باحث مصري يحذر من السعي للنمو عبر الاقتراض

أربعاء, 24/07/2019 - 20:02

حذر الباحث الاقتصادي المصري عمرو عدلي، في مقال نشرته وكالة بلومبرغ الأمريكية، الدول غير المصدرة للنفط من مخاطر السعي لتحقيق معدلات نمو عبر الاقتراض.

أبرز ما جاء في مقال عدلي:

بعد عشر سنوات من الأزمة المالية العالمية والاضطرابات السياسية المحلية، تمر العديد من الدول غير المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعملية إعادة تعريف لارتباطها بالاقتصاد العالمي.

هناك دول مثل مصر وتونس والمغرب والأردن أصبحت أكثر اعتمادا على الاقتراض الخارجي منها على الاستثمارات الأجنبية المباشرة مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية عام 2008.

هذا يتضح من انخفاض نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي، في مقابل زيادة نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي وإجمالي الصادرات.

النمو عبر الاقتراض بدلا من الاستثمار سيكون له تأثير سلبي طويل الأمد على قدرة هذه الدول على تنمية اقتصاداتها.

هذه الدول ستواجه صعوبة في الوفاء بالتزاماتهم الخارجية، ومن المرجح أنها ستفقد فرص جذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة لتحقيق النمو وخلق فرص العمل.

في هذه البلدان الأربعة شهدت الديون الخارجية قفزة واضحة.

في مصر، على سبيل المثال، تضاعفت نسبة الدين الخارجي إلى الدخل القومي الإجمالي أكثر من الضعف من 17٪ في عام 2010 إلى 36٪ في عام 2017.

كان التغير واضحا أيضا في تونس، حيث قفزت النسبة من 54٪ إلى 83٪.

في المغرب ارتفعت النسبة من 65٪ إلى 75٪، وفي الأردن ارتفعت من 29.6٪، إلى 47٪.

نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي الصادرات من السلع والخدمات والدخل الأولي شهدت تغيرا دراماتيكيا في البلدان الأربعة.

هذه النسبة تعد مؤشرا على قدرة هذه الاقتصادات على الوفاء بالتزاماتها الخارجية المتنامية.

بين عامي 2010 و2017 ارتفعت النسبة من 75٪ إلى 190٪ في مصر.

في تونس ارتفعت النسبة من 99.6٪ في 2010 إلى 178٪ في 2017.

في المغرب ارتفعت من 97.6٪ إلى 125٪ خلال نفس الفترة.

في الأردن ارتفعت من 125٪ إلى 198٪.

تجاوز التغير في كل الدول مقدار 77٪، وهو الحد الذي يقول البنك الدولي إن الدين الخارجي يكون عنده له تأثير سلبي على النمو.

رغم أن المستويات الإجمالية للمديونية الخارجية ليست مرتفعة بنفس المستوى الذي كانت عليه حتى في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينات من القرن العشرين، فإن المعدل الذي يرتفع به الاقتراض الخارجي مثير للقلق.

على النقيض من ذلك، انخفضت نسبة التدفقات الصافية للاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

كان للأزمة المالية العالمية عام 2008 وانكماش في التجارة العالمية نتيجة لها، وقع ثقيل على الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه الاقتصادات.

أعقب الأزمة اندلاع انتفاضات الربيع العربي والتي أطلقت ديناميات الحرب الأهلية، وشهدت حالات نزوح جماعي للسكان في عدد من الدول.

تأثرت مصر وتونس بشكل مباشر بهذه الثورات رغم أن أيا منهما لم يشهد حربا أهلية أو انهيارا للدولة.

كان المغرب والأردن أكثر استقرارا في الداخل، بل إن المغرب استطاع الاستفادة من الاضطرابات في تونس ومصر وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب الذين فروا من حالة عدم اليقين في البلدين.

رغم ذلك، فإن المغرب والأردن ليست لديهما المناعة في مواجهة السياقات الإقليمية والعالمية الأوسع نطاقا.

في حالة المغرب، أدى التباطؤ الاقتصادي الدولي والركود في منطقة اليورو إلى تفاقم العديد من نقاط الضعف المالية والاقتصادية الهيكلية في هذا البلد.

الاقتصاد الأردني تضرر من انخفاض أسعار النفط، حيث كان يعتمد على دعم الدول العربية الغنية بالنفط، كما تأثر بالأخطار الأمنية والسياسية المرتبطة بالحرب في سوريا والعراق.

الاستقرار السياسي النسبي في البلدان الأربعة خلال عامي 2014 و2015 لم يسمح لهم بالتعافي بشكل كامل مع التباطؤ الاقتصادي العالمي.

جعل ذلك من الصعب على هذه البلدان تحقيق نمو يقوده التصدير أو جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما تركها أمام الاقتراض الأجنبي باعتباره الخيار الوحيد القابل للتطبيق.

لهذا كانت الديون الخارجية وراء الكثير من الانتعاش الواضح، كما تظهر ذلك معدلات النمو.

كيف يمكن إصلاح هذا الوضع؟

في ظل المناخ العالمي الحالي، قد يكون من الصعب الاعتماد على توسيع الصادرات أو زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، لأن أسواق رأس المال الدولية غير مستقرة كما تشهد التجارة العالمية حالة من الانكماش.

بدلا من ذلك، ينبغي على الحكومات أن تستهدف الاستثمار المحلي في قطاعات الإسكان والإنشاءات، والتي يمكن أن تحقق نموا حقيقيا، وتخلق وظائف، وربما تقلل الاعتماد على بعض الواردات.

ينبغي أن تستفيد هذه البلدان أيضا بشكل أفضل من تدفقات رؤوس الأموال التي تلقتها طوال سنوات في شكل تحويلات مالية.

بدلا من توجيه هذه الأموال إلى قطاعات غير قابلة للتداول مثل العقارات، كما كان يحدث في كثير من الأحيان، ينبغي على هذه الدول أن تستخدم هذه الأموال في تمويل الاستثمار في قطاعات أكثر إنتاجية، يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إصلاح المشكلات المزمنة في ميزان المدفوعات.

ينبغي أن تعزز حكومات هذه البلدان أيضا الروابط الإقليمية التي ظلت موجودة في العالم العربي طوال عقود.

كانت هذه العلاقات عادة غير رسمية أكثر من كونها مؤسسية، ومحصورة في تدفقات العمالة ورؤوس الأموال أكثر من التجارة في السلع والخدمات.

هناك بالفعل جهود لتعزيز العلاقات السياسية مع الدول العربية الغنية بالنفط، وهو ما ظهر في تشكيل كتلة إقليمية مناهضة لإيران.

لكن هذه الجهود ينبغي أن تكون مصحوبة بالتكامل الإقليمي وفتح أسواق في الدول العربية الغنية بالنفط.

ربما تكون هناك فرصة أيضا لإضافة بعد إقليمي للخطط السعودية والإماراتية الرامية لتنويع مصادر الدخل في هذين البلدين، وذلك من خلال تنسيق تدفقات الاستثمار والتكنولوجيا ونقل المهارات في قطاعات مثل البتروكيماويات وخدمات التكنولوجيا.

هذه الإجراءات من شأنها تحقيق النمو وزيادة فرص العمل للدول الأفقر، كما يمكن في نفس الوقت أن تعزز الترتيبات الجيوسياسية الإقليمية.

الجزيرة مباشر

جديد الأخبار