تنديد بحوادث قتل المنقبين والمنمين الموريتانيين بالطائرات المسيرة في الشمال

خميس, 01/12/2022 - 01:01

 تواصلت الاثنين تنديدات الساسة والمدونين الموريتانيين بتكرار حوادث قتل المنمين والمنقبين التقليديين عن الذهب شمال موريتانيا بالطائرات المسيرة، مع استغراب لعدم اتخاذ إجراءات لإيقافها والتحقيق فيها لتحديد المسؤولية عنها، رغم خطورتها على أمن المنطقة ذات الحساسية البالغة.

فقد وصلت صباح الأحد الأخير إلى مدينة افديرك شمال موريتانيا جثامين ذكر موقع “الزويرات أنفو” الموريتاني الإخباري المستقل أنها “جثث ضحايا القصف المغربي بالأراضي الصحراوية”، مؤكدا “أن الضحايا هم محفوظ فادو، وأب ولد محمد المامي، وبي ولد اعبيد، وأن وكيل النيابة بولاية تيرس زمور تفقد جثامين الضحايا قبل أن توارى في مقبرة افديرك”.

 

حوادث متقاربة

وجاءت هذه الحادثة بعد عدة حوادث مماثلة تكررت خلال السنة الماضية آخرها حادثة وقعت يومين قبل الحادثة المذكورة، تعرضت خلالها بعض السيارات، حسب موقع “الزويرات أنفو” المهتم بأخبار المنطقة الحدودية بين موريتانيا والصحراء الغربية “لقصف جوي مغربي في الأراضي الصحراوية المتاخمة للحدود راح ضحيته ستة أشخاص بين المنمين والمنقبين”.

 

احتجاج نائب برلماني

وشدد النائب البرلماني الدكتور الصوفي ولد الشيباني وهو من حزب التجمع الوطني للإصلاح ذي المرجعية الإسلامية “على أنه لم يعد مقبولا السكوت على ما وصفه “بعمليات القتل المستمرة للمواطنين الموريتانيين في المناطق المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو”.

وقال النائب البرلماني في تصريح لوكالة “الأخبار” الموريتانية المستقلة “إن ما تؤكده المصادر المحلية في المناطق الشمالية هذه الأيام من استهداف مواطنينا بالهليكوبتر والمسيرات على مقربة من الحدود الشمالية، والذي راح ضحيته العديد من المواطنين منمين ومنقبين رحمهم الله وألهم ذويهم الصبر والسلوان، “أمر مدان ومستنكر السكوت عليه”.

 

ضغط على الحكومة

وتساءل ولد الشيباني وهو نائب سابق لرئيس البرلمان قائلا: “لماذا الاستهانة بأرواح مواطنينا الذين يقصفون بالطائرات بمجرد تجاوزهم حدود بلادنا؟ ألا تشفع علاقات الأخوة بين البلدين الشقيقين (المغرب وموريتانيا) لمواطنينا بمعاملة أخرى غير الاستهداف والقتل المباشر لمجرد تجاوزهم حدود بلادهم؟”.

وقال ولد الشيباني “إنه يدين بشدة ما يتعرض له المواطنون الموريتانيون من قتل واستهداف على مقربة من حدود البلاد الشمالية”، مطالبا “الحكومة بتحمل مسؤولياتها في حماية أرواح المواطنين والعمل على عدم تكرار هذه المعاملة المرفوضة في حقهم أينما كانوا”.

 

دعوة للاحتجاجات

وفي نفس السياق، أكد السياسي البارز إسماعيل الشيخ سيديا “أن قتل المواطنين الموريتانيين المدنيين؛ رعاة وتائهين ومنقبين عن الذهب السطحي في الصحراء الغربية، باستخدام طيران مسير معلوم المصدر؛ حدث مؤلم تكرر كثيرا وكثر ضحاياه”.

وأضاف إسماعيل وهو موالٍ للبوليساريو “وعلى مؤسساتنا الوطنية التي تتبنى الاستقلالية منهجا؛ وأخص بالذكر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والبرلمان الموريتاني، والآلية الوطنية لمنع التعذيب، وكذا نقابة المحامين والقضاة ومنظمات المجتمع المدني أن يحتجوا لدى ممثليات حقوق الإنسان والبعثات الأممية والدبلوماسية في نواكشوط؛ وعليهم أن يصدروا بيانات إدانة وشجب لهذا القتل المجاني”.

