موريتانيا: الرئيس يتملص من ترشيح غزواني

ثلاثاء, 05/03/2019 - 23:04

مع اقتراب موعد إيداع ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية الذي يحل منتصف إبريل/نيسان المقبل، يمر المشهد السياسي الموريتاني بحالة من الارتباك العام.

فقد تملص الرئيس محمد ولد عبد العزيز في تصريح مقتضب مساء الإثنين من أن يكون هو من رشح الجنرال غزواني للرئاسة قائلا “هو من رشح نفسه”.

وتلقف الحالمون بالتغيير هذا التصريح بارتياح لدلالته على أن الجنرال غزواني الذي أعلن ترشحه يوم الجمعة الماضي، ليس امتدادا لنظام ولد عبد العزيز، بل مترشح آخر قد يحقق لهم ما يصبون إليه من تغيير.

ومن مظاهر ارتباك المشهد، ما تمر به المعارضة من صعوبات بالغة في تسمية مرشحها الذي اتفقت على أنه سيكون موحدا وواحدا؛ والسبب، حسب ما أكده مصدر في المعارضة لـ”القدس العربي”، هو خلاف بين اتجاهين في المعارضة هما تكتل حزب القوى الديموقراطية بزعامة أحمد ولد داده، الرافض لترشيح أي شخص من خارج المعارضة، وحزب التجمع الوطني للإصلاح الإسلامي الذي يدعم ترشيحا من خارج قادة أحزاب المعارضة.

ويتزامن هذا الخلاف مع محدودية خيارات الترشيح المتاحة والتي لا تتجاوز شخصا واحدا مؤكدا من خارج المعارضة.

وبينما تتفاعل هذه التطورات وتزدحم الزعامات السياسية والقبلية على باب الجنرال غزواني بوصفه مرشح النظام ومرشح الجيش، انشغل المدونون بما يسمونه “وفاة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية أو (حزب الدولة)”.

فقد عقد الحزب مؤتمره الثاني يوم الثاني مارس الجاري لساعات قليلة، وأسفر عن تعيين لجنة لتسيير الحزب دون أن ينتخب هيئاته.

وأكد المدون المعارض محمد الأمين الفاضل”أن مؤتمر الحزب كان “مجرد إعلان مبكر عن وفاة سابقة لأوانها للحزب، ففي العادة، يقول الكاتب، لا تموت الأحزاب الحاكمة إلا بعد خروج الحاكم من القصر، أما في حالة الاتحاد من أجل الجمهورية فيبدو أن الوفاة ستسبق خروج الرئيس من القصر”.

فهل الذي عاشه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في يوم الثاني مارس 2019 كان “قتلا رحيما”، على طريقة ما يحدث في بعض دول الغرب التي شرَّعت القتل أو “الموت الرحيم”.

وأضاف “وداعا حزب الاتحاد؛ وداعا يا حزب المليون كذبة، عفوا يا حزب المليون منتسب، ولتعذرنا إذا لم نحزن على رحيلك، ولتعلم بأنه لا أحد سيحزن على رحيلك، حتى المليون والمائة ألف منتسب لن يحزنوا على رحيلك، فهم ينتظرون الآن ميلاد حزب الحاكم الجديد ليكونوا من أوائل المنتسبين إليه، على طريقة: مات الملك عاش الملك؛ مات حزب الحاكم عاش حزب الحاكم”.

وقال “هل تتذكر، يا حزب الاتحاد، وأنت تموت، أن رئيسك المستقيل أو المقال كان يقول بحماس في لقاءاته التلفزيونية بأن هيئاتك ستناقش ترشيح غزواني، وهل تعلم بأن الذي حدث بعد ذلك كان عكس ذلك تماما؟؛ قد ترشح غزواني دون أن يستشيرك يا حزب المليون كذبة، ولقد رفض أن تظهر لك أي لافتة خلال حفل ترشيحه، ولقد أصر على أن يكون موعد إعلان ترشيحه ساعات قبل انطلاق مؤتمرك الثاني والأخير، وذلك حتى لا يمنحك شرف السبق في الإعلان الشكلي لترشيحه”.

وتابع المدون تأبينه للحزب الحاكم “وأخيرا، هل تعلم، يا حزب الاتحاد، وأنت تموت، بأنهم قد استدعوا وفودا من الجزائر والمغرب وفلسطين والسنغال والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو والصين ليكونوا شهودا على موتك غير المشرف، ربما تكون هذه الوفود قد تم استدعاؤها على أساس أن هناك مؤتمرا حقيقيا سيعقد في يوم الثاني مارس 2019، وربما تكون تطورات ما حدثت من بعد ذلك الاستدعاء قد قلبت رأس المؤتمر على عقبه، وإلا فلا معنى لاستدعاء وفود من عدة دول لحضور مراسيم دفن حزب، كان حزبا حاكما في وقت سابق”.

وتابع الفاضل تحليله للوضع السياسي قائلا “لم يتحدث عن المعارضة بسوء، وغابت عبارات الشيطنة والتخوين عن الخطاب، بل على العكس من ذلك فقد ختم المترشح خطابه بإرسال رسالة إيجابية لكل الطيف السياسي، وقد تم صياغة تلك الرسالة بلغة قوية وأنيقة، فقد قال المترشح في ختام خطابه: “وسيجد الجميع مني آذانا صاغية وعقلا منفتحا وصدرا رحبا في التعاطي مع كل فكرة بناءة ورأي رصين فبكم يكتمل النجاح وكلكم يستطيع المشاركة من موقعه”.

وأكد الفاضل “أنه على المعارضة أن تدفع بمرشح قوي”، مبرزا أنه لا يرى لذلك من سبيل إلا بالأخذ بفكرة “القادة المتحدون” التي أعلن عنها تنظيم “من أجل موريتانيا” والقائمة على اختيار مجلس ينتخب من بين أعضائه مرشحا للرئاسة، أو بالالتفاف خلف المترشح سيدي محمد ولد بوبكر رئيس الوزراء الأسبق والذي سيبقى هو الخيار الأنسب للمعارضة في ظل وضعيتها الحالية، وفي ظل وجود المترشح غزواني الذي من الراجح بأن خطابه وطريقة إعلانه للترشح سيجعلانه يخسر جمهورا في فسطاط الموالاة ويكسب بدلا منه جمهورا في صفي المعارضة والأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني”.

وفي هذه الأثناء ينشغل كبار المدونين الذين باتوا القوة السياسية الفاعلة في الساحة المتجاوزة لأطرافها التقليديين، بمناقشة رهانات التغيير في استحقاق 2019 الأساسية، حيث حدد الإعلامي البارز أحمدو الوديعة القيادي في حزب التجمع المحسوب على جماعة الإخوان، هذه الرهانات في “تأمين المواد المحصنة من الدستور بخروج رئيس من القصر بقوة الدستور، وليس بقوة الدبابة، وفي التوافق على أسس برنامج انتقالي يسمح بإعادة تأسيس نظام سياسي عادل، معتز بتنوع هذه البلاد، ومناهض بصرامة وعزم لميراث العبودية والعنصرية والطبقية، والتهميش، والقتل خارج القانون أساسه المواطنة، وهدفه اسعاد الناس بمنظومة تنموية شاملة”.

وأضاف “من هذه الرهانات تمدين الحكم من خلال انتخاب رئيس مدني مع عودة العسكر إلى ثكناتهم والناس إلى خياراتهم ونهاية أربعينية التيه التي بدأت في العاشر من يوليو 1978، حتى ولو لم يكن هذا الرئيس المدني المنتخب من عمق المعارضة التاريخية؛ فخروج العسكر من القصر مكسب مهم للبلد في حاضره”.

وشدد الأستاذ الوديعة في تعداده للرهانات على “تحقيق التناوب الديمقراطي من خلال ايصال مرشح من عمق المعارضة للحكم مما يجسد صورة التناوب الديمقراطي المثلى، ويقضي على التصور المميت القائم على أن طريق القصر مسدود أمام كل معارض معلوم المعارضة.”

وقال “إن هذا الهدف وإن تأخر ترتيبا وتعذر تنزيلا، حري بأن يظل نصب الأعين، وفي نماذج الانتقال الديمقراطي المتسارعة جنوبا دليل على أنه ممكن التحقيق ولو بعد حين

عبد الله مولود

القدس العربي 

جديد الأخبار