الرئيس الموريتاني يحضر لزيارة ليبيا في إطار وساطة افريقية وينسق مع الرئيس الجزائري

خميس, 03/10/2024 - 09:13

 يحضر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني حالياً لزيارة إلى ليبيا ليجرب حظه في حل الأزمة الليبية المستعصية منذ فترة طويلة، وذلك بصفتيه رئيساً لموريتانيا المتأثرة بتداعيات الأزمة، ورئيساً دورياً للاتحاد الإفريقي المسؤول أخلاقياً وسياسياً عن هذا الملف المعقد.
وسيرافقه في هذه المهمة رئيس جمهورية الكونغو دنيس ساسو انغيسو رئيس اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي والمكلفة بالملف الليبي.
وقام الرئيس الغزواني، الثلاثاء، بمهاتفة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للتنسيق معه في مهمته المرتقبة إلى ليبيا، نظراً لتأثير الجزائر في هذه الأزمة المعقدة، ولكونها أزمة مغاربية أيضاً، ولأن موريتانيا والجزائر متأثرتان بانعكاساتها السلبية.
وأكد الرئيس الموريتاني في مهاتفة مع الرئيس تبون “أن زيارته لليبيا تأتي استجابة لدعوة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي يونس المنفي”، وأن هدفها هو “تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف سعياً لإيجاد حل لأزمة ليبيا”.
وذكر إيجاز للرئاسة الجزائرية “أن الرئيس تبون ثمّن هذه الخطوة التي يقودها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي محمد ولد الشيخ الغزواني، وكذا دونيس ساسو نغيسو الرئيس الكونغولي المكلف بالمصالحة في الملف الليبي لدى الاتحاد الإفريقي، متمنياً نجاح المصالحة بين الأشقاء الليبيين”.
وتأتي زيارة الرئيس الغزواني المرتقبة إلى ليبيا بعد زيارتين متقاربتين قام بهما لنواكشوط في آب/أغسطس الماضي، كل من أسامة حماد رئيس حكومة ليبيا المعينة من طرف برلمان طبرق، وموسى الكوني نائب المجلس الرئاسي الليبي.
وذكرت حكومة برلمان طبرق “أن الرئيس ولد الغزواني شكر لرئيسها أسامة حماد، دعوته لزيارة بنغازي والالتقاء بالقيادة العامة للقوات المسلحة ومجلس النواب الليبي والحكومة الليبية؛ للحوار والتشاور والمساهمة مع الاتحاد الإفريقي في الوصول إلى الحل السياسي والمصالحة الوطنية الشاملة”.
ومع أن علاقات الرئيس الموريتاني قوية مع أطراف الأزمة الليبية ومع البلدان التي تحرك الأزمة من الخلف وبخاصة الإمارات وتركيا ومصر، فإن الخبير الاستراتيجي الدكتور ديدي السالك رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، أكد في توضيحات لـ “القدس العربي”، الأربعاء “أن حل الأزمة الليبية ليس بيد الليبيين للأسف العميق، وإنما الحل يقول الخبير، بيد القوى الخارجية”.
وأضاف: “إذا تمكن الرئيس محمد ولد الغزواني من التنسيق مع مصر وتركيا والإمارات وروسيا، فقد يتمكن من إيجاد بعض المداخل لحلحلة الأزمة الليبية؛ فالأزمة الليبية، يقول الدكتور ديدي، متشابكة بين عدة قوى دولية، حيث تمتلك كل من الإمارات وروسيا ومصر وتركيا تأثيرات متباينة على أطراف النزاع”.
وقال: “هذا التدخل الدولي تفاقم بعد أن تقلص النفوذ الفرنسي في المنطقة الإفريقية، في وقت وعدت فيه الولايات المتحدة بإيلاء اهتمام أكبر للأزمة الليبية، وإن كان هذا الدور لم يظهر بفعالية بعد”، مبرزاً “أنه إذا لم يستطع الرئيس الغزواني بناء تعاون أو تنسيق فعّال مع الدول المذكورة، فإن مهمته في التوسط لحل هذه الأزمة ستكون صعبة وقد لا تكلل بالنجاح”.
وأوضح الخبير ديدي “أن هناك سببين يجعلان مهمة الوساطة الليبية ملحة بالنسبة للرئيس الغزواني، أولهما أن الرئيس الموريتاني هو رئيس موريتانيا، العضو في الاتحاد المغاربي، ودول المغرب العربي معنية بشكل مباشر بحل الأزمة الليبية نظرًا لتأثيراتها الكبيرة على المنطقة ككل، ولأن استمرار الأزمة الليبية يؤثر على الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا، كما يعطل فرص التعاون الاقتصادي والتنموي بين دول الاتحاد المغاربي؛ أما السبب الثاني، يضيف الخبير، فهو أن الرئيس الغزواني يشغل حاليًا رئاسة الاتحاد الإفريقي، وهذه المنظمة تحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية وسياسية في الوساطة والعمل على حل النزاعات في القارة”. وزاد: “بصفته رئيسًا للاتحاد، يتوقع أن يقوم بدور محوري في إيجاد حلول مستدامة للأزمة الليبية، خاصة وأنها تشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي”.
وزاد: “لكن على الرغم من أهمية هذا الدور، تبقى الأزمة الليبية معقدة للغاية، وأحد أبرز أسباب هذا التعقيد هو غياب المؤسسات القوية في ليبيا التي يمكنها أن تلعب دورًا فاعلا في حل الأزمة، فليبيا لم تشهد تأسيسًا متينًا لمؤسسات الدولة منذ عهد الزعيم الراحل معمر القذافي، الذي ركز سلطته في يده دون بناء بنية تحتية مؤسسية قوية، ومن ثم فإن غياب هذه المؤسسات يشكل عقبة كبيرة أمام أي جهود للوساطة والتوصل إلى حل سياسي شامل”.
وأوضح الدكتور ديدي “أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية، ولا شك أن استمرار الرئيس الغزواني في لعب دور قيادي من خلال الاتحاد الإفريقي قد يسهم في تحقيق تقدم، لكن النجاح يتطلب تنسيقًا قويًا وإرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف المعنية”. وهكذا، سيكون على الرئيس الغزواني ونظيره الكونغولي أن يسعيا لبناء درجة من الثقة بين أطراف الأزمة الليبية بمهارة وبدرجة عالية من الفعالية في التعامل مع الصراع.
ويرى مراقبو هذا الملف أن هناك فرصة سانحة حالياً أمام الاتحاد الإفريقي للعب دور مهم وبارز في إدارة الأزمة الليبية انطلاقًا من تفعيل مبدأ الحلول الإفريقية للأزمات، وعلى أساس فكرة الإجماع الإفريقي.
ويعتقد خبراء متابعون لهذا الملف “أن تولي الاتحاد الإفريقي عملية السلام في ليبيا في مبادرة واحدة يقودها الاتحاد منفردًا أو بالاشتراك بينه وبين الأمم المتحدة يمكن أن تؤدي إلى تجميع كل أصحاب المصالح في الداخل الليبي من أجل توفير الشرعية اللازمة لعملية سلام دولية متعددة الأطراف قارة وثابتة”

نواكشوط –«القدس العربي»:

جديد الأخبار