المغرب.. الهيستيريا الدبلوماسية تطال جنوب إفريقيا بعد ألمانيا وإسبانيا وموريتانيا

أربعاء, 26/05/2021 - 10:24

تحولت الآلة الدبلوماسية العدائية للنظام الحاكم في المغرب خلال الأيام الأخيرة إلى دولة جنوب إفريقيا، بعد سلسلة أزمات دبلوماسية مع عدة دول أوروبية مثل ألمانيا وإسبانيا وطالت سابقا موريتانيا والجزائر بسبب مواقفها من قضية الصحراء الغربية.

وأفادت مصادر إعلامية مغربية رسمية، اليوم الثلاثاء، أن السفير الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة، عمر هلال، ندد في رسالة وجهها، الإثنين، إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، بـ”الدعم غير المشروط” لجنوب إفريقيا للدولة الصحراوية في نضالها التحرري ضد الاحتلال المغربي.

وتأتي رسالة الدبلوماسي المغربي على خلفية، رسالة نقلتها الممثلة الدائمة لجنوب إفريقيا، منتصف الشهر الجاري من جبهة البوليساريو إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، حول تدهور حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة.

ولم يتوان المغرب في رسالته، في توجيه الاتهامات إلى جنوب افريقيا، بسبب دعمها لحق للشعب الصحراوي في تقرير المصير، لتصفية اخر استعمار في القارة الأفريقية.

و يأتي هجوم المملكة المغربية على جنوب أفريقيا، أياما قليلة بعد تصريحات رئيس جنوب أفريقيا، زعيم حزب “المؤتمر الوطني الأفريقي” سيريل رامافوزا، التي أكد فيها، دعمه الثابت لحق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير، داعياً المجتمع الدولي إلى التعجيل بجهوده الرامية إلى حل النزاع في الصحراء الغربية.

كما أكدت جنوب أفريقيا على أن المملكة المغربية، وهي عضو في الاتحاد الأفريقي وبالتالي ملزمة باحترام الميثاق التأسيسي وقرارات الهيئة الأفريقية، لا تملك أي سيادة على الصحراء الغربية، وهو الموقف المعترف به في العديد من قرارات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وحكم محكمة العدل الدولية الصادر في عام 1975 و قبل جنوب افريقيا، شن المغرب “حملة عدائية هستيرية” ضد عدة دول ترافع لتطبيق القرارات الأممية في الصحراء الغربية، لإنهاء الصراع الذي يهدد الأمن و السلم العالميين.

المغرب.. “نجاحات” بوريطة تجلب أزمات مع 5 دول وعدة منظمات إقليمية

ويشيد الإعلام المقرب من القصر الملكي في المغرب بنجاحات دبلوماسية تاريخية حققتها الرباط خلال الأشهر الأخيرة، في ملف الصحراء الغربية، بعد تغريدة دونالد ترامب، تجلت في أزمات دبلوماسية متتالية مع عدة دول من مختلف القارات.
يعرف المغرب منذ مدة قصيرة سلسلة من الخلافات الدبلوماسية مع عدد من العواصم حيث كانت البداية مع برلين ثم مع مدريد وهذه المرة مع طهران على خلفية نزاع الصحراء الغربية التي تحتلها المملكة منذ عام 1975 بعد رحيل الاستعمار الاسباني.

وتقول وسائل إعلام مقربة من القصر الملكي المغربي (المخزن) إن ديبلوماسية بلادها حققت نجاحات باهرة خلال الأشهر الأخيرة أبرزها اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادة الرباط على الصحراء الغربية المحتلة في صفقة التطبيع.

لكن هذا الاعتراف سرعات ما تبخر مع وصول إدارة الرئيس الجديد جو بايدن إلى الحكم مطلع سنة 2021، حيث تلتزم الأخيرة صمتا إزاء تغريدة ترامب، وسط مؤشرات بتراجعها عن القرار بعد دعمها مخطط التسوية الأممي خلال الاجتماع الأخير لمجلس الأمن.

المغرب يطلب نجدة إيباك

وأمام هذه التطورات هرول وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة إلى مؤتمر اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة الأمريكية (إيباك)، لعرض خدمات بلاده في مجال التطبيع.

ووصل الحد ببوريطة إلى التعهد بأن “المغرب مخلص حتى النهاية في مساعي التطبيع ومستعد إلى الوصول بها إلى أبعد حد ممكن”، في إشارة إلى أن المخزن سيوفي بالتزامه في حال التزم هذا اللوبي بالضغط على إدارة بايدن لتزكية تغريدة ترامب.

لكن البارز في خرجة بوريطة ونظامه هو تزامن المؤتمر مع اعتداءات ضد الفلسطينيين في القدس والمسجد الأقصى هزت العالم الإسلامي لكن خارجية المغرب اكتفت في بيان لها بالدعوة إلى وقف العنف، علما إن المغرب هي رئيسة لجنة القدس.

وبعيدا عن ملف التطبيع، تعيش الدبلوماسية المغربية حالة “هيسيتيريا” غير مسبوقة، حيث حطمت الرقم القياسي في عدد الأزمات الدبلوماسية التي أثارتها في ظرف وجيز، وصلت حد استحداث بدعة مقاطعة نشاطات سفارة دولة أخرى لديها.

هيستيريا دبلوماسية

وكان واضحا من خلال هذه التحرشات بدول أخرى أو الألعاب النارية كما أسمتها الخارجية الصحراوية، إن نظام المخزن يريد تغيير طبيعة نزاع الصحراء الغربية من قضية تصفية استعمار مسجلة لدى الأمم المتحدة إلى خلاف حدودي او قضية مختلقة كما يروج له.

