سلسلة بحوث فقهية معاصرة ج2/ أحكام الزيت المتنجس . . تأليف الأستاذ والباحث محمد الأمين باباه محمد محمود .

ثلاثاء, 02/01/2018 - 11:24

 

   
  
بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة بحوث فقهية معاصرة :
البحث الثاني : 

تأليف : الأستاذ والباحث : محمد الأمين باباه محمد محمود .

 الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين.. سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحابته الغر الميامين أفضل الصلاة وأتم التسليم، 
وبعد فإن الله تعالى جعل الشريعة الإسلامية نبراسا للعباد يضيء الطريق أمامهم ليكونوا على بصيرة من أمرهم في عباداتهم ومعاملاتهم ، ولذلك فإن من أهم مايشغل به المسلم نفسه معرفة الأحكام والتمييز بين  الحلال والحرام وكان من أهم تلك المسائل الفرعية التي أردت تبيين معرفة حكم الله فيها مسألة الخلاف في الزيت المتنجس والتي هي موضوع هذا البحث ، وقد تناولت الحديث عنها  وفقا للمنهجية التالية:

المقدمة 
المطلب الأول: تطهير الزيت المتنجس وجواز الانتفاع به
الفرع الأول: تطهيره
 الفرع الثاني: جواز الانتفاع به 
المطلب الثاني: حكم بيعه 
الفرع الأول: المانعون لبيعه
الفرع الثاني: القائلون بالجواز
الفرع الثالث: مناقشة الأدلة وبيان الأرجح منها 
الخاتمة .

 

المطلب الأول: تطهير الزيت المتنجس وجواز الانتفاع به: 
وسنتحدث فيه من خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول: تطهيره: 
   اختلف في تطهير الزيت على مذهبين: 
    المذهب الأول : مذهب الجمهور: ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم تطهير الزيت المتنجس باعتباره مائعا لا يقبل التطهير، وعليه درج خليل في مختصره (ولا يطهر) أي لا يقبل التطهير (زيت) وما في معناه من جميع الأدهان (خولط) بنجس ، والخلاف حول الادهان دون غيرها لأن الماء يخالطها ثم ينفصل عنها بخلاف غيرها فإنه يمازجها ولا ينعزل عنها فلا تطهر اتفاقا اهـ وهذا هو المشهور في المذهب وعن اللخمي: أن النجاسة إذا كانت دهنية لاتقبل التطهير  وحكى الحطاب عن البرزلي أن ابن بشير قال: المشهور في الزيت أنه لا يطهر وبهذا أفتى الصائغ والمازري اهـ  وفيه ـ يعني الحطاب ـ أربعة أقوال عن ابن عرفة في الزيت المخلوط بالنجس، وإن طالت إقامة الفأرة حتى خرج منها دهنية فلا يطهر قاله اللخمي، وفرق بين النجاسة الدهنية والعضوية  وجاء في الفقه على المذاهب الأربعة اتفاق الحنابلة والمالكيين بالقول بأن المائعات لا تقبل التطهير  وفي المغني ما مفاده أن النجاسة إذا وقعت في غير الماء إن كان مائعا ينجس، ولا يطهر غير الماء من المائعات، وفي مسند أحمد عن أبي هريرة سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تموت في السمن فقال (إن كان جامدا فالقوه وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه)  وفي الشرح الكبير على متن المقنع ثلاث روايات في نجاسة المائعات التي وقعت فيها نجاسة، الأولى: تتنجس مطلقا لحديث المسند المتقدم وهو الصحيح، والثانية: كالماء إذا بلغ القليتن لا ينجسه إلا ما يغيره وهذا محل نظر، الثالثة: أن الخل التمري يدفع النجاسة لكون الغالب فيه الماء ، وفي المجموع للنووي: المشهور من مذهبنا أنه ـ يعني الزيت ـ لا يمكن تطهيره ولا يصح بيعه، وبه قال مالك وأحمد وجماهير العلماء ، وفيه أيضا القول بالتفصيل بين ما خالطه ودك الميتة من الادهان وما لم تخالطه، فالأول لا يطهر مطلقا، والثاني يطهر، وخص الزيت المتنجس بالمجاورة لكنه انتهى إلى القرار بعدم طهارة الادهان جميعا وهو مذهب جمهور الشافعية وبه قال الطبري  وفي الحاوي للماوردي ما يؤيده ، هذا ما يمكن أن نشير به إلى مذهب الجمهور القائل بعدم قبول الادهان للتطهير باعتبارها مائعات يعسر حرز النجاسة عنها وخاصة الزيت الذي هو عمدة الخلاف 
المذهب الثاني: وهو مذهب الأحناف ورواية عن مالك : 
لأن الأحناف يرون أن المائعات تقبل التطهير بالماء كما في الفقه على المذاهب الأربعة للجزري   فقد ذكر جواز تطهير الزيت بخلاف العسل والسمن  ثم إن ضابط الأحناف هنا هو الانتفاع، فالزيت إذا خالط ودك ميتة أو شحم خنزير لا يضره ذالك ما دام هو الأكثر كما في المبسوط للشيباني  والمراد من اختلاط الزيت والودك عندهم، هو اختلاط أجزائهما، فلو كان الاختلاط في الأواني لأجازوا أكله، قاله ابن عابدين  بالإضافة إلى كونهم يخالفون الجمهور في تكييف نجاسة الزيت نفسه، فهم يعتبرون موت الفأرة في الزيت من باب المجاورة ، فنجاسته كنجاسة الثوب يمكن تطهيره  فالزيت غير محرم العين عندهم،خلافا للجمهور،ومما يستأنس به هنا أيضا رواية ابن يونس عن مالك وهي جواز غسل الزيت المتنجس وبه أفتى ابن اللباد كما في المواق  وغيره كالدسوقي ، فقد ذكر أن الزيت يمكن غسله وهي رواية عن مالك، 
     وعلى العموم فيمكن أن نلخص الخلاف في الرجوع إلى ما بني عليه أصالة، الزيت إذا خالطته النجاسة، هل نجاسته نجاسة عين أو نجاسة مجاورة؟ فالقائلون بأن نجاسته نجاسة عين اعتمدوا المنع كالجمهور، والقائلون بالمجاورة اعتمدوا الجواز كالاحناف ورواية ابن يونس عن  مالك، وهذا ما نبه عليه ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد .
              
