قال الدكتور أسامة الأزهري، أحد علماء الأزهر الشريف ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، إن شخصية اليوم عن الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي، مؤكدًا أن مصر وموريتانيا بينهما روابط عديدة وبها الكثير من الود.
وأضاف الأزهري خلال برنامج "رجال صدقوا" المُذاع على قناة "DMC" أن الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي يعتبر علمًا كبيرًا من أعلام بلاده ويمثل نقطة مضيئة عند كل الساحات العلمية في القرن الماضي.
وتابع: "هو رجل عابر للبلدان نشأ في موريتانيا ثم أقام فترة في الحرمين الشريفين ومصر" مؤكدًا أنه عندما كان في مصر كان يُدرس في الأزهر الشريف في كلية أصول الدين حتى مات ودُفن في أرض مصر.
واستكمل: "الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي يمثل هدية من موريتانيا لمصر، تشرفنا باستقبالها ووهب عمره إلى أرض الكنانة مصر".
وأكد الأزهري أن الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي أحد العلماء الذين حفروا في وجدان الأزهريين، وكان زملائه يعتبرونه أستاذهم، مشيرًا إلى أنه عندما جاء إلى مصر نزل في قنا وكان يروي الأحاديث ويتحدث مع الناس في الفقه
من حياة قطب زمانه الشيخ العلامة محمد حبيب الله ولد ما يابى (صورة)
9 أيار (مايو) 2017 12:20
الشيخ محمد حبيب الله بن الشيخ سيدي عبدالله بن أحمد مايابي يعتبر تاج العلماء في عصره ومجدد العلم في زمانه وأبرز علماء الحديث الذين عاصروه وهو مع ذلك كله حاز الرئاسة في علوم كثيرة فما من علم إلا قد طرق بابه وحاز فضله ولبابه، فكان علامة محدثا ماهرا في علم القراءات وتوجيهاتها وله اليد الطولى في علم النحو والصرف حافظا لجميع المتون والمعارف ومن ذلك انه كان يحفظ الصحيحين بأسانيدهما ومتونهما .
ويعد العلامة الموريتاني الشيخ محمد حبيب الله بن مايابي الشنقيطي أحد أبرز العلماء الموريتانيين الذين مروا على الأزهر الشريف، ليعيش في مصر عدة سنوات منتجا العشرات من الكتب التي تشهد بجهده العلمي في المغرب العربي.
ولد الشيخ محمد حبيب الله بن الشيخ سيدي عبدالله بن أحمد مايابي بن عبدالله بن محمد الطالب الشنقيطي الجكني سنة 1295هـ في قرية “تِكْيَه” التي تقع الآن في ولاية الحوض الغربي من موريتانيا، ونشأ في أسرة لها عناية بالعلم، فتعلم القرآن الكريم وتعلم رسمه وحفظه على يد الشيخ محمد الأمين الجكني وذلك برواية ورش عن نافع، ثم لازم الشيخ أحمد بن الهادي اللمتوني فقرأ عليه في النحو والصرف والبلاغة والعروض والقوافي وكثير من كتب الفقه المالكي.
وصوله إلى مصر
لم تكن الرحلة سهلة، إذ بدأ الشيخ هجرته من موريتانيا عقب استيلاء الفرنسيين عليها، فقصد بلاد المغرب ليعيش بكنف سلطانها مولاي عبدالحفيظ، قبل أن ينتقل إلى المدينة المنورة في الحجاز، ثم راح بعدها إلى القدس ومدينة الخليل في فلسطين وقصد بعدها مكة المكرمة، لتكون محطته الأخيرة في مصر بعد تعرضه لمضايقات تلاميذ محمد بن عبدالوهاب في مكة، ليكون محط التبجيل في مصر ويعمل مدرسا لأصول الدين في الأزهر ومحاضرا في مسجد الإمام الحسين، ليصبح بعد ذلك موردا لطلبة العلم يأخذ منه كل طالب معرفة، ويعيش في مصر في راحة وسعادة لم تعطلها إلا أشواق العودة إلى المدينة المنورة ومجاورة النبي فيها.
ذكريات مع مشايخ الأزهر
يتحدث الشيخ السلوادي عن ذكرياته مع كبار مشايخ الأزهر مثل الشيخ محمود شلتوت، والمراغي ومحمد عبده وغيرهم والشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي، لكن اللافت أن جانب الإعجاب العلمي فى ذكرياته مع أولئك المشايخ كان من نصيب الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي، إذ قال إنه داوم على حضور دروس الإمام محمد حبيب الله الشنقيطي في مسجد سيدنا الحسين، وتحديدا في شهر رمضان من كل عام، وقد روى عن تلك الآيام فيقول في ذلك “وجلست في حلقة درسه، وكان الحاضرون كثيرين جدا، ومما أثار انتباهي ودهشتي أنه يكثر في الحاضرين على هذا الشيخ الجليل كبار الأساتذة والعلماء في الأزهر والجامعة المصرية كما كانت تسمى ذلك الحين، ودار العلوم وكبار العلماء في المجمع اللغوي وسائر المعاهد ومن بلاد بعيدة”.
ويصفه الشيخ محمد عبدالله بن عبدالله آل رشيد بأنه “كان آية في حفظ المتون واستحضارها عند التدريس والإفتاء، سريع النظم كل وقته بين المطالعة والكتابة”.
بينما يصفه الدكتور عبدالله دراز في كتابه من كنوز السنة بقوله “أستاذنا الكبير القارئ المحدث الأصولي الفقيه الأديب الجامع بين أسانيد المشارقة والمغاربة الشَّيْخ محمد حبيب الشنقيطي”.
هاجر إلى مكة المكرمة التي تجبى إليها الثمرات ومن هذه الثمرات العلماء الأعلام الذين أخذ عنهم وأخذوا عنه وتحلق طلاب العلم حوله ووفدوا إليه من كل فج عميق ليغترفوا من فيضه ويروا من علمه الكثير ليفيؤوا إلى بلادهم في مختلف أرجاء العالم وقد نهلوا من علوم الشريعة الإسلامية فكان مولعا في جميع حياته بالعلم تعلما وتعليما ودراسة وتصنيفا حتى تصدر علماء الحرمين الشريفين وصار صدرا من صدور علماء الحجاز يشار إليه بالبنان.
كما تصدر بعد رحلته إلى مصر واستقراره بها علماء الأزهر الشريف فأصبح في مصر علامة رمزا من رموز علماء الحديث واختاروا له أن يكون مدرسا في كلية الدعوة وأصول الدين بالأزهر الشريف شهد الناس بسعة علمه وقوة حافظته وجرأته في الحق واعتبره المصريون في عصره هو الذي انتهت إليه رئاسة الحديث وعلم القراءات في البلاد المصرية وكان في مصر هو النموذج الأمثل لعلماء المحاضر الشنقيطية التي عرف عنها في المشرق الإسلامي أنها خرجت أجيالا من العلماء الحفاظ الذين يحملون العلم معهم في الحل والترحال صدورهم خزائن لكل ما طالعوه أو درسوه فهو بحق جدير بحمل رسالة المحاظر الشنقيطية إلى البلاد المشرقية