
كشف حزب الإنصاف الحاكم في موريتانيا عن قائمة الأسماء لقيادة لوائحه الوطنية في الانتخابات التشريعية، والتي ضمت وجوها سياسية مخضرمة، فضلا عن حضور وازن لعناصر شبابية وأيضا نشطاء سابقين في صفوف المعارضة، أبرزهم النائب السابق عن حزب “تواصل” الإسلامي سعداني خيطور.
وتكتسي الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في الثالث عشر من مايو المقبل أهمية استثنائية بالنسبة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يرنو إلى ولاية رئاسية ثانية في الاستحقاق المنتظر أن يجري العام المقبل.
وتقول أوساط سياسية موريتانية إن الانتخابات التشريعية والمحلية المنتظرة هي بمثابة تصويت على إنجازات الشيخ الغزواني طيلة ولايته الرئاسية التي انطلقت في العام 2019، وأن هذه الانتخابات تشكل اختبارا للثقل الشعبي الحقيقي للرئيس وحزبه، وهو ما يفسر الاهتمام الاستثنائي بالاستحقاقين المقبلين.
وأعلن حزب الإنصاف ليل السبت – الأحد عن اختيار الفريق المتقاعد محمد ولد مكت لرئاسة اللائحة الوطنية المختلطة.
وولد مكت هو القائد السابق لأركان الجيوش الموريتانية، وسبق وأن خاض أدوارا سياسية خلال العشرية الأولى من القرن الحالي، وكان من بين الضباط الذين قادوا انقلابي 2005 و2008، وعمل مفتشا للقوات المسلحة عام 2008، ثم مديرا لمكتب الدراسات والتوثيق أو ما يعرف بالاستخبارات الخارجية عام 2012، قبل أن يشغل منصب المدير العام للأمن الوطني عام 2014.
رغم بعض الانشقاقات التي ضربت الحزب الحاكم خلال الفترة الماضية، إلا أن ذلك على ما يبدو لم يكن له تأثير كبير على الحزب
وتم مع وصول الرئيس الحالي إلى الحكم عام 2019، تعيينه قائدا عاما لأركان الجيوش الموريتانية، وهو المنصب الذي بقي فيه إلى حين إحالته على التقاعد نهاية عام 2021، ليتفرغ للشأن السياسي، وسط ترجيحات بأن يكون رئيس البرلمان المقبل.
وحلت في المرتبة الثانية من اللائحة الوطنية المختلطة سهام بنت محمد يحيى ناجم، وهي عضو في البرلمان السابق عن حزب الاتحاد الديمقراطي الوطني، بعد أن رشحها الحزب على رأس اللائحة الوطنية للنساء في انتخابات 2018.
وتحمل بنت محمد يحيى شهادة الماجستير في القانون الدولي، وقبل أن تخوض غمار العمل السياسي، تقلدت العديد من المناصب في شركة الأشغال والنقل والصيانة.
وجاء في المرتبة الثالثة المحامي المعروف محمد الأمين ولد أعمر، وهو عضو في البرلمان السابق عن مقاطعة المجرية، وسبق أن اختاره حزب الإنصاف ليقود كتلته البرلمانية خلال السنة الأخيرة من عمل البرلمان السابق.
وولد أعمر أحد المحامين البارزين، وسبق أن ترشح في عام 2020 لانتخابات نقيب المحامين الموريتانيين، وكان منافسا جديا للنقيب الحالي إبراهيم ولد أبتي، قبل أن يوقع المرشحان اتفاقا تنازل بموجبه ولد أعمر عن خوض الانتخابات.
وضمت القائمة المختلطة مريم بنت عمارو، الوافدة الجديدة على البرلمان، التي برز اسمها بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وكانت ترأست “كتلة الوفاق الوطني من أجل العدالة والتنمية”، والتي تقدم نفسها على أنها كتلة سياسية داعمة للرئيس ولد الشيخ الغزواني.
وتم ترشيح يوسف سيلا، وهو أحد السياسيين المخضرمين في منطقة الضفة، وتحديدا في مقاطعة امبود التي سبق أن كان العضو الممثل لها في مجلس الشيوخ قبل حله من طرف الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.