 

مطالبة بالدية المغلظة

وقال “على الحكومة أن تشجب وتستدعي وتطالب بالدية المغلظة وتحاسب القتلة وتطالب بالكف عن الجريمة المتواصلة”.

وزاد “أبناؤنا يتساقطون بدم بارد في مناطق التماس مع أرض الصحراء الغربية بسبب مسيرات معلومة الصوت والصورة والمصدر”.

وأضاف “والصور التي وصلتني من عين المكان لا يمكن أن يحقق فيها النظر سوى ذي قلب صلب لذلك أمتنع عن نشرها كلها، فالصاروخ الغادر الذي صوبته طائرة مسيرة إلى جوف السيارة؛ كان الضابط الذي يوجهها يرى بأم عينيه أنها مدنية وأن ركابها مدنيون وكان يستهدف إبادتهم بالدك دون سواه”.

 

موقف الصمت

وتتبنى السلطات الموريتانية موقف الصمت إزاء هذه الأحداث رغم أن ضحاياها هم مواطنوها، مكتفية بإنذار المنقبين عن الذهب من الاقتراب من المنطقة الحدودية الموريتانية الصحراوية.

ولم يصدر عن الجانب الموريتاني أي تعليق على هذه الحوادث المتكررة، ما عدا الحادثة التي وقعت في إبريل/ نيسان الماضي وقتل فيها مواطنان موريتانيان في منطقة تقع على الحدود مع الصحراء الغربية، والتي قالت وسائل إعلام إنّها نجمت عن قصف مغربي استهدف المنطقة الحدودية الواقعة بين موريتانيا والإقليم الذي تطالب جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر باستقلاله عن الرباط.

فقد علق الناطق باسم الحكومة الموريتانية على الحادثة قائلا “وفقاً لمعلوماتنا فقد قضى موريتانيان في الحادث الذي وقع خارج ترابنا الوطني”.

سباق نحو التسلح

وفيما تحدث هذه التطورات، تتحدث الأخبار عن توجه كل من المغرب والجزائر لسباق نحو التسلح وهو ما يشير لاستعداد كل طرف للأسوأ، بل للحرب التي يغذيها النزاع على الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة بوليساريو التي هددت مرات باستئناف القتال وإنهاء ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بينها مع المغرب وجبهة البوليساريو سنة 1991 والذي أنهى حربا امتدت لـ16 سنة، وخلفت أعدادا غير معروفة من الضحايا في صفوف الجانبين.

 

أسلحة إسرائيل والصين

وعن سباق التسلح، كشفت تقارير إعلامية سابقة عن نية المغرب اقتناء طائرات مسيرة، وأنظمة مضادة للصواريخ من إسرائيل.

وذكرت إذاعة “كان” الإسرائيلية في تناولها للزيارة التي قام بها وفد إسرائيلي الذي للمغرب في نوفمبر 2021، برئاسة وزير الدفاع الإسرائيلي عن اهتمام الطرفين بتعزيز التعاون العسكري على أعلى مستوى، واقتناء ترسانة عسكرية متطورة، إضافة إلى تكليف إسرائيل بتحديث بعض الطائرات المقاتلة في المملكة”.

وتم خلال الزيارة المذكورة توقيع مذكرة تفاهم غير مسبوقة في مجال الدفاع، بين المغرب وإسرائيل تشمل تبادل التجارب والخبرات، ونقل التكنولوجيا، والتكوين، وكذا التعاون في مجال الصناعة الدفاعية.

وبالنسبة للجزائر فقد ذكر صحيفة “لاراثون” الإسبانية في تقرير نشر في يناير الماضي “أن المؤسسة العسكرية بالجزائر شرعت في مُفاوضات مع الصين من أجل شراء 12 طائرة بدون طيار من طراز “CH-5 Rainbow” القتالية من شركة “CASC”.

 

إشعال حرب

ولعل ما يتخوف منه المراقبون المتابعون لهذا الشأن اليوم هو أن يؤدي تكرار حوادث قتل المنقبين والمنمين الموريتانيين بالطائرات المسيرة إلى نفاد صبر الطرف الموريتاني، وأن تتحول هذه الحوادث إلى عود ثقاب يشعل حربا قائمة أسبابها، وجاهزة أسلحتها، داخل منطقة الحدود بين موريتانيا والمغرب والصحراء الغربية، وهي المنطقة التي ازداد استقرارها هشاشة بعد قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب ووصول خلافهما لأعلى درجات التوتر.

 

“القدس العربي”

جديد الأخبار