لا حديث في الأوساط الموريتانية إلا على المصير الصعب والمعلق للمرابطين في قمة مغاربية مثيرة وضاغطة على القلوب، ولا حديث إلا على القراءات الجوهرية لمعبر طريق الاسود بكافة السيناريوهات الممكنة لتأهل الأشقاء إلى النهائيات للمرة الثانية على التوالي، ولكن ربان المرابطين هو المعني بالشدائد التي تنتظره في نزال مختلف عن الذهاب، والمعني لوضع منتخب موريتانيا أمام إعصار المفاجأة المثيرة في سياق الفوز الذي يضعه أمام واقع نقطة إضافية بإفريقيا الوسطى، أو عكس المعادلة بالتعادل أمام المغرب والفوز ببانغي. صحيح أن نقطة التعادل التي انتزعها مارتينز من المغرب تساوي الذهب في مسار الإنطلاق، ولكنها اليوم تبدو مضاعفة بالثلاثة وبقتالية الروح لوضع الأسود في مفترق الطرق ولو كان هو المتصدر للمجموعة.
هكذا يؤمن المدرب مارتينز بقدرات الإطاحة بالأسود مهما تعددت صور القوى والمقارنات بين منتخبه والمغرب على كل المستويات، ولكن ما هو بديهي أن الرجل يفكر في نفسه أولا وعقده من منطلق التأهل بكل الطرق القتالية، وإلا سيكون مصيره معلقا بالزوال في حال ما إذا أقصي لأنه هو من خطط لسباق غير متكافئ في الإختيارات ونتائجها المعاكسة في موقعها الحالي كثاني المجموعة. وليس من الصعب أن تقرأ دماغ المدرب الخصم، لأن مثل هذه المباريات لا تحتاج إلى تفسير بحكم أن منتخب المرابطين ليس هو نفس المنتخب الذي واجهه الأسود في الذهاب أمام غيابات طارئة وعودة دوليين سابقين، كما أن منطق التنافسية ليس على ما يرام في نطاق المحترفين أمام تعدد الأندية الأقل من عادية وباستثناءات قليلة في حجم الحضور، وهو منطق صارم يقوم عليه أساسا مبدأ أي مدرب،
ولكن بالبطولة المحلية هناك تجاوب حضوري في البطولة إلى حدود الدورة الـ11من خلال وضع 10 لاعبين في كشكول المنتخب، وهذه النقاط ومع مبدإ الجدل القائم في موريتانيا حول اختيارات المدرب للاعبين أقل جاهزية على حساب لاعبين معروفين لم يتم استدعاءهم، تؤكد أن مصير منتخب المرابطين معلق أمام معادلات يصعب تحقيقها لانتزاع التأهل.
ولذلك فدماغ المدرب وإن استهلك اختياراته والإنتقادات الموجهة إليه، يسير في منحنى تفريغ مبدإ الصرامة، وتجميع اللاعبين على نزعة تشاركية بالذهنية المركزة على طابع النتيجة، وتجهيز خطة تكتيكية لمنتخب أقوى منه في كل شيء. ونتذكر كيف لهذا المدرب الشاب أن استهجن بلقاء الذهاب عندما انتزع نقطة من فم الأسد، وتباهى في الردود الفعلية والتصريحات المغالى فيها لكونه ربح نقطة من أرض المغرب، ويجد اليوم نفسه أمام حاجز منيع بعقر داره ومطلوب أن يفعل بالأسود مثلما فعله بالمغرب وأكثر من ذلك لانتزاع الفوز بموريتانيا.
والقصد من ذلك أن مصير هذا المدرب بيده أمام الأسود، فإن فاز، سيربح لغة الكلام والبقاء شريطة أن يتأهل بإفريقيا الوسطى، وإن خسر أو تعادل أمام المغرب، وتكسر ببانغي، أكيد أن للنتائج انعكاساتها في تقرير المصير. ولذلك يقرأ مارتينز مدرب موريتانيا سيناريو المكاشفة الحقيقية لاختياراته وتوازناته وكذا طرق البحث عن الفوز بأي ثمن حتى ولو كان على حساب أفراد يلعبون أقل من الأسود عالميا، ولكنهم سيلعبون بتعبئة مضاعفة وإنزال صلابة الرئة في الرقعة. هكذا اذن سيلعب مارتينز ذهنيا أولا، ولكن استراتيجيا، فهي صورة تتحدد وفق ما يميل اليه من عناصر مؤمن عليها في توظيف كل القنوات والمعابر التي سيمر منها إدراكا منه أن الظهير الأيسر المغربي سابقا كان هو المعضلة،
واليوم تغيرت الصورة لكون الخط الدفاعي به ملصقة صارمة التمشيط، ولذلك سيكون على مارتينز أن يقرأ من الجانب الآخر قدرات الأسود البنائية والهجومية، وسيحتار في الأمرين معا أمام قدر الفوز من وكيف سيكون أمام هذه الشراسة المغربية على مستوى المواقع. مساء التأهل،
وبعيدا عن قراءات المدرب مارتينز، يحضر وحيد خليلودزيتش بكامل اسطوله المختار، ويرى أن النقطة الوحيدة بيده لحسم التأهل قبل مكاشفة مباراة بوروندي بالمغرب، ولكن، ما هو بديهي أن الفوز يبقى من علامات النجاعة التي يريدها وحيد في رسم طريق الإنتصارات بالكشف التكتيكي الواضح واختيار الأدوات الممكنة لتحصيل التناغم والإنسجام الدائم، وما يبدو من قناعات ما هو حاضر، يعطينا قدر الإمكان ارتياحا على مستوى القاعدة الموسعة للأسود بين جديد قادم، وقديم غائب، وآخرين لإصابات وتنافسية قليلة، ولكن تبقى الرهانات هي الأساس لوضع النواة الاصلية في طابعها المعروف، ولو أنها تتعدد كل مرة بظهور وجوه جديدة وتتقيد بأسماء نعرفها جيدا على مستوى الحراسة وكل الخطوط على الرغم من غياب أسماء كثيرة, ومع ذلك، يظل الفريق الوطني سيد الأحداث. ويكفي أن نتأهل بموريتانيا على الرغم من التفاخر المبالغ فيه للمدرب الشاب مارتينز.
محمد فؤاد