ووفق وكالة “صحراء ميديا”، كان سيلا من أعضاء مجلس الشيوخ الذين عارضوا بشدة التعديلات الدستورية عام 2017، ووصفها آنذاك بأنها “انقلاب دستوري” قاده ولد عبدالعزيز ضد الغرفة العليا في البرلمان.
وضمت القائمة أيضا شخصيات سياسية وبرلمانية كانت في السابق تنتمي إلى أحزاب المعارضة، لعل أبرزهم سعداني بنت خيطور، التي كانت في صفوف حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، قبل أن يجري فصلها في مايو الماضي من الحزب الذي يمثل الواجهة السياسية لجماعة الإخوان بسبب مواقفها.
وكانت البرلمانية الشابة شنت هجوما لاذعا على الشيخ محمد الحسن الددو، وهو أحد القياديين البارزين لجماعة الإخوان في موريتانيا، وانتقدت تجاهله لقضية العبودية والرق، رغم فتاواه الكثيرة.
كما انتقدت بنت خيطور القيادي في “تواصل” محمد غلام الحاج الشيخ، ووصفته بـ”المخنث”، وبأنه “عار على الحركة الإسلامية”، وردّ عليها النائب السابق بألفاظ نابية مطالبا بـ”التبرؤ منها”.
حزب الإنصاف نجح في استقطاب العديد من الوجوه المعارضة الشابة التي وجدت نفسها في بيئة سياسية جامدة، وتطمح إلى أن تجد وعاء سياسيا يفسح لها المجال للدفاع عن تصوراتها
وقبل أسابيع قررت بنت خيطور الانضمام إلى حزب الإنصاف الحاكم، ليظهر اسمها مساء السبت الثاني على اللائحة الوطنية للنساء التي أعلن عنها الحزب الحاكم، والتي جاءت في صدارتها الوزيرة السابقة فاطمة بنت حبيب.
ويرى مراقبون أن حزب الإنصاف نجح في استقطاب العديد من الوجوه المعارضة الشابة التي وجدت نفسها في بيئة سياسية جامدة، وتطمح إلى أن تجد وعاء سياسيا يفسح لها المجال للدفاع عن تصوراتها، كما هو الشأن مع بنت خيطور.
ويشير المراقبون إلى أنه رغم بعض الانشقاقات التي ضربت الحزب الحاكم خلال الفترة الماضية جراء تحفظات البعض على قائمة الترشيحات لخوض الانتخابات، لكن ذلك على ما يبدو لم يكن له تأثير كبير على الحزب، وسط ترجيحات تفيد بتصدر “الإنصاف” للاستحقاق المنتظر.
ويلفت المراقبون إلى أن من النقاط الإيجابية التي تضمنتها قائمة الحزب إلى جانب الحضور النسائي الهام، هي وجود وجوه شابة يأمل الحزب في أن تنجح في استقطاب فئة الشباب، كما أنه يأمل من ذلك في توجيه رسالة لهذه الفئة بأن أبواب الحزب مفتوحة أمامها.
وكانت اللائحة الوطنية للشباب قد ضمت وجوها غير معروفة، لم يتجاوز عمرها الخمس وثلاثين عاما، وكان ذلك شرطا تم الاتفاق عليه بين الأحزاب مسبقا.
وجاءت في صدارة اللائحة خديجة عبدالله وان، وهي غير معروفة في الأوساط السياسية، وبحسب ما هو منشور على صفحتها الشخصية على فيسبوك فهي من مواليد مدينة “بابابي”، في منطقة الضفة، وتقيم في مدينة الزويرات، عاصمة ولاية تيرس الزمور. ودرست عبدالله وان في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة سوسة بتونس، قبل أن تتخرج من جامعة مينوسوتا الأميركية عام 2018.
وتضمنت اللائحة أيضا الشيخ سيدي ولد خطري في المرتبة الثانية، وهو مهندس خريج الجامعات الجزائرية، ونجل البرلماني السابق عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لمقاطعة النعمة خطري ول جدو. كما ضمت أحمد فيه البركه باه، بالإضافة إلى جميلة بنت أدو ولد النهاه وهي ناشطة شابة في صفوف الحزب الحاكم، خريجة جامعة الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء المغربية من قسم أنظمة البيانات الجغرافية.
صحيفة العرب