أعلنت موريتانيا والسنغال قبل أيام عن افتتاح رسمي للبئر الأولى من حقل غاز "السلحفاة آحميم" الكبير تزامنا مع اضطراب سوق الغاز الطبيعي عالميا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت وزارتا الطاقة الموريتانية والسنغالية في بيان مشترك، إن "نجاح فتح البئر الأولى من المشروع يأتي تتويجا لمسار العمليات الفنية ويُمَهّد الطريق واسعا نحو تصدير أول شحنة غاز مسال من موريتانيا قريبًا".
ويتوقع خبراء أن ينتج حقل الغاز نحو 2.3 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا، في مرحلته الأولى، علما أن احتياطات الحقل الكلية تقدر بـ 25 تريليون قدم مكعب من الغاز.
وأعلنت موريتانيا والسنغال في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي عن الافتتاح الرسمي للبئر الأولى من حقل الغاز الكبير "السلحفاة آحميم".
ويُطَوَّر المشروع بشراكة رباعية بين شركة النفط البريطانية بي بي بـ56 في المئة، وكوزموس إنرجي الأميركية بـ27 في المئة وشركة النفط الوطنية في السنغال بتروسين بـ10 في المئة والشركة الموريتانية للهيدروكربونات بـ7 في المئة.
وتشكل الخطوة التي تمت بشراكة مع شركة بتروسين السنغالية والشركة الموريتانية للمحروقات، وفق بيان مشترك، "محطة فارقة "في التعاون بين البلدين، خاصة أن يقع في منطقة حدودية بحرية بينهما".
وتقدر احتياطات هذا الحقل بـ25 تريليون قدم مكعب، حيث يبعد 115 كيلومترا عن السواحل الموريتانية السنغالية، وعلى عمق مائي يصل 2850 مترا، وهو واحد من أكبر حقول الغاز على المستوى الإفريقي، وقد تم إعلان اكتشافه في أبريل/نيسان 2015.
وفي تعليقه على الخطوة، قال الاقتصادي الموريتاني محمد الشيخ حمدي، إن الحقل يحتوي حجم طاقة لا يستهان به، مما سيجعل بلاده في المرتبة الثالثة بعد نيجيريا والجزائر في إنتاج الغاز بالقارة الإفريقية، موضح أن هذه الخطوة ستساهم في ضخ موارد مالية إضافية للخزينة الموريتانية، مما سيفضي إلى تنمية بعض المناطق وخلق فرص عمل وخفض البطالة.
وأضاف أن الإنتاج يشكل قيمة إضافية للسوق الوطنية، مثل إنشاء الكثير من الشركات المرتبطة بالطاقة وانطلاق الاستثمارات المرتبطة بالغاز والإنارة.
واعتبر الشيخ حمدي أن بلاده تستورد أغلب حاجيات الطاقة وتعتمد على السوق الدولية، مما سيجعل الإنتاج يخفض من فاتورة الاستيراد ويخلق نوعاً من التوازن.
وأعلنت موريتانيا في مايو/أيار 2022 أن احتياطات الغاز المكتشف في البلاد تقدر بأكثر من 100 تريليون قدم مكعب، من ضمنها احتياطات الحقل المشترك مع السنغال.
وتقول الحكومة الموريتانية إنها أكملت مخططات استغلال حقولها الخالصة من الغاز، فيما يتطلع الموريتانيون إلى أن تسهم عائدات ثروة الغاز في تحسين ظروفهم المعيشية، وتوفير فرص للشباب العاطلين عن العمل، إذ تبلغ نسبة البطالة 30 بالمئة في البلد العربي البالغ عدد سكانه نحو 5 ملايين نسمة.
التصدير
ويأتي هذا المشروع في سياق الحاجة للغاز على المستوى الدولي، خاصة بأوروبا، وحاجة موريتانيا إلى موارد لتمويل الكثير من مشاريع التنمية.
وتوقع الاقتصادي الموريتاني تصدير كميات من الغاز، مشيرا إلى أنه "توجد بئر أخرى تسمى بير الله وتقدر احتياطاتها بـ80 تريليون قدم مكعب، وتبعد عن موريتانيا بـ100 كيلومتر، وهي أكبر من بئر السلحفاة، ولها قدرة إنتاجية تفوق بئر السلحفاة".
وقالت وزارتا الطاقة الموريتانية والسنغالية في بيان إن "نجاح فتح البئر الأولى من حقل غاز السلحفاة آحميم تتويج لمسار العمليات الفنية ويُمَهد الطريق واسعا نحو بدء تسويق الغاز قريبا".
واعتبر البيان أن هذا "التطور الفني يشكل محطة فارقة في المشروع، كما يشكل لبنة أخرى في تعزيز الشراكة القائمة بين موريتانيا والسنغال، ويدفعهما للعب دور رئيسي ومتزايد في صناعة الطاقة إقليميا"، موضحا أن المشروع الواقع على الحدود البحرية بين البلدين "يمثل إحدى أكبر الاستكشافات الغازية فائقة العمق في البحر".
وأشار إلى أنه يهدف إلى "استغلال الموارد الطبيعية الغازية بطريقة مستدامة بما يعود بالنفع على سكان واقتصادات البلدين".
ووفق تقرير شركة "كامكو إنفست“ الكويتية لأبحاث السوق حول أداء أسواق الغاز الطبيعي العالمية لعام 2023، بلغ الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي حوالي 4038 مليار متر مكعب.
وفي الولايات المتحدة التي تُعد أكبر مستهلك للغاز الطبيعي عالميا، بلغ متوسط الاستهلاك اليومي حوالي 89.4 مليار قدم مكعبة في عام 2023، مما يعادل تقريبا 2530 مليار متر مكعب سنويا.
ومن المتوقع أن يستمر نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي في السنوات القادمة، حيث تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى وصول الاستهلاك إلى مستويات قياسية جديدة بحلول عام 2025