اليوم ثالث ايام شهر شعبان .. تمرنوا لسمو الروح في رمضان

أربعاء, 18/04/2018 - 19:59

أعلنت اللجنة المركزية لمراقبة الأهلة أن فاتح شهر شعبان للسنة الهجرية 1439 هو يوم الثلاثاء الموافق 17 إبريل 2018، بناء على رؤية جماعة من بينها مبرزان بقرية البلد الطيب.

جاء ذلك في بيان للجنة توصلت به الوكالة الموريتانية للأنباء اليوم الأربعاء.

وعليه، ، فإن شهر رجب يكون قد استكمل الثلاثين يوما، ويكون فاتح شهر شعبان هو يوم الثلاثاء 17 أبريل 2018 ميلادية

 

شهر شعبان... مرحلة تمهيدية لسمو الروح في شهر رمضان

ذكر في الأثر أن المؤمنين كانوا ينتظرون شهر رمضان وشهر شعبان وشهر رجب بلهفة وشوق وكانوا يتحسرون على انقضائها بالدموع السخية. ذلك أن لهذه الأشهر الثلاثة منزلة عظيمة عند الله سبحانه، إذ تتفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة ويشعر فيها الإنسان الذي قام بالاستفادة منها خير استفادة بأنه في رحاب الله عز وجل. وشهر شعبان هو شهر الرسول "ص" الذي كان يصومه ويتهجد فيه تقربا إلى الله سبحانه وتعالى. وهو الشهر الذي حث الرسول "ص" المؤمنون على صيامه وقيامه لما فيه من فرصة طيبة للتوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى تمهيدا لشهر رمضان المبارك. يقول رئيس قسم البحوث والإعلام بوزارة الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله عبدالكريم موضحا فضل شهر شعبان ومزاياه: "إن شعبان شهر عظيم من أشهر السنة الهجرية له مزية وخصوصية وفضل أولا لأنه الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، ثانيا لأنه الشهر الذي يسبق شهر رمضان المبارك والذي هو شهر الله تعالى الذي افترض على المسلمين صيامه. وكان رسول الله "ص" يخص شهر شعبان بمزيد من العبادة وخصوصا في الصيام، فعن عائشة "رض" قالت: "كان رسول الله "ص" يصوم حتى نقول له يفطر ويفطر حتى نقول له يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان" "رواه البخاري ومسلم". ترفع فيه الأعمال وعن أسامة بن زيد "رض" قال "قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال فإن ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" "رواه النسائي". ومن هنا فإن استثمار شهر شعبان بصيام أكثر أيامه هو أفضل القربات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه في هذه الأيام المباركة حتى يرفع عمله إلى الله وهو في هذه القربة وهو الصيام، محققا الاتباع لرسول الله "ص" كذلك فإنه بذلك "أي بصيامه في شعبان" يمرن جسده استعدادا للصيام في شهر رمضان. ولعل كثيرا من الناس يغفل عن فضل هذا الشهر العظيم ويفوت على نفسه هذه الفرصة الثمينة لذلك فإن تذكير الناس بمواسم الفضل والخير مهم لحثهم على المبادرة في الخير وعلى هذا فإن شهر شعبان له فضل خاص وله مزية خاصة وإن أفضل الأعمال فيه الصيام تطوعا وتقربا إلى الله تعالى وسواء كان هذا الصيام في أوله أو في آخره أو في وسطه فإنه يكره الصيام في النصف الأخير من شعبان لمن لم يصم في أوله". مرحلة تمهيدية كما يوضح السيدكامل الهاشمي أن شهر شعبان بمثابة المرحلة التمهيدية التي يهيئ المؤمن من خلالها نفسه لاستقبال شهر الله رمضان الكريم، ويضيف: "عن الإمام الصادق "ع" قال: "صيام شهر رمضان ذخر للعبد يوم القيامة وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلا أصلح الله أمر معيشته وكفاه شر عدوه وان أدنى