تعيين إسبانيا وزير خارجية جديد قد يرمم العلاقة مع المغرب بعد أزمة استقبال زعيم البوليساريو

جمعة, 16/07/2021 - 12:33

 يرى مطلعون على ملف العلاقات بين إسبانيا والمغرب، أن مدريد تراهن على وزير خارجيتها الجديد، خوسيه مانويل ألباريس، لتبديد غيوم الخلاف الحالي مع المغرب، بسبب استقبال زعيم جبهة "البوليساريو" إبراهيم غالي، الذي وصل إسبانيا للعلاج من مرض "كوفيد 19"​​​.

ويبدو أن حرص مدريد على استعادة علاقاتها القوية مع المغرب، الشريك الأساسي في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، دفعها إلى إحداث تعديل وزاري، أطاح بوزيرة الخارجية أرانتشا غونزاليس لايا، التي طالما دافعت عن قرار استقبال غالي، واعتبرت أن هذا الأمر لا يؤثّر على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

واختارت إسبانيا أحد أكثر السياسيين اطلاعا على ملف العلاقات الثنائية المغربية – الإسبانية، وعيّنته وزيرا للخارجية؛ في محاولة، على ما يبدو، لاحتواء الأزمة التي اشتعلت مؤخرا، بين الرباط ومدريد.

ولم يخيب الوزير الجديد آمال من اختاروه لهذه المهمة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بيدرو سانشيز؛ حيث سارع إلى ترميم التصدع في العلاقات، وإصلاح حال الجوار، وأطلق تصريحات مشجعة، مباشرة بعد توليه مهامه؛ معلنا أنه سيعمل على تعزيز العلاقات مع المغرب، الذي وصفه بـ "الصديق الكبير".

ويبدو أن اختيار خوسيه مانويل ألباريس لمعالجة هذه الأزمة الحادة، التي تقترب من شهرها الثالث، لم يكن عفويا؛ فالرجل له دراية واسعة بخبايا العلاقات الإسبانية – المغربية؛ وأمضى جزءا من حياته في مدينة طنجة (شمال المغرب)، ودرس في معاهدها.

ويرى الباحث السياسي المغربي، محمد يحيى العلوي، أن التعديل الحكومي رسالة واضحة، تؤكد رغبة اسبانيا في تصحيح الأخطاء، التي حدثت وأثرت سلبا على الشراكة التي تجمع البلدين؛ وهو أيضا خطوة ضرورية لإعادة الثقة وكشف أي غموض أو سوء فهم يمكن أن يؤثر مستقبلا على العلاقات الثنائية.

وأشار الباحث، في مقابلة مع "سبوتنيك"، إلى أن المغرب شريك استراتيجي مهم بالنسبة لإسبانيا والاتحاد الأوروبي، وتربطه بهما علاقات تاريخية على عدة مستويات سياسية واقتصادية وأمنية.

واعتبر أنه من غير المنطقي، أن يضحي أي طرف بهذه الشراكة، "بالاستمرار في سياسة المواقف المزدوجة والقرارات المتسرعة".

وبخصوص الحلول المتوقعة لحل الأزمة الإسبانية مع المغرب، يرى العلوى، أنه، "إذا بادر وزير الخارجية [الإسباني] الجديد بزيارة المغرب قريبا؛ فان ذلك كفيل بتبديد غيوم الخلاف وحل الأزمة، وإعادة الثقة وفتح قنوات الحوار".

واندلعت أزمة بين الرباط ومدريد، في نيسان/أبريل الماضي، بعد استقبال مدريد زعيم جبهة "البوليساريو"، التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية عن المغرب.

واستدعى المغرب سفير إسبانيا في الرباط، للاحتجاج على هذه الخطوة.

وفي وقت لاحق، تخلت السلطات المغربية عن مراقبة الحدود البرية مع إسبانيا؛ ما تسبب في موجة هجرة غير مسبوقة، أثارت غضب مدريد، التي ردت باستدعاء سفيرة المغرب للاحتجاج.

واستمع القضاء الإسباني لشهادة إبراهيم غالي، بخصوص التهم الموجهة إليه، من قبل ناشطين صحراويين بالتعذيب والاغتصاب؛ وغادر الأراضي الإسبانية، لاحقا، بعد أن دخلها بجواز سفر جزائري وباسم مزور، للعلاج من الإصابة بفيروس كورونا.

ويدور نزاع مسلح حول الصحراء، بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، منذ عقود؛ وتطالب الجبهة باستقلال الصحراء عن المغرب، وتدعم تنظيم استفتاء لتقرير المصير الذي أقرّته الأمم المتحدة.

ويقترح المغرب، الذي يسيطر على أغلب أراضي المستعمرة الإسبانية السابقة، منح الصحراء حكماً ذاتياً تحت سيادته.

وكان آخر مبعوث أممي في قضية الصحراء الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر، استقال من مهامه، في أيّار/مايو 2019، "لأسباب صحية"، بعدما تمكن من جمع الطرفين حول طاولة مفاوضات، بعد ست سنوات من القطيعة؛ ولم يُعين مجلس الأمن خلفا له.

ويسيطر المغرب على القسم الأكبر من الصحراء (266 ألف كيلومتر مربع) بعد خروج المستعمر الإسباني منها، عام 1975، وتنازلت موريتانيا عن الجزء الجنوبي من الصحراء بعد حرب ضارية مع "البوليساريو"، عام 1978.

وبعد جولات من الكر والفر، بين الجيش المغربي والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة باسم "البوليساريو"، المدعومة من الجزائر؛ تم إعلان وقف إطلاق النار، عام 1991، برعاية الأمم المتحدة.

ولا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إلا الولايات المتحدة الأميركية، وبعض الدول العربية والإسلامية.

وتحظى "البوليساريو" باعتراف 37 دولة بملكيتها للمنطقة، وهي عضو أيضا في الاتحاد الأفريقي.

سكينة اصنيب

جديد الأخبار