 الفرع الثاني: جواز الانتفاع به :
    اتفق المذاهب بالجملة على جواز الاستصباح بالزيت النجس في غير المسجد فالمالكية يجيزونه مع التحفظ من دخانه كما في البيان والتحصيل  عن سحنون، وهذا هو مذهب مالك بدليل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الميتة: «ألا انتفعتم بجلدها» فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما حرم أكلها»   وتبعه أصحابه حاشا ابن الماجشون الذي لا يرى الانتفاع به باعتبار حكمه حكم الميتة، لحديث (أمر ألا يستمتع من الميتة بإهاب ولاعصب) والأول أصح  وفي التاج والإكليل ما يؤكد الجواز ، هذا بالنسبة للمالكية، أما الأحناف فكانوا أوسع شيئا ما في الانتفاع بالزيت المتنجس ففي البحر الرائق شرح كنز الدقائق مسألة الانتفاع بالزيت إذا اختلط بودك الميتة، جاز الاستصباح به ودبغ جلد ثم غسله  مستدلين بحديث الفأرة تقع في السمن قال "اطرحوها واطرحوا ما كان حولها إن كان جامدا وإن كان مائعا فانتفعوا منه ولا تأكلوه"  وفي المعتصر من المختصر ذكر أن هذا الحديث الذي هو دليل على استباحة الاستصباح بالزيت المتنجس لا يتعارض مع حديث جابر الوارد في تحريم الميتة والخنزير والأصنام ، فهذا يتحدث عن تحريم الميتة والخنزير ونجاسة عينهما المقتضية لتحريم الانتفاع بشحومها لأنه لا يجوز الانتفاع بمحرم، بخلاف الحديث الأول فيتعلق بالسمن المتنجس وهو غير محرم الانتفاع، كما هو الحال في الأعيان النجسة ، فعلى هذا يتبين مدى توسع الأحناف في قضية الانتفاع بالزيت النجس دون تحفظ كما تقدم ، والمشهور عند الشافعية الانتفاع به وتطلى به الدواب كما في اللباب على الفقه الشافعي ، وفي المجموع للنووي صحة هذا القول عن الإمام الشافعي، وقطع به العراقيون ، وفي الحاوي للماوردي من يخالف هذا التوجه، كالطبري وقوم من أصحاب الحديث، ويحرمون الانتفاع به من استصباح وغيره، واحتجاجهم على هذا هو أمره صلى الله عليه وسلم بإراقته، ولكن الأصح ما استدل به جمهور الشافعية قوله صلى الله عليه وسلم (فانتفعوا بِه، ولا تأْكلوه) ، وللحنابلة روايتان في هذا الباب في الاستصباح بالزيت، كما في الكافي في فقه الإمام أحمد، فقد جاء فيه عدم جواز الانتفاع به، لشبهه بشحم الميتة، وجواز الانتفاع به، المقتضي لجواز بيعه  كما سيأتي في محله، وفي الفروع وتصحيح الفروع قول للزركشي، يرجح رواية جواز الانتفاع به ، وفي المغني رواية عدم الجواز عن الإمام أحمد، وهي مذهب ابن المنذر، ولكن الأقوى عند ابن قدامة الجواز في الاستصباح وطلاء السفن ، وعلى كل فالحنابلة في مقابل المالكية في التحفظ من دخان نجاسة الزيت عند الاستصباح به، بناء على نجاسة عينه عندهم وفي المذهب  الشافعي ذكروا أقوالا في نجاسة دخانه انظر الحاوي ، 