وتحاملت الخارجية المغربية ومعها وسائل إعلام محسوبة عليها وعلى القصر الملكي على عدة دول منها موريتانيا والجزائر والاتحادين الافريقي والأوروبي الى درجة محاولة التدخل في المسائل الداخلية لدول ديمقراطية عريقة مثل ألمانيا واسبانيا.

لكن هذه الأزمات كشفت حقيقة كانت خافية وهي الطابع العدواني للساسة والدبلوماسية المغربية، فبعد الجزائر طالت هذه الهجومات موريتانيا خلال الأسابيع الماضية بسبب استقبالها مبعوثا للرئيس الصحراوي علما أنها تعترف بالجمهورية الصحراوية وهذا قرار سيادي داخلي.

وكانت آخر الأزمات التي أثارتها الخارجية المغربية مع إيران، حيث اتهمها بوريطة أمام اللوبي المؤيد للصهيونية (إيباك) بـ”الرغبة في القيام بأنشطة لزعزعة الاستقرار في شمال إفريقيا”.
وكان واضحا إن استدعاء إيران في قضية الصحراء الغربية في هذا التوقيت، غير منطقي كون الملف الذي تحدث عنه وزير خارجية المخزن طوي قبل سنوات، وواضح إن الهدف هو ركوب موجة العداء لطهران في المنطقة والتي تعد جواز سفر رضا اللوبي الصهيوني.

وردا على هذه التصريحات قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ي سعيد خطيب زاده أمس السبت أن “الحكومة المغربية العاجزة عن حل مشاكلها الإقليمية عادت مرة أخرى لتوجيه الاتهامات الواهية التي لا أساس لها إلى الجمهورية الإسلامية، دعما للمشاريع الأمريكية والصهيونية وتهجما على الأنصار الأوفياء للقضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة .

وأعرب خطيب زادة عن أسفه لكون الحكومة المغربية التي تترأس حاليا (لجنة القدس) “تساهم في دعم أهداف أعداء الأمة الإسلامية من خلال صرف الأذهان عن القضية الأولى للعالم الإسلامي وهي مواجهة الاعتداءات الصهيونية على القدس، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في حين أن العالم الإسلامي هو اليوم أحوج الى الوحدة والتضامن “.

صفعة اسبانية جديدة 

أما مع إسبانيا فيبدو أن المغرب الذي يستخدم بدلا من ذلك بطاقة الهجرة غير الشرعية للضغط على هذا البلد للاعتراف بمطالبه غير المشروعة بالصحراء الغربية فقد اتخذ خطوة جديدة بعد دخول الرئيس الصحراوي الأمين العام لجبهة البوليساريو ابراهيم غالي إلى المستشفى في إسبانيا.

ووصل الأمر حد فتح الحدود مع اسبانيا أمام آلاف المهاجرين السريين المغاربة والأفارقة وأغلبهم من الأطفال والنساء، من أجل الضغط على مدريد وأوروبا لتغيير موقفهما من القضية الصحراوية، لكن الجانب الأوروبي رفض أي مساومة بورقة المهاجرين.
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد أعلنت في الأيام الأخيرة أن المحاكم الإسبانية باشرت إجراءات ضد الرئيس الصحراوي بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” وهي معلومة مغلوطة كذبتها المحكمة الاسبانية العليا في حين صرحت رئيسة الدبلوماسية الاسبانية ارانشا غونزاليز لايا الامين العام لجبهة البوليساريو من المفترض ان يغادر اسبانيا بعد انقضاء مدة علاجه في المستشفى.

وأشعل المخزن أيضا ازمة مع المانيا بسبب قضية الصحراء الغربية. ومنذ ان قرر المغرب تعليق كل اتصالاته مع السفارة الألمانية في الرباط في الفاتح مارس لم يصل البلدين لحد الآن الى تفاهم.

ألمانيا مندهشة

وردا منها على القرار الاخير للمغرب بسحب سفيره من السفارة المغربية في برلين عبرت وزارة الخارجية الالمانية عن تعجبها يوم الخميس 6 مايو معربة عن عدم علمها المسبق بالقرار الذي اتخذه المغرب.

وصرح مسؤول في الخارجية الالمانية قائلا “نحن متفاجئون من هذا الإجراء ونقوم بجهود بناءة مع الطرف المغربي بغية ايجاد حل”.

وبررت المملكة المغربية عبر خارجيتها قرار سحب سفيرتها بالعديد من الاسباب من بينها تحرك ألمانيا بعد اعتراف الرئيس الأمريكي السابق ترامب بسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية.

وتطرقت المانيا الى هذا الاعتراف الذي نال ادانة واسعة من طرف المجتمع الدولي في مجلس الامن الأممي حيث دعت الولايات المتحدة الى التصرف “وفق الشرعية الدولية”.

ويرى ممثل البوليساريو في اوروبا والاتحاد الأوروبي ابي بشرايا ان هذه “التصرفات غير المحسوبة من طرف المغرب تنم عن خيبته كونه يلفق في كل مرة القصص من اجل ايهام هذه الدول التي عبرت صراحة عن التزامها بالشرعية الدولية”.

وأضاف المسؤول نفسه أن “سياسة الكذب والابتزاز هي الثابت الوحيد في السياسة الخارجية المغربية”.

الشروق أونلاين

جديد الأخبار