حقق إعلام النظام المغربي شرف أول جهة تنقلب على مخرجات القمة العربية من خلال هجوم شرس على مونديال قطر الذي حظي بدعم عربي.
وبشكل غريب، هاجم موقع هسبرس المقرب من القصر الملكي المغربي مونديال قطر، وراح يجتر تقارير قديمة حول تجسس مزعوم للدوحة على مسؤولي فيفا.
ووقعت هذه الخرجة من النظام المغربي، في وقت مازال حبر “إعلان الجزائر” الذي توج القمة العربية لم يجف بعد.
وحقق مونديال قطر الذي بدأ العد التنازلي لانطلاقه، اجماعا بين القادة العرب على دعمه، بينهم ممثل النظام المغربي ناصر بوريطة.
وورد في إعلان الجزائر “مُساندة دولة قطر لاحتضان نهائيات كأس العالم FIFA قطر 2022، والثقة التامة في قدرتها على تنظيم نسخة مُتميزة لهذه التظاهرة العالمية.
كما شدد على”الرفض المُطلق لحملات التشويه والتشكيك المُغرضة التي تطال قطر”.
والغريب أن ممثل النظام المغربي وفور وصوله الرباط، بدأت معه حملات مهاجمة مونديال قطر، بشكل يؤكد أن حضوره القمة كان بهدف التشويش ومحاولة إحراج الجزائر دون التزام بالتوافقات والعهود وهي عادة نظامه منذ عقود.
القمة العربية.. غاب الملك وحضر ذباب النظام المغربي بقوة
بالتوازي مع المسار الرسمي لاجتماعات القمة العربية بالجزائر، والتحضيرات لها والتي دامت عدة أشهر، كان الحدث البارز على شبكات التواصل هو المرافقة الدقيقة، لما يسمى ذباب النظام المغربي وإعلامه لهذا الحدث منذ بدايته، لكن بأسلوبه الخاص.
في الوقت الذي كان الجانب الجزائري ومعه إدارة الجامعة العربية، في تحركات ماراتونية دامت عدة أشهر للتحضير للقمة العربية، تولى ما يسمى ذباب النظام المغربي مدعوما بوسائل إعلام مقربة من القصر، مهمة الترويج للحدث، لكن ببث الإشاعات وفبركة الأخبار وإغراق شبكات التواصل بحملات ضد هذا الاجتماع العربي.
وكانت البداية، مع مرافقة تحركات رسمية للنظام المغربي، من أجل إلغاء استضافة الجزائر للحدث العربي، قبل وخلال اجتماعات تحضيرية لوزراء الخارجية العرب، وإلى غاية اختتام القمة.
تغطية فريدة من نوعها للإعلام المغربي
وكانت تغطية إعلام النظام المغربي للحدث، فريدة من نوعها مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى، ودعمه في ذلك الذباب الإلكتروني، بنشر كل ما هو سلبي والتغاضي عن كل ما هو إيجابي.
وكان واضحا من خلال طريقة تعامل الإعلام والذباب مع الحدث، بداية بالترويج لإلغاء القمة بالجزائر، ووصولا إلى التقليل من حجم الحضور، أنه متناغم مع الموقف الرسمي في الرباط، فقد كانت الحملات متذبذبة تخف مع التسريبات حول مشاركة الملك، لتعود مجددا لضخ كم هائل من الدعاية والأكاذيب بمجرد التأكد من غيابه.
العرباوي: هكذا واجه الوفد الجزائري محاولات إفشال القمة العربية
وشهدت هذه الحملة، منحى تصاعديا مع انطلاق التحضيرات للقمة، ببث كم هائل من الإشاعات قد يمكن تفهم نشرها من قبل قطعان الذباب، لكن تبني وسائل الإعلام لها جعل منها توجها عاما يمثل الدولة المغربية.
وفي الوقت الذي كانت وسائل الإعلام العربية، تنقل أخبار التحضيرات للقمة، والمشاركين فيها، كانت هذه المنصات المغربية تترصد فقط أخبار الغيابات مدعومة بإشاعات وأخبار مفبركة، بشكل أظهر زيف بيانات وتصريحات رسمية للنظام المغربي حول دعم هذا الحدث العربي.
ووصلت هذه الحملات حد الترويج لتصريحات مزيفة للرئيس عبد المجيد تبون، وكذا فيديوهات قديمة لاحتجاجات ضد القمة وختمتها بنشر صور لمن قالت أنهم لاجؤون سوريون، تم ترحيلهم نحو النيجر، ليتبين أنها صور قديمة للاجئين حاولت الرباط ترحيلهم نحو الجزائر عام 2017 عبر الحدود البرية.
كما حرص النظام المغربي ألا يفوت هذا الحدث في الجزائر دون ترك بصمته في التشويش عليه، من خلال إرسال صحفيين لا يملكون اعتمادات تغطية القمة، ليس لأنهم يجهلون أبسط إجراءات تغطية حدث بهذا الحجم، وإنما كمحاولة لإحراج الجزائر كما حدث في ألعاب البحر المتوسط سابقا.
ومن بين مئات الإعلاميين من مختلف القارات، قاموا بالتسجيل عبر منصة إلكترونية فتحت لهذا الغرض لمدة فاقت الشهرين، وحصلوا على اعتمادات، اختار إعلاميون في المغرب مسلكا آخر هو التوجه مباشرة نحو الجزائر، لتغطية الحدث، لوضع السلطات أمام خيارين هما فرض الأمر الواقع بالدخول، أو الرجوع وإصدار بيانات وإطلاق حملة حول “طردهم” لإحراج المنظمين.
لعمامرة يُبطل “دعاية” سحرة القصر
وكان التوجه نفسه على المستوى الرسمي، بإثارة قضايا للتشويش على القمة، بداية بتسريبات يومية في وسائل إعلام محلية وحتى دولية، حول حضور الملك من عدمه، وذلك أسابيع قبل انطلاقه، ليتبين في النهاية أنها سيغيب عن القمة لأسباب لم تقنع أحدا.
كما تم الرويج لحضور وفد رسمي عن الجمهورية العربية الصحراوية، رغم علمهم بأن الأمر مجرد دعاية، كون الصحراء الغربية ليست عضوا في الجامعة العربية، لينتقل المشهد السنيمائي، إلى الحديث عن خريطة نشرتها قناة إعلامية لا علاقة لها بمنظمي القمة.
وعاد الجانب المغربي، إلى إثارة قضية البروتوكول، بدعوى أن وزير الخارجية ناصر بوريطة كانت له معاملة خاصة خلال الاستقبال، رغم أن كافة الوفود العربية على مستوى وزراء الخارجية، خصص لها نفس البروتوكول.
وكانت تصريحات لوزير الخارجية رمطان لعمامرة حول هذه “الحملات”، كافية لكشف حقيقتها، خاصة في قضية البروتوكول وأن غياب الملك قد يكون فرصة ضائعة للتحاور المباشر.
وتبين بعدها أن هذه التصريحات “زعزعت” القصر، إلى درجة أن وزير الخارجية ناصار بوريطة، ظهر وهو يتجول من وسيلة إعلامية إلى أخرى، من أجل تبرير الموقف الرسمي لبلاده، وإطلاق دعوة جديدة باسم الملك للحوار، بعد أن تم تضييع فرصة كانت في المتناول.
الشروق