ما يكون لمن يصوم يوما من شعبان أن تجب له الجنة" "الشيخ الصدوق: فضائل الأشهر الثلاثة، ص 43". يتموضع شهر شعبان في ثقافتنا الدينية بوصفه مرحلة تمهيدية يهيئ الإنسان المؤمن من خلالها نفسه لاستقبال شهر الله رمضان الكريم، وهو الشهر الذي أريد له أن يكون الذروة في سمو الروح وتواصلها مع بارئها وخالقها عبر أجواء معنوية وروحية قلما تتوافر في غير أجوائه وأيامه، ويأتي شهر شعبان ليتحدد كمجال زمني وروحي يستعد الإنسان المؤمن بالله تعالى من خلال ما يعيش في أجوائه من روحية وقدسية لاستقبال شهر رمضان وهو على أتم الاستعداد للتمكن من استثماره على أفضل وأكمل وجه. وفي هذا السياق يبرز الصوم كعبادة شرعية بالغ الشارع المقدس في الحث عليها والتأكيد على أهميتها من أجل دفع الإنسان باتجاه ممارستها والالتزام بها رابطا من خلالها بين شهر شعبان وشهر رمضان فيما يبتغيانه من هدف يتلخص في رفع وتيرة التوجه المعنوي والروحي، بما يحقق للإنسان قدرة أكبر على تعميق العلاقة بينه وبين الله سبحانه وتعالى، وهو المعنى الذي نلمحه في هذا الحديث عن رسول الله "ص"، والذي يقول فيه: "شعبان شهري وشهر رمضان شهر الله فمن صام يوما من شهري كنت شفيعه يوم القيامة ومن صام يومين من شهري غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن صام ثلاثة أيام من شهري قيل له استأنف العمل ومن صام شهر رمضان يحفظ فرجه ولسانه وكف أذاه عن الناس غفر الله له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر وأعتقه من النار وأحله دار القرار وقبل شفاعته في عدد رمل عالج من مذنبي أهل التوحيد" "المصدر نفسه، ص44". ذكريات عظيمة "ومن جهة أخرى، تبرز أهمية هذا الشهر المبارك على مستوى ما انطوى عليه من ذكريات عظيمة ترتبط بمواليد عدد من الشخصيات الكبرى التي كان لها دور متميز في صوغ توجهات الواقع الإسلامي، ففي اليوم الثالث من شهر شعبان المعظم كان مولد سبط رسول الله "ص" سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي "ع"، الرجل الذي فجر أعظم ثورة اجتماعية وسياسية وأخلاقية ضد الجور والفساد والاستبداد، وهي الثورة التي ظلت مصدر إلهام لكل الأحرار والشرفاء في العالم، وفي اليوم الرابع من الشهر نفسه كان مولد أخيه وعضده وحامل رايته في معركة كربلاء العباس بن علي، الشخصية التي جسدت كل معاني البطولة والوفاء والأخوة عبر مواقفها التي لا تنسى في يوم العاشر من محرم حينما تكالبت جيوش البغي والطغيان على سليل رسول الله "ص"، وفي اليوم الخامس من شهر شعبان يتلألأ نجم آخر في سماء الإمامة والولاية وهو الإمام الرابع من أئمة أهل البيت "ع"، ذاك المسمى علي بن الحسين السجاد زين العابدين، والذي أفصح عن منهج في التربية والتزكية الروحية عبر أدعيته ومناجاته المتميزة، والتي حفظت ودونت في سفره الخالد "الصحيفة السجادية". وفي الخامس عشر من شهر شعبان ذكرى ولادة مولود عزيز على قلوب المؤمنين الطامحين إلى تحقيق وعد الله تعالى القائـل: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" "التوبة: 33"، ذكرى ولادة ولي الله الأعظم المهدي المنتظر "ع" وهو من بشر رسول الله "ص" به فقال كما في "الجامع الصغير" للسيوطي: "المهدي من عترتي، من ولد فاطمة"، وروى الطبراني في "المعجم الأوسط" عن رسول الله "ص" قوله: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا".

 

الوسط - جعفر الديري 

جديد الأخبار