذه المسيرة، معبرين عن ذلك الموقف "النشاز" من خلال تدوينات لأبرز قادتهم: كرئيس مجلس شورى "تواصل" الإخواني، حمدي إبراهيم، ونائب رئيس الحزب، الشيخاني بيبه، وكذا رئيسه السابق جميل منصور.
رئيس الحزب الحاكم في موريتانيا سيدي محمد ولد محم ووزير الثقافة الناطق باسم الحكومة، غرّد منتقدا موقف المعارضة الراديكالية التي يهيمن عليها الإخوان من المسيرة قائلا: "رفضهم المشاركة في المسيرة دليل على صلتهم بخطابات التطرف والكراهية"، في إشارة إلى المواقف المعروفة للإخوان في إذكاء التطرف والنعرات العرقية.
الإخوان جزء من المشاكل
ورأى الكاتب والناشط السياسي الموريتاني عبدالله محمدو، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن غياب الإخوان عن مسيرة تجمع الطيف السياسي والشعبي "أمر متوقع"، معتبرا أنه "لا ينتظر منهم رفض ظاهرة هم أكبر محرض عليها"، في إشارة إلى خطابات التطرف والكراهية.
وأشار محمدو إلى أن مواقف قادة الإخوان ومنظري التيار في موريتانيا حول خطاب التطرف والعنصرية، ليست بالأمر الجديد، مضيفا: "هم معروفون تقليديا بالعمل على تأجيج مشاعر العنصرية، وركوب موجات التطرف مهما كان مصدرها".
وأوضح أن علاقات قادة التنظيم الإخواني مع رموز الحركات العنصرية والعرقية في البلاد، تثبت صلة الإخوان دوما بخطابات الكراهية والتمييز، التي انتشرت مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن أبرز الانشقاقات التي يعاني منها التنظيم بسبب مواقف قادته ومنظريه المتطرفة من قضايا الوحدة الوطنية.
وبين أن تنظيم الإخوان بات يفرض موقفه من بعض القضايا على جناح في المعارضة الموريتانية، مما جعل مواقف هذا الجناح تتسم دوما بالراديكالية والتشدد، على حد وصفه، في إشارة إلى موقف منتدى المعارضة الموريتانية من مسيرة الأربعاء.
وخلص الناشط السياسي والكاتب ولد محمدو إلى القول إن الإخوان والعنصريين المتطرفين في خندق واحد ضد غالبية الشغب الموريتاني الذي يرفض المساس بوحدته الوطنية، وينبذ التفرقة العرقية والاجتماعية، على أساس اللون أو الجنس.
المتطرفون ملة واحدة
أما الكاتب والإعلامي أحمد مولاي أمحمد الشنقيطي، فقد اعتبر في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن رفض الإخوان المشاركة في هذه المسيرة هو دليل على تخندقهم مع "الحركات العنصرية والشعبوية"، مذكرا بمواقف الإخوان المتماهية مع بعض التصرفات المثيرة لهذه الجماعات العنصرية المتطرفة.
وأشار إلى أن هذه المسيرة تشكل "ردا صارما" ضد دعاة الكراهية والعنصريين الذين يروجون لخطابات الكراهية والتمييز العنصري والعرقي في البلاد، مشيدا بالرعاية الرسمية لهذه المسيرة من خلال إشراف الحكومة عليها، والحضور الشخصي للرئيس ولد عبدالعزيز.
بدوره، ندد الكاتب والإعلامي عبدالله مولود ورئيس تيار سياسي صوفي موريتاني كان قد انشق عن حزب الإخوان سنة 2014، في تدوينة له على "فيسبوك"، برفض المعارضة الراديكالية المشاركة في المسيرة، معتبرا أنه لا تبرير لمقاطعتها مهما كانت خلفيتها والأهداف المتوخاة من ورائها.
من جانبه، اعتبر الكاتب والمستشار السابق برئاسة الجمهورية محمد الشيخ ولد سيدي محمد، في مقال له حول القضية، أن التحرك نحو المسيرة جاء ضد من وصفهم بالغلاة الذي قتلوا الجنود الموريتانيين، في إشارة إلى "الإرهابيين"، وضد دعاة "الرحيل"، في إشارة إلى "الإخوان"، مبينا أن المسيرة تشكل هزيمة لـ"فلول الكراهية والوشاية".
أما أستاذ علم الاجتماع بجامعة نواكشوط محمد ولد سيد أحمد فال فقال في مقابلة تلفزيونية، إنه من غير المقبول أن يترك البلد لدعاة الفتنة والكراهية، بل المسؤولية تقتضى منه التحرك لاحتواء أي خطر والوقوف فى وجه أي تهديد، منتقدا بشدة مقاطعة المعارضة الراديكالية لهذه المسيرة الوطنية الجامعة.
وكانت الحكومة الموريتانية توعدت، في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي مروجي خطاب الكراهية والتطرف، وتعهدت بملاحقتهم للحفاظ على أمن واستقرار البلاد، في إشارة إلى تنظيم الإخوان الإرهابي الذي يسعى إلى إثارة الفتن، عبر تأسيس منظمات على أساس عرقي عنصري.
وانتقد سيدي محمد ولد محم، وزير الثقافة الموريتاني الناطق باسم الحكومة، مروجي "خطاب الكراهية والعنصرية" دون أن يسميهم، موضحاً أن مثل هذه الخطابات أدت إلى ضياع وانهيار دول، في إشارة إلى الوضع الذي آلت إليه الدول التي مرت بما يسمى "الربيع العربي".
واعتبر الحزب الحاكم، في بيان أصدره بهذا المناسبة، أن هذه الخطابات كانت وراء الأوضاع التي شهدتها بعض الدول، التي "تضرر الجميع فيها بتبعات غياب الأمن وانهيار السلم، ودفع الكل دون استثناء ثمن تلك الفوضى والاضطرابات".
كما عاودت الجزيرة القطرية مجدداً استهداف موريتانيا، مساء الثلاثاء الماضي، من خلال برنامجها "بلا حدود"، الذي حاورت فيه القيادي المعارض ومرشح تنظيم الإخوان الإرهابية الفاشل للرئاسيات 2007 صالح ولد حننا، مركزة هجومها الجديد ضد موريتانيا على الموضوع العرقي والطبقي.
العين الإخبارية - إبراهيم طالب