واعتمادا على إثبات جواز الانتفاع به يمكن إجمال المسألة في ثلاثة أقسام: القسم الاول: ما ورد النص بإباحته  وهو الاستصباح به كما تقدم من الأحاديث  ويبقى الخلاف منحصر في دخانه
والقسم الثاني: ما ورد النص بالنهي عنه هو أن تطلى به السفن والمراكب "روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم  - أنه نهى أن تطلى السفن بشحوم الميتة"وحكم شحوم الميتة والزيت النجس سواء في جواز الاستصباح بهما، فكان سواء في المنع من إطلاء السفن بهما"، على حد تعبير الماوردي ،
والقسم الثالث: وهو المرسل لم يرد فيه نهي ولا أمر
وبالجملة فيمكن أن نقول إن الجمهور متفق على جواز الانتفاع بالزيت المتنجس في الاستصباح في غير المسجد وإن كان ثمت آراء تخالف هذا التوجه كما هو الحال عند ابن الماجشون والطبري وقوم الحديث ورواية عن أحمد وابن المنذر، وسنبين ذلك في فيما يلي إن شاء الله تعلى .
 المطلب الثاني: حكم بيعه : إن العلماء اختلفوا في بيعه على قولين نتناولهما في الفروع التالية:
الفرع الأول: المانعون لبيعه: ذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء إلى عدم جواز بيعه وذلك باعتبار أن نجاسته عندهم عينية كما مر،.
واستدلوا بما يلي:
1 ــ بعدم إمكانية طهارته كما تقدم
   2 ـ   حديث جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام»، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: «لا، هو حرام»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «قاتل الله اليهود، إن الله  لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه» رواه البخاري 
وهذا الحديث هو عمدة الباب وقد علق عليه ابن بطال بقوله أجمعت الأمة على أنه لا يجوز بيع الميتة والأصنام، لأنه لا يحل الانتفاع بهما، فوضع الثمن فيهما إضاعة المال، وقد نهى النبى عن إضاعة المال... إلى أن يقول:  إن جوابه عليه السلام ـ يقصد السائل ـ كان عن مسألة بيع الشحوم، لا عن دهن الجلود والسفن، وإنما سأله عن بيع ذلك إذ ظنه جائزًا من أجل ما فيه من المنافع، كما جاز بيع الحمر الأهلية لما فيها من المنافع وإن حرم أكلها، فظن أن شحوم الميتة كذلك، يحل بيعها وشراؤها وإن حرم أكلها، فأخبره عليه السلام أن ذلك ليس كالذى ظن، وأن بيعها حرام وثمنها حرام إذ كانت نجسة .
   3 ــ  بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله إذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم ثمنه ).
4 ـ حديث بن عباس عن ميمونة: أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «ألقوها وما حولها وكلوه» 
5 ــ وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم  - عن السمن تقع فيه الفأرة، فقال: " إن كان جامدا، فألقوها، وما حولها، وإن كان ذائبا فأريقوه  ".
وهنا يدل الأمر بإراقته، على عدم جوازبيعه لأنه لو جاز بيعه لم يأمر بإضاعته،
الفرع الثاني: القائلون بالجواز: ذهب أبو حنيفة وبعض أصحابه والليث بن سعد إلى القول بجواز بيعه وقيل بأن أبا حنيفة يشترط جواز البيع  بالتبيين حيث نقل ابن رشد في بداية المجتهد عن القائلين بجواز بيع الزيت المتنجس  قال : ( وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه إذا بيّن وبه قال ابن وهب من أصحاب مالك.   ) 
نلاحظ أن أبا حنيفة أباح هذا البيع بشرط التبيين فنقول ما معنى بيّن ؟ 
الجواب أن يقول البائع  للمشتري : أن هذا الزيت متنجس ؛ والعلة  في هذا أن الزيت يؤكل ويدّهن به قال- صلي الله عليه وسلم - في الحديث  : (( كلوا الزيت وادّهنوا ، فإنه من شجرة مباركة  )) فلو أخذه، وهو متنجس ، فهنا من الممكن أن يدهن به فيتنجس أو يأكله وهو متنجس ، ومعلوم أنه لا يجوز أكل المتنجس ، ومن هنا قال أصحاب هذا القول : شرط جواز بيعه إذا بيّن البائع للمشتري أنه متنجس . 
