الجائحة كوسيلة للتخلص من اللاجئين والفقراء

اثنين, 06/04/2020 - 12:39

أثار اقتراح أطباء فرنسيين، منهم جان بول ميرا، رئيس قسم العناية المركزة بمشفى كوشن في باريس لإجراء دراسات واختبارات للقاح ضد فيروس كورونا المستجد في افريقيا موجة استنكار واسع ضمن أوساط سياسية وإعلامية وشعبية، وشبه الطبيب المذكور في حوار على قناة فرنسية «ما تم العمل به في أماكن أخرى لبعض الدراسات حول الإيدز، حيث تم القيام بتجارب على بائعات الهوى»، وقد أيّد ذلك المدير العام للمعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية، كاميل لوكت، الاقتراح قائلا إنهم «في صدد التفكير في إجراء بحث في افريقيا لاعتماد المقاربة نفسها مع لقاح مطبق ضد السلـ«.
تذكر كثيرون إثر هذه الحادثة، وخاصة في دول شمال افريقيا، «تجارب مماثلة» شهدتها بعض دول المنطقة كتونس والجزائر، كما أعلن محامون مغربيون مقاضاة الأطباء الفرنسيين المذكورين بتهمة «التشهير والعنصرية»، وعلّق لاعب كرة القدم الشهير ديده دروغبا بالقول إن «افريقيا ليست مختبر تجارب. أدين هذه العبارات العنصرية المهينة»، داعيا الدول الأفريقية لاتخاذ إجراءات صارمة لحماية مواطنيها.
أثار انتشار الوباء الخطير، بعد ظهوره، مجموعة من ردود الفعل الرسميّة والدولية، التي توجهت ضد الصينيين والآسيويين، ولكن المفاجأة أن تلك الإجراءات تمّت على أسس عنصرية وطبقية أكثر مما هي طبية، فرغم تفاخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسرعة اتخاذ بلاده إجراءات لمنع استقبال الصينيين، فقد اتضح أمس أن هذه الإجراءات جرت متأخرة شهرا كاملا ما سمح لعشرات الآلاف للانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتشار الفيروس، وقد قامت بعض حكومات الدول الخليجية بحظر دخول مواطني بعض الدول، لكن قوائمها الأولى لم تشمل مواطني الصين أو إيطاليا، اللتين كانتا البؤرتين المركزيتين في العالم، بل استهدفت العمالة المهاجرة الفقيرة من بنغلادش وسريلانكا والهند ومصر.
بعض الدول التي تحكمها حكومات شعبوية استخدمت قضية انتشار الفيروس كوسيلة تحريض إضافية ضد اللاجئين والمهاجرين، وكذريعة لمنع دخول طالبي اللجوء، كما فعلت المجر، التي حصل زعيمها فيكتور أوربان على سلطات مطلقة مؤخرا بدعوى مكافحة كورونا، وأعلن مستشاره في مؤتمر صحافي عن «وجود رابط بين فيروس كورونا والمهاجرين غير الشرعيين، ويأتي اتهام محكمة العدل الأوروبية أمس عدم التزام المجر، وكذلك بولندا والتشيك، بقانون الاتحاد الأوروبي بخصوص المهاجرين ليؤكد أن هذه السياسات سابقة على كورونا ولا تفعل الجائحة غير تأكيد هذه السياسات وإعطائها مبررات بائسة جديدة.
تساهم سياسات رفض اللاجئين والمهاجرين عمليا في جعلهم عرضة فعلا للتعرّض لمخاطر انتشار الفيروس، وخصوصا في المخيمات المكتظة والتي تفتقد المقومات الإنسانية فما بالك بالطبية، وهناك نداءات كثيرة صدرت عن منظمات حقوق إنسان عالمية، عن المعاملة التمييزية ضد اللاجئين فيما يخص الوقاية من كورونا، بالتوازي مع منع أسباب الحياة عليهم، وذلك في مخيمات اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان، كما شهدنا مواقف عنصرية لحكومة إسرائيل التي طرحت مقايضة وسائل الوقاية والعلاج على غزة بالإفراج عن أسرى، وهناك أمثلة أخرى كثيرة لأشكال من الإساءة والحجب والتمييز على خلفية كورونا للاجئي الروهينجا في بنغلادش، ونازحي نيجيريا الهاربين من «بوكوحرام».
لقد خضّت الجائحة العالم فعلا، وكشفت أشكال الخلل السياسية والاجتماعية العميقة، وإذا كانت تصرّفات الحكومات الدكتاتورية التي تلاعبت بالأرقام ورفضت إخراج المساجين، مفهومة، فإن المفاجأة كانت في أن بعض الدول الديمقراطية العريقة، تصرّفت بأساليب رجال العصابات والمجرمين، وأظهرت بؤس البنى التحتية للصحة العامة كما أظهرت أن أفكار الحقبة الاستعمارية ما تزال موجودة لدى الكثير من نخبها.

جديد الأخبار