يعد المغرب قانونا، يمنع إطلاق أسماء على المواليد بصفات "لالة"، "مولاي" و"سيدي" وغيرها من الكنى "التشريفية"، التي ستبقى حكرا على أصحاب "النسب الشريف". وينص المشروع، الذي لقي ترحيبا من بعض الأطراف فيما انتقدته أطراف أخرى، على إثبات الانتساب إلى "النسب" المذكور للسماح بحمل هذه الصفة. المشروع تضمن أيضا تعديلا "انتصر" للأمازيغية، حسبما جاء في موقع مغربي، يسمح بتسجيل المواليد في الحالة المدنية بحروف تيفيناغ. كما اعترف بالخنثى وأعطاه الحق في تغيير الجنس.
يتجه المغرب نحو "عصرنة" الحالة المدينة، وفق ما جاء في تصريح أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية رشيد لزرق لفرانس24، عبر مشروع قانون ينص على اختيار أسماء عائلية "لا تكون مخالفة للنظام العام، وضمن شروط المواطنة ونبذ المناطقية..." بمعنى النزعات الإقليمية، يقول لزرق. "وإذا كان الاسم العائلي المختار اسما شريفا، ينص القانون على إثباته بشهادة يسلمها نقيب الشرفاء المختص. وفي حالة عدم وجوده يثبت بشهادة عدلية."
وبالنسبة للاسم الشخصي، "يتوجب وفق المقتضيات الجديدة، ألا يكون مشفوعا بأي كنية أو صفة مثل "مولاي" أو "سيدي" أو "لالة" أو متبوعا برقم أو عدد، كما يجوز لكل مغربي مسجل بالحالة المدنية أن يطلب تغيير اسمه الشخصي إذا كان له مبرر مقبول بواسطة حكم قضائي."
ويشير لزرق إلى أن المشروع "سلك مسطرة التشريع من خلال إحالته لدى لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، بغاية البث فيه من قبل نواب الأمة بهدف الملاءمة مع الدستور...وهو مشروع يستجيب للتطورات الرقمية". وتبنى المشروع النواب الثلاثاء في انتظار عرضه على مجلس المستشارين "الغرفة الثانية".
مشروع قانون "انتصر" للأمازيغية أيضا
وكتب موقع "العمق المغربي" أن هذا المشروع "انتصر للغة الأمازيغية" أيضا، حيث "أقر في مادته 13 ضرورة أن تحرر رسوم الحالة المدنية باللغة العربية، مع كتابة الأسماء الشخصية والعائلية لصاحب الرسم ولأصوله بحروف تيفيناغ والحروف اللاتينية".
وأقر المشروع في المادة 47 أن "يقوم ضابط الحالة المدنية بإضافة أو تصحيح كتابة الأسماء الشخصية والعائلية لصاحب الرسم ولأصوله برسم ولادته بحروف تيفيناغ والحروف اللاتينية، بإذن من السلطة المركزية أو من تفوض له في ذلك، مع مراعاة مقتضيات المادة 52 من هذا القانون"، ما يسمح بإجراء تعديلات على الحالة المدنية وإدماج الأسماء بالأمازيغية فيها.
وحمل هذا المشروع معطى جديدا يتيح للخنثى كذلك إمكانية تغيير الجنس، إذ ورد في المادة 28 منه، "أنه يدعم التصريح بولادة الخنثى بشهادة طبية تحدد جنس المولود، ويعتمد عليها في تحرير الرسم، وإذا حدث تغيير على جنس الخنثى في المستقبل فيغير بمقتضى حكم صادر عن المحكمة المختصة".
وبالنسبة للمواليد مجهولة الأبوين أو المتخلى عنهم بعد الوضع، "فإن وكيل الملك هو الذي يصرح به في الحالة المدنية، ويختار له ضابط الحالة المدنية اسما شخصيا واسما عائليا، واسم أب واسم جد مشتقين من أسماء العبودية لله، كما يختار له اسم أم وأم جد للأم مشتق من أسماء العبودية لله"، حسب ما جاء في موقع اليوم 24. "وفي حالة الابن المجهول الأب، فإن أمه تصرح به، أو من يقوم مقامها، وتختار له اسما شخصيا واسم أب وجد للأب".
"خطوة جديدة" في سياق تطبيق دستور 2011
يرى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية رشيد لزرق في هذا المشروع "خطوة جديدة في سياق تنزيل مقتضيات الدستور، لكونه أقر سمو المواثيق الدولية، ونبذ التمييز بكل أشكاله"، والذي أتى به حراك 20 فبراير/شباط في 2011 في خضم ما عرف بـ"الربيع العربي"، الذي هز المنطقة برمتها.
وعلى غرار لزرق، يعتبر الباحث المغربي عمر المرابط، في حديث لفرانس24، أن القانون "يدخل في إطار مواءمة القوانين مع الدستور كأعلى قانون للدولة"، ويأتي "بعد أن أصبحت الأمازيغية لغة وطنية"، علما أن أمازيغيين مغاربة اشتكوا في السنوات السابقة من رفض كتابة أسماء أبنائهم بحروف تيفيناغ عند تسجليهم في الحالة المدنية، وسيتحول هذا المطلب اليوم مع هذا المشروع إلى حق يضمنه القانون.
ولا يخفي الباحث المغربي ارتياحه للمشروع، معتبرا إياه "مكسبا" وقفزة إلى الأمام "أتمنى أن تسير في اتجاه تثبيت المساواة بين المغاربة".
أما خالد البكاري، وهو حقوقي مغربي، قال لموقع "هسبريس" إن "اختيار الأسماء مسـألة خاصة بالآباء"، وأعرب عن استغرابه من الجدل الدائر حولها، بما في ذلك التي تتضمن ألقابا مثل "سيدي" و"مولاي" و"لالة"، رافضا "أن تسحب من أشخاص ومواطنين وتحتفظ بها العائلة الملكية والعائلات "ذات النسب الشريف"‘، مشددا على أنه "لا يمكن منعها لمولود وإباحتها لآخر".
لكن عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، كان له رأي آخر. وقال في تصريح لموقع "هسبريس"، إن “إلغاء هذه التوصيفات من التسمية في سجلات الحالة المدنية يعد تكريسا للمساواة، على الأقل في التسمية، لأن التوصيفات من قبيل مولاي، لالة أو سيدي، تعتبر توصيفات تمييزية
بوعلام غبشي