وكذلك نقل هذاا القول عن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم  كما قال ابن رشد: ورووا عن علي، وابن عباس، وابن عمر أنهم أجازوا بيع الزيت النجس ليستصبح به 
واستدل هؤلاء بالحجج التالية:
1 ـ  أنه إذا كان في الشيء أكثر من منفعة واحدة  وحرم منه واحدة من تلك المنافع أنه ليس يلزمه أن يحرم منه سائر المنافع، ولا سيما إذا كانت الحاجة إلى المنفعة غير المحرمة كالحاجة إلى المحرمة، وأنه لما كانت هناك منافع سوي الأكل جاز البيع. 
2 ـ أنه لما جاز الانتفاع به كالإستصباح  وغيره جاز بيعه
    3 ـ  القياس حيث قاسوا بيعه على بيع الثوب النجس وهذا الوجه خرجه ابن سريج  من بيع الثوب النجس،
حيث قالو يصحُّ البيع ؛ لأن النجاسة هذه يمكن إزالتها فليست هي المؤثرة في بيع الثوب ، وليس من بيع النجاسات ؛ لأن العين طاهرة ، هذا طبعا على القول بأن الزيت يمكن تطهيره بالطبخ وبالغسل، فحينئذ يكون من باع زيتاً متنجساً، فإنه كمن باع ثوباً متنجساً، وكما أنه يأخذ الثوب ويغسل فكذلك يغسل الزيت كما ذكرنا سابقا ،
الفرع الثالث: مناقشة الأدلة وبيان الأرجح منها :
أولاــ مناقشة أدلة المجيزين:
1 ــ ننبه إلى أن خلال مطالعتنا لإعداد هذا البحث لم نجد من العلماء من ناقش هذا الدليل وذلك طبعا لقصورنا وجهلنا المركب  لكن ــ والله تعالي أعلم ــ يمكن أن يناقش بأن المقصد الأساسي من الزيت هو الأكل وإذ انتفى الحكم الذي هو جواز الأكل فمن باب أولى عدم اعتبار المنافع الأخرى ومنع بيعه.
2 ــ  واعترض على دليلهم الثاني بأن جواز الاستصباح به  لا يلزم منه جواز البيع كما أنه يجوز إطعام الميتة للجوارح ولا يجوز بيعها .
3 ــ وأجيب عن دليلهم الثالث من وجهين:
أحدهما: أن عين الثوب طاهرة، ونجاسته مجاورة، فتميز عنها، وعين الزيت قد تنجس؛ لامتزاج النجاسة به، وإنها لا تتميز عنه كما لم تتميز عن الخل، واللبن.
والثاني: أن أكثر منافع الناس بالزيت، قد ذهبت بنجاسته؛ لأن مقصوده الأكل، وأكثر منافع الثوب باقية بعد نجاسته؛ لبقاء أكثر منافعه ، ولم يجز بيع الزيت النجس، لذهاب أكثر منافعه، أو لا ترى أن الميتة، وإن جاز الانتفاع بها للمضطر لا يجوز بيعها؛ لذهاب أكثر منافعها، ولو أذيب شحمها جاز الانتفاع به، وإن لم يجز بيعه.
ثانيا: مناقشة أدلة المانعين: نلاحظ هنا أن أدلة هذا القول لم ترد عليها اعتراضات من قبل خصومها، لما تتسم به من صحة المعنى وصريح العبارة، كما تمتاز بالكثرة والشمول وورود المحل على المدلول ، كما أن أدلة المجيزين لا ترقى إلى درجة التنافس لكون أغلبها عقليا،  وليس نقليا ولهذا يترجح القول بمنع بيعه بناء على ما سبق  .
الخاتمة: في نهاية هذا البحث نخرج بثلاث نقاط رئيسية :
النقطة الأولى: اختلاف العلماء في طهارته على قولين، فذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم تطهيره باعتباره مائعا لا يقبل التطهير، و ذهب الأحناف ـ وهي رواية عن مالك ـ إلى أن المائعات تقبل التطهير بالماء لأن الضابط عندهم هو الانتفاع، فالزيت إذا خالط ودك ميتة أو شحم خنزير لا يضره ذلك ما دام هو الأكثر كما تقدم
النقطة الثانية :اتفاق العلماء على جواز الإنتفاع بالزيت المتنجس ـ في غير المسجدـ من حيث العموم، إلا أنهم يختلفون في كيفية الإنتفاع به، فالشافعية يرون الجواز مطلقا ، كما أن الأحناف يجيزونه حتي مع ودك الميتة وهذا هو الصحيح من مذهبهما كما بينا، أما الحنابلة فعندهم روايتان في المذهب الرواية الأولى: الجواز مع التحفظ وهو مذهب المالكية بناء على اعتبار نجاسته عينية، والرواية الثانية عدم الجواز كابن الماجشون من المالكية وبعض أصحاب الحديث وهي رواية عن الطبري.
النقطة الثالثة: اختلافهما في جواز بيعه على قولين إحداهما عدم الجواز وهو قول الجمهور، وثانيهما الجواز وهو قول الحنفية.

جديد الأخبار