لم يستجب الرئيس الغزواني، حتى اليوم، لمطالب نادي القضاة الموريتانيين المتعقلة بإقالة وزير الإسكان الموريتاني سيد أحمد ولد محمد، عقاباً له على تصريحات أدلى بها، قبل يومين، لشبكة أفروميديا الكندية، وتحدث فيها عن «عدم تنفيذ الحكومة للقرارات القضائية، وأنها تمارس الرقابة على أحكام القضاء: فتلغي منها ما تراه جائراً، فلا تطبقه».
وبدلاً من الإقالة، أكد الناني ولد اشروقه، وزير التجهيز والنقل، الناطق باسم الحكومة، في تصريح للوكالة الرسمية، أن «تصريحات وزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيد أحمد ولد محمد، مع أنها لا تكتسي طابعاً رسمياً، فقد أسيء فهمها، وأخرجت من سياقها لتستغل لغرض التأثير السلبي على السير المطرد والمتكامل لمؤسسات الدولة».
وأكد الوزير «أن الحكومة ملتزمة بالاحترام الكامل والتام للسلطة القضائية، وفق ما تمليه مبادئ فصل السلطات واستقلالية القضاء، طبقاً للمقتضيات الدستورية السامية، وقيم وثقافة الشعب الموريتاني النابعة من أحكام الشريعة الإسلامية، ومن تقاليده الراسخة».
وشدد الوزير ولد اشروقه، على أن «الحكومة بمقتضى ذلك ملتزمة بشكل قاطع باحترام جميع الأحكام والقرارات التي تصدر عن القضاء، وبوجوب تنفيذها بمجرد استيفائها للشروط القانونية اللازمة للتنفيذ، بما فيها استنفاد جميع مراحل الطعون، وذلك مهما كانت نتائجها».
وقال: «إن الحكومة تؤكد أن السلطة القضائية، بدرجاتها المختلفة، هي المختصة وحدها بتقييم أحكام وقرارات القضاء ومراجعتها، ولا يمكن للحكومة ولا لأي جهات أخرى التدخل في تقييم مخرجات العمل القضائي».
وسيراً على تعامل نادي القضاة مع قضية وزير الإسكان، وصف نقيب الهيئة الوطنية للمحامين الموريتانيين إبراهيم ولد أبتي حديثه عن الأحكام القضائية، بأنه «اعتداء في منتهى الخطورة على مكانة القرار القضائي».
وجدد نقيب المحامين، أكثر من مرة، خلال التصريح الذي خص به وكالة «الأخبار» المستقلة، مطالبته لوزير الإسكان سيد أحمد ولد محمد «بالاعتذار على وجه الاستعجال» عن تصريحاته، التي اعتبرها النقيب «في منتهى الخطورة».
وأكد النقيب «أن الدولة ملزمة بالتقيد واحترام كل القرارات القضائية شأنها في ذلك شأن المتقاضين، مطالباً الوزير «بالاعتذار السريع عن هذا التصريح».
وشدد ولد أبتي على أن «القضاء يعامل الدولة كطرف متقاض، وعلى كل الوزراء وكل المسؤولين أن يعوا هذه الحقيقة، وأن ويتعاملوا مع القضاء على أساسها».
وقال «إن الدولة الموريتانية تأمر، بموجب الصيغة التنفيذية، الجميع بمد يد المساعدة لتنفيذ القرار القضائي»، مبرزاً «أن الدستور الموريتاني مؤسس على فصل السلطات، وبالتالي فالسلطة التنفيذية ملزمة باحترام السلطة القضائية وباحترام القرارات القضائية تبعاً لذلك».
ولفت نقيب المحامين النظر إلى أن الدولة «لا يمكنها رفض تنفيذ حكم قضائي موضع تنفيذ، إلا في حالة وجود طعن ضد ذلك الحكم، وعندما لا يوجد طعن فهي ملزمة بالتنفيذ، وإلا تكون محل متابعة».
وطالب ولد أبتي «بإنشاء آلية فعالة تلزم الجميع بالتنفيذ الطوعي والفوري لكل قرار قضائي نافذ، وتمكن من مساءلة ومتابعة كل من يرفض تنفيذ قرار قضائي، وزيرا كان أو مسؤولا في السلطة التنفيذية، وحتى في القطاع الخاص».
وكان المكتب التنفيذي لنادي القضاة الموريتانيين قد طالب، في بيان أصدره الأربعاء، كلاً من الرئيس الغزواني والوزير الأول بإقالة وزير الإسكان فورا، لأن تصريحاته تسيء إلى الدولة وتشوه سمعة البلاد»، مؤكداً «أن إقالة هذا الوزير هي أقل ما يمكن فعله؛ انتصاراً للدستور ودولة القانون».
نواكشوط- «القدس العربي»: