لدى التقاط الصورة الجماعية لرؤساء وممثّلي الدول العشرين المنعقدة في الأرجنتين، أخذ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يمين الصورة، موزّعاً نظراته وابتساماته الحرجة على نظرائه.
وما إن التُقطت الصورة حتى ظهر بن سلمان محاولاً الخروج في وقت لم يمنحه أحد اهتماماً، وبدأ يبحث عن مُخلّص من موقفه الحرج، فجاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وخرجا معاً من المشهد الذي عجّ بالمصافحات الحارّة بين المشاركين.
بوتين الذي لم تعلن بلاده موقفاً واضحاً في قضية الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، حاول ملء الفراغ لدى ولي العهد، الذي كان يحاول الهروب من تجاهل المشاركين له.
وأظهرت لقطات مصوّرة من داخل مكان انعقاد قمة العشرين في الأرجنتين مصافحة "حارّة"؛ بين الرئيس الروسي وولي عهد السعودية، الذي تقول تقارير دولية إنه مسؤول عن قتل خاشقجي.
تبادل مجاملات
أما الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي لم تنقطع الانتقادات ضدّه بسبب موقفه من قضية خاشقجي، ففضّل أداء دور "المجامل" لولي العهد؛، في محاولة لإبعاد شبهة الدفاع عن بن سلمان، والتي تلاحقه من مسؤولين في الكونغرس.
البيت الأبيض نقل عن الفريق الصحفي المرافق لترامب أنه "كان ضمن آخر الذين دخلوا، ومرّ من أمام ولي العهد السعودي، لكنه لم يتوقّف للمصافحة أو للحديث معه".
لكن ترامب أكّد أنه أجرى محادثة "وجيزة" مع بن سلمان. وقال إنه تحدث قليلاً، إلا أنه أضاف: "لم يكن هناك أي نقاش بيننا، كان من الممكن أن يكون، لكن ذلك لم يحدث".
ممثّل الإدارة الأمريكية قال بدوره للصحفيين، إن ترامب "تبادل مجاملات" مع بن سلمان، لكنه فعل ذلك تقريباً مع كل الزعماء الموجودين في الجلسة العامة للقمّة.
توبيخ وصرامة
وحاول الإعلام السعودي توظيف عدد من الصور التي ظهرت خلال القمة من أجل إظهار نجاح ولي العهد في "كسر العزلة" التي يعاني منها منذ اغتيال خاشقجي، لذا حرصوا على رصد كل تعبير ود أو همسة أو بسمة لأي رئيس مع بن سلمان.
لكن لغة الجسد التي ظهر بها لم تساعد الماكينة الإعلامية السعودية؛ فكان يقبض بكفّه الأيسر على رسغه الأيمن بإحكام شديد، وهي الوضعيّة ذاتها التي أظهرتها الكاميرا لدى اضطراره لاستقبال نجلي خاشقجي بعد اندلاع القضية، وهي تعطي دلالة على الإحراج الشديد والبالغ وكبت المشاعر.
وزاد بن سلمان الطين بلّة حين ظهر في مشاهد طأطأ فيها رأسه بشكل زائد، وتجنّب النظر المباشر بالعينين حين مرّ الرئيس أردوغان.
كذلك أظهرت مقاطع مصوّرة من على هامش القمة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يتحدّث إلى بن سلمان، وهو ما حاولت وسائل إعلام سعودية تزوير مضمونه، قبل أن يخرج الإليزيه لتفنيد ذلك.
Video of Macron and MBS chat , you can hear #France Prez saying "you never listen to me", #Saudi CP responds "I do of course listen"
At G-20 today via @OKAZ_online pic.twitter.com/NRhkgBQlLb
— Joyce Karam (@Joyce_Karam) November 30, 2018
وقال متحدث باسم الإليزيه: إن "فيديو ماكرون مع محمد بن سلمان أظهر صرامة وحزماً مقابل ابتسامة مغلّفة بالحرج من ولي عهد السعودية".
وفي هذا السياق نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول فرنسي قوله: إن "الحوار كان بشأن جمال خاشقجي وحرب اليمن، وسُمع بن سلمان وهو يقول: سأسمع كلمتك من الآن فصاعداً".
وتناقل مغرّدون مقطع الفيديو وأرفقوه بترجمة ما جاء فيه: "ماكرون وبّخ ولي العهد السعودي، وقال له: أنت لم تستمع إليّ أبداً"، على حدّ ترجمتهم.
نظرة جاويش أوغلو
في كواليس القمة أيضاً رفض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مصافحة بن سلمان، وذلك على خلفيّة التوتر الحاصل بين البلدين بشأن قضية خاشقجي.
وظهر أردوغان على طرف معاكس تماماً لبن سلمان في الصورة الجماعية للقمة، ولم تظهر لقطات أو صور ظهورهما معاً، في حين ظهر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في خلفية صورة لولي العهد السعودي، وبدا وهو يرمقه بنظرات غاضبة.
ويشارك بن سلمان ممثّلاً عن السعودية، في ظل تواصل الدعوات المنادية إلى محاكمته على خلفيّة تورّطه في قتل الصحفي جمال خاشقجي، في قنصلية الرياض بإسطنبول، يوم 2 أكتوبر، واستمرار حرب اليمن.
وتزامنت مشاركته مع ورود تقارير صحفية تحدّثت عن قيام النيابة الأرجنتينية بالنظر في قضية ضدّه مرتبطة بمقتل خاشقجي وعمليات التحالف باليمن.
وفي تصريحات سبقت القمة أكّد الرئيس الأرجنتيني، ماوريسيو ماكري، أن قضية مقتل خاشقجي ستكون على طاولة المباحثات في اجتماعات ثنائية خلال قمة العشرين.
أحمد علي حسن - الخليج أونلاين