المليونير المعارض محمد بوعماتو يعود إلى موريتانيا ويطالب بإرساء السلم والعدالة

أربعاء, 11/03/2020 - 11:13

أخيرا، وبعد عشر سنوات من الغربة والمطاردة الأمنية، عاد رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو، أكبر معارضي الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، أمس إلى نواكشوط، وسط استقبال شعبي واسع وحفاوة من رجال السياسة والشخصيات الدينية.
وتشكل عودة بوعماتو للساحة الموريتانية تحديا كبيرا للرئيس السابق، مع كونها تعتبر تطورا في المشهد السياسي الموريتاني، حسب تأكيدات المراقبين.
وفي كلمة تابعها الموريتانيون باهتمام، قدم بوعماتو شكره للرئيس الغزواني، مؤكدا “أنه اتخذ لدى تسلُّمه مقاليد الأمور موقفا شجاعا في مواجهة التشاؤم والتشكيك والتآمر، وخطا واثقا على درب إعادة وطننا الغالي إلى سكة دولة القانون والديمقراطية”.
وقال: “بفضل شجاعة وانفتاح الرئيس استعدنا تقدير إخوتنا العرب والأفارقة، واستعدنا كذلك كرامتنا واحترامنا على الصعيد الدولي كشعب وأمة”، مضيفا: “قد يبدو الأمر مجرد كلام، لكنه عينُ الحقيقة وشهادة لا لبس فيها من شخص لم يزده البُعد إلا انشغالا بصورة وطنه على المشهد الدولي، في ظل هذه القيادة الشجاعة، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يُعينَ شعبنا على التصالح مع ذاته، ويوفق رئيسنا محمد ولد الشيخ الغزواني في مسعاه لتحقيق المستقبل الأفضل لوطننا الحبيب”.

وقدم بوعماتو الشكر للقضاة الذين ألغوا متابعته القضائية، وقال: “الشكر الجزيل موصول أيضا لأولئك القضاة الأحرار وحُماة الحرية الذين تحلوا بالجرأة في إحقاق الحق وإنهاء التعسف، لقد أسسوا نموذجا يجب احتذاؤه، فمصداقية العدالة ضرورية وأساسية في دولة القانون التي يحلم بها شعبنا في تطلُّعه لبناء أمة ديمقراطية لها مؤسسات قوية وعلاقات تعاون مع جميع الشركاء”.
ويضيف المليونير بوعماتو: “إنني واثق، من أن التنمية المستدامة لبلدنا لا تتأتَّى إلا بالسلم مع الخارج والعدالة في الداخل، وأمنيتي الأعز لوطننا الكريم هي ألا نُلقي أبدا بأيّ من مواطنينا في سجن المنفى البغيض، لمجرد أنه مختلف أو يفكر بطريقة مختلفة، سامح الله المتواطئين، بدرجات متفاوتة، في الظلم الذي عانيتُه وعاناه الكثير من الموريتانيين الآخرين”.
وزاد: “في إطار ما أتْقنه أكثر، ستستمر جهودي للنهوض باقتصاد بلدنا، ولتحسين الظروف المعيشية لمواطنيه، فحتى، وأنا في المنفى، لم أتوقف عن خدمة بلدي، وأود في هذا المقام أن أشيد إشادة مستحقة بفريق مستشفى العيون التابع لمؤسسة بوعماتو على التفاني والالتزام، رغم المحن، في خدمة المرضى والأكثر عوَزاً على وجه الخصوص، وللأطباء وطاقم التمريض وجميع الموظفين التقنيين والإداريين أقول: شكراً لكم على الصمود ونكران الذات في مهمتكم الإنسانية رغم المضايقات والاستهداف”.
وواصل بوعماتو: “عليّ استدراكُ الوقت الضائع، فخلال سنوات المنفى العشر الطوال لم أعثر على ترياق لمحبة موريتانيا الغالية التي تتملكني وأتملكها، لقد عانيتُ كثيراً جراء اقتلاعي من أديم وطني، وسوف أجانب الحقيقة إن قلت إن الأمر لم يكن مؤلماً، ومهما كانت جراح المنفى عميقة ومؤلمة، فلا أظن أنني عانيت أكثر منكم، وكما قال المؤرخ والسياسي الفرنسي أدغار كيني المحكوم عليه بالنفي في ظل الإمبراطورية الثانية، فإن النفي الحقيقي لا يكون باقتلاعك من وطنك، وإنما بجعلك تعيش فيه دون أن تجد ما يحببك فيه، لهذا يصعب عليَّ وصفُ الوضع الذي كنتم تعيشونه داخل الوطن، فلنعمل معا لاستعادة ما يحبب إلينا وطننا، عندها لن يعرف أي موريتاني طريق المنفى بعد اليوم”.
ومنذ انتخابه في آب/ أغسطس الماضي يقوم الرئيس الموريتاني المنتخب محمد الشيخ الغزواني بخطوات هامة لتهدئة الساحة وإنصاف المظلومين وحل المشكلات التي ورثها من الرئيس السابق، تمهيدا لإرساء دولة القانون، حسب تأكيدات مقربين منه.
وبدأت حكومة الرئيس الموريتاني عند وصولها للسلطة خطوات نحو إعادة الاعتبار لرجل الأعمال الموريتاني محمد بوعماتو أكبر خصوم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
فقد قلّد رئيس الوزراء الموريتاني إسماعيل الشيخ سيديا الوطني المليونير بوعماتو بوسام الاستحقاق الوطني تقديرا لجهوده الكبرى في تنمية موريتانيا وازدهار اقتصادها، وسحبت منظمات غير حكومية موجهة من طرف الرئيس السابق شكوى كانت قد تقدمت بتدبير من النظام السابق، ضد رجل الأعمال بوعماتو أمام المحاكم الفرنسية، وهي الشكوى التي سببت لبوعماتو إحراجات كبيرة رغم كونها تهم ملفقة، حسب تأكيدات محاميه.
وكان رجل الأعمال بوعماتو قد وشح عام 2010 تقديرا لخدماته الجليلة للأمة، لكنه غادر البلد عام 2013 ليقيم في المغرب ثم في أوروبا معارضا شرساَ للرئيس السابق الذي استخدم، حسب المحامين، جميع الوسائل المتاحة بما فيها العدالة والعلاقات الخارجية للإضرار برجل الأعمال بوعماتو.
ورفضت الشرطة الدولية مذكرة توقيف أصدرها القضاء الموريتاني في ظل العهد الأسبق ضد بوعماتو باعتبارها “مذكرة مسيسة”.
وقد انتقل بوعماتو من الإقامة في المملكة المغربية للإقامة في بلجيكا بعد أن تأثرت علاقات موريتانيا والمغرب بإقامته في مراكش.

نواكشوط- “القدس العربي”:

جديد الأخبار