ولد السالك: موريتانيا تتطلع لرؤية الملك .. والصحراء "حجر عثرة"

ثلاثاء, 17/07/2018 - 13:54

رغْم أنَّها شهِدتْ في الآونة الأخيرة بعض الخمول، تظلُّ العلاقات المغربية الموريتانية التي عاشتْ مداً وجزراً لسنوات طويلة بسبب تباين وجهات النظر حول قضية الصحراء، استثنائية بكلِّ المقاييس؛ إذ كلما تشنّجت الأجواء وتعكَّر صفْو سماء العلاقات بين البلدين، تأْبى المياهُ إلا أن تعودَ إلى المجاري الدبلوماسية بين الرباط ونواكشط.

وفي تحليله لأبعاد هذا المد والجز الذي يطبع الأجواء بين البلدين، يرى ديدي ولد السالك، كاتب ومحلل سياسي موريتاني، أن العلاقات بين نواكشط والرباط مهْما عرفت من فتور وصعوبات في الآونة الأخيرة، لا بدَّ أن تعود إلى سابق عهدها نظراً للعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين، ونظراً لمقتضيات الجغرافيا، موضحا أن "الأمر يتعلق بشعبين ينتميان إلى بعضهما لا تهُمّهما الهزات التي تقع بين الفينة والأخرى ومزاج الأنظمة السياسية التي قد تتفق حينا وقد تختلف حينا آخر".

وقال مدير المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "مستقبل المغرب العربي في الاتجاه الايجابي يمر عبر ثلاث دول هي المغرب، الجزائر وموريتانيا"، مضيفا: "لا أهتم بسحابات صيف تأتي وتمر وقد عرفنا أوضاعاً أشدَّ حساسية من هذه التي نعرفها حالياً وانتصر عليها الشعبان الموريتاني والمغربي بالحفاظ على علاقاتهما القوية".

وحول الدور الذي يُمكن أن تلعبه الجارة الجنوبية في تقريب وجهات النظر بين المغرب والجزائر في قضية الصحراء، لفت أستاذ العلوم السياسية في جامعة نواكشط إلى أنه "إذا اخْتَمرتْ الإرادة بين البلدين في أن يتقاربا، فإنه لن تقوى أي قوة على نسْفِ مبادرات تقريب المسافات بين البلدين"، موضحاً أن "الإرادة السياسية مفقودة عند الجزائريين والمغاربة، بينما الرهانات كبيرة جداً ونظرة البلدين إلى الوضع مختلفة ومتناقضة".

وشدد ولد السالك على أن "البلدين (المغرب والجزائر) على طرفي نقيض"؛ إذ إن "المغرب يعتبر الصحراء صحراءه التي استردها، والجزائر تعتبر أن الصحراء يجب أن تكون بلداً مستقلاً له نفوذ فيه"، فيما تعتبر موريتانيا، يضيف المحلل ذاته، أنها "تسعى إلى الحياد الإيجابي وتريد إيجاد حلول مناسبة ومواتية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع".

وقال: "القضية معقدة وتمثل شوكة في خاصرة المغرب العربي وحجر عثرة في بناء الكيان المغاربي الكبير الذي صار مجمداً ولا فعالية له، وهذا يكلف كثيراً بلدان شمال إفريقيا"، وأضاف: "كلفة انعدام وحدة مغاربية كبيرة جدا"، قبل أن يتابع: "حتى وإن لم تحل قضية الصحراء، على البلدين أن يعملاَ على تطوير الاستثمارات وأن يكون هناك مناخ مواتٍ للإقلاع بالمنطقة، وأن يتركا الحرية لرجال الأعمال في التنقل بين البلدين".

وحول علاقة موريتانيا بالجبهة الانفصالية، يرى الجامعي نفسه أن "هناك صحراويين موجودين في موريتانيا وموريتانيين موجودين في الصحراء، لكن وجود هؤلاء الصحراويين لا يكون باسم تنظيم أو دولة قائمة، إنما باعتبارهم مواطنين ينتمون إلى قبائل موجودة في المغرب ولا أحد يمكن أن يمنعهم من ذلك".

وتابع: "موريتانيا لا يمكنها أن تسمح بوجود كيان مناوئ ومُعارض للمغرب ويعترف بوجوده على الأرض الموريتانية لأنها اختارت الحياد الإيجابي، وتعتبر أن حل هذه القضية موجود على طاولة الخارجية الجزائرية ونظيرتها المغربية".

وبشأن القمة الإفريقية الأخيرة التي انعقدت في نواكشط، أورد الأستاذ الجامعي أن "أحزاباً في المعارضة كانت ترفض أن تقام قمة بكل تلك الكلفة المالية وفي ظلِّ مشهد مقسم وغير واضح، لكن في المقابل أكدت أطراف سياسية أخرى أن هذا الاجتماع رفيع المستوى وضع بلادنا تحت الأضواء وجعل الأفارقة يتعرفون على بلدنا ويقع تقارب بينهم على أرض الموريتان".

وحول مشاركة المغرب في أشغال القمة، اعتبر المحلل السياسي أن "الشعب الموريتاني كان يتطلع لرؤية الملك محمد السادس حاضراً بالقمة الإفريقية"، مبرزا أن "غياب الوزير الأول المغربي (يقصد رئيس الحكومة) فيه نوع من التعبير عن الدونية للشعب الموريتاني وعدم إعطائه ما يستحق من عناية، خاصة وأن الشعب الموريتاني يحترم كثيراً العاهل المغربي".

وتوقف المحلل الموريتاني ذاته عند الاستحقاقات الانتخابية التي تعرفها بلاد "الشنقيط"، وقال إنها تمرُّ في ظُروف عادية يطبعها بروز تعددية سياسية ومشهد يطمح إلى التجديد وضخ دماء جديدة في كل مؤسسات الديمقراطية بالبلاد، مشددا على وجود "وعي ورغبة تسْكن عددا من الفاعلين السياسيين من أجل الإسهام في البناء الديمقراطي بالبلاد".

وأقرَّ ولد السالك بأن "هذه التعددية سمحت للعديد من الأحزاب والمؤسسات السياسية أن تتشكل وأن تعمل على المشاركة في هذه الاستحقاقات، وهذا سيحدث حراكا وزخما داخل المشهد السياسي، أكيد ستترتب عنه نتائج غير مألوفة لأن كثيرا من القوى السياسية التي كانت معزولة ومغيبة ستظهر خلال هذه المحطة الانتخابية وسيكون لها تواجد على الساحة السياسية بالبلاد"، وفق تعبيره.

هسبريس - عبد السلام الشامخ

جديد الأخبار