تلقت رسالة من "البوليساريو".. هل تغير موريتانيا موقفها من نزاع الصحراء الغربية؟

سبت, 01/10/2022 - 10:45

تسلم رئيس الجمهورية الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، رسالة من مبعوث خاص لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي، تتعلق بتطورات ملف الصحراء الغربية، بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة.

ويطرح توقيت الزيارة التي تأتي في وقت يعرف فيه ملف الصحراء الغربية تطورات جديدة، أسئلة عن خلفياتها، وعما إن كانت ستحمل تغيرا في الموقف الموريتاني "المحايد"، أم أنها تندرج ضمن مساعي نواكشوط لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع.

واستقبل رئيس الجمