
بقلوب خاشعة، يملؤها الحزن والإكبار، ننعى إلى الأمة الموريتانية رحيل الإداري الكبير محفوظ ولد محمد علي ولد السملالي، أحد رجالات الدولة الذين طبعوا مسار الإدارة الموريتانية بالاستقامة والصرامة والصدق.
تخرّج الفقيد منتصف السبعينات من المدرسة الوطنية للإدارة – شعبة الجمارك، وبُعيد تعيينه في مرفأي نواكشوط، حيث اعتاد كثيرون أن يروا المنصب طريقًا إلى الثراء غير المشروع، قدّم استقالته بعد أشهر قليلة، خشية أن تجرفه موجة الرشوة والفساد. فضّل متابعة دراساته العليا في المال والقانون، مبرهنًا منذ البدايات على نزاهة راسخة ومبادئ لا تتزعزع.
عاد إلى الوطن ليخدمه في مواقع سامية متعددة: مفتشًا في عهد الرئيس محمد خونه ولد هيدالة، ثم أمينًا عامًا للخزينة، عمدة لداخلة نواذيبو، محافظًا للبنك المركزي الموريتاني، وزيرًا، وأخيرًا مفتشًا عامًا للدولة. في جميع هذه المناصب ظل مثالًا للرجل المستقيم، المتواضع، الصارم في الحق، الكاره للظلم والمناصر للعدل.
كان رحمة الله عليه صاحب مبادئ لا يساوم عليها، يخدم الدولة في صمت بعيدًا عن الأضواء، يأنس بالبادية أكثر من المدينة، متجنبًا مظاهر الترف والبهرجة. لقد ترك بغيابه فراغًا كبيرًا في ذاكرة الوطن، وذكرى ناصعة لرجل آثر العفة على الغنى، والمبدأ على المصلحة.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة، وجعل ما قدّم لوطنه في ميزان حسناته، وألهم أسرته وذويه ومحبيه جميل الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون
احمد محمود جمال أحمدو