“أندوينه”: ضريبة العيد التي يفرضها الصغار على الكبار في موريتانيا

جمعة, 23/07/2021 - 13:22

قضى كوفيد على عادات كثيرة في المعايدات: فما من تجمعات في عيد الأضحى الذي يتواصل إحياؤه الفاتر في يومه الثاني، وما من تبادل للزيارات؛ فإجراءات كوفيد وحظر التجوال تحول دون حرية الناس في الاحتفاء بعيدهم الكبير.
لكن كوفيد بجبروته لم يتمكن من القضاء على عادة “أندوينه” أو ضريبة العيد التي يفرضها الصغار على الكبار، لقد استمرت هذه العادة بطقوسها ومكوسها.
ولم تتوقف ورطة العيد ولا متاعبه عند شراء الأسر المنهكة لأغلى الخرفان ولا عند اقتناء أغلى الملابس والأحذية، فهناك عادة المعايدة التي يسمونها محلياً غرامة “أنديونه” وهي عبارة عن مبلغ مالي تلزم التقاليد الكبار بدفعه للصغار أيام العيد الثلاثة.
هذه العادة غزت المجتمع الموريتاني منذ سنوات رغم أنها في الأصل عادة المجتمع السنغالي المجاور.
ومنذ الأربعاء، اليوم الذي قررت موريتانيا متأخرة أنه يوم العيد تبعاً لرؤية الهلال عندها، ولحد اليوم الجمعة، يواصل عشرات من الأطفال من مختلف الأعمار جولاتهم في الأحياء طلباً لضريبة “أنديونه” ولا محيد من الاستجابة لذلك، لأن تطبيق الوتساب وصفحات إنستغرام تتيح نشر قائمة الكرماء، وقائمة البخلاء أيضاً.
ومن إكراهات “أنديونه” أنها لا تدفع إلا بالنقد، فلا يمكن التعويض عنها بأي هدايا أخرى، وهي مع ذلك ملزمة لا بد من سدادها أيضاً وإلا حل العار بساحة من يبخل بها.
ويظل الجانب الميسر في هذه الإتاوة هو أنها غير محددة بمبلغ معين، لكن كرم وبخل الدافع ينقاسان بما سيجود به هذا أو ذاك، فيكون المدح حظ هؤلاء والقدح والهجاء حظ أولئك.
أما وقت “أنديونه” فممتد طيلة أيام العيد الثلاثة، ووقت التحصيل مفتوح لهذه الضريبة التي أصبحت مع اشتداد وطأة الأسعار وارتفاع نسب التضخم، عبئاً كبيراً على معيلي الأسر في مجتمع تنجذب إليه العادات الغريبة كثيراً.
هذه الإتاوة الاجتماعية التكافلية اختلقها مخيال إفريقيا الخصب بالتقاليد والأساطير، وفرضتها العادة على الكبار الذين عليهم أن يدفعوها عشية يوم العيد للصغار المتلهفين لها، وقد غزت المجتمع الموريتاني المختلط بالزنوج واستقرت فيه وأصبحت من نواميس العيد وطقوسه الثابتة.
ويرى الطبيب التقليدي السنغالي أن “عادة أنديونه خرجت عن أصلها التكافلي غير الملزم وتحولت إلى فريضة إلزامية، وهذا ما جعلها عادة سلبية”.
ويقول الإمام حسن انجاي: “إن عادة أنديونه تقليد اجتماعي عريق”، فهي حسب رأيه، “مثل زكاة الفطر، تفرض على الأغنياء دفع جزء من أموالهم للأطفال فيحدث بذلك نوع من التكافل”.
وتنبني على عادة “أنديونه” خرافات كثيرة، منها أن من سددها بطيب نفس يضمن له ألا يموت قبل العيد الموالي، ومن بخل بها ربما يغيب عن العيد المقبل، أو هكذا يعتقدون.

القدس العربي

جديد الأخبار