كم تتحداهم يا جمال / بقلم حسن صبرا

اثنين, 27/09/2021 - 16:47

من بعدك مر ملوك ورؤساء وامراء ومشايخ و... إنطوت صفحاتهم بالرحيل وبعضهم ذبلت اوراقه وفاضت روائحه النتنة وهو في السلطة وبعضهم رحل بثورة واحدهم اباد شعباً بأكمله وفاضت روحه وعفنت وهو في كرسي الحكم ...

وانت وحدك يا جمال حياً في قلوب الناس كالاولياء والصديقين ما ان يذكر اسمك حتى تنفرج الاسارير وتستمطر شآبيب الرحمة على نفسك الطاهرة ...

اي سر زرعته في قلوب الناس حتى ترتجف كعاشقة عندما تلوح بيديك للعلا وتلمع عيناك بشراً وتبتسم نوراً واملاً لكأنك في جموع فلاحين توزع لهم ارضاً استرديتها من لصوص ، او صكوك ارباح لعمال انصفتهم من ظلم رأسماليين ، او واقفاً خطيباً من على شرفة قصر الضيافة في دمشق ...
أن نقول ان ما اصابك من حب الناس في حياتك هو رضا الله ورضا الوالدين ورضا الملايين عما ادخلته في نفوسهم من مشاعر الكرامة والعزة مع كل طلعة شمس ومع كل قرار انصاف وكل كسر لمستعمر ونجدة لساع الى الحرية ...

فهذا دأب الطبيعة مع من زرع فيها القطن وقطف ، والنخل وجمع ، والصحراء خضراء والنيل سداً وآلاف المصانع عامرة بملايين الصناع ونشر في تلافيف الادمغة خلايا الكرامة والإباء...

اما بعد غيابه منذ اكثر من نصف قرن وهو متربع بين الملايين كأنه ما زال حاكماً ( من الحكمة) من المحيط الى الخليج بالامل والحلم والفجر المنتظر فهذا تحد غير مسبوق لعشرات المنتشرين بينهما بأسماء مختلفة وتسميات متنوعة ، لذا يحاولون عبثاً اسدال ستائر النسيان على اسمه وصورته وصوته وانجازاته ، والناس مصممة على اطلاقها من دون ان تنتظر ذكرى رحيله في 28/سبتمبر ، وكل يوم عندها هو 23/يوليو  وذكرى تأميم القنال وذكرى الجمهورية العربية المتحدة ونجدة اليمن  وتحرير الجزائر   وبناء مصنع في الصباح ومدرسة بعد الظهر ومحو امية في الليل وبناء سد للأجيال وصرح ثقافي في كل قرية ...
    لم يمر انجاز صنعه جمال حتى لو كان إفراغ باخرة اسمها كليوباترا في مرفأ نيويورك من دون معركة مع اميركا .
 لم يمر يوم في عصر جمال من دون  محاولة طعنه في قرار من مستعمر او بخ من اذاعة او تضليل في جريدة او مؤامرة في الخفاء... كأنه كان العالم كله وقد تكالب عليه الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية وبعض البعث وكل الجماعات الاسلامية وبعض الشيوعيين وكل الحاقدين باسم الليبرالية .
لم يمر يوم منذ ان انقلب انور السادات على مصر من دون اصدار كتاب جديد ضد جمال ومقالات مدفوعة محاولة تشويه حذائه ... ولأجله كان المثل الشهير وهو: ان الناس لا ترشق الا الشجرة المثمرة ..
لم يستفق من في المغرب ومن في المشرق ودائمًا في مصر على فهم معارك الجماعات المتمسلمة ضد جمال الا بعد ان هزت هذه الجماعات سلطاتها واقتحمت مؤسساتها وبلغت الحلقوم في بث سمومها ، وليتها ادركت ان مخاطر هذه الجماعات كلها من صنع الحكام الذين تطاولوا على جمال وهو كان يدافع عن حاضر الامة ومستقبلها وهو رائد التنوير وحامل مشعله، صابراً صامداً والسهام تلاحقه بالغدر والتخلف والظلام ...

واليوم وبعد نصف قرن وعام على غياب بطل التنوير هزم مشعل جمال الظلام في السياسة وهو ليس مسؤولاً عن استمرار الظلام في الثقافة وهي مهمة اهل النور لطرده من مؤسسات التمسلم الرسمية في الازهر ومؤسسة الدين في السعودية   والمغرب والعراق وايران وباكستان وفي كل مكان عشعش فيه التخلف والجهل
 انها المعركة الكبرى الآن وهي التحدي نخوضه ومعنا جمال يوصينا بالاستنارة طريقاً وحيداً للتقدم

 

جديد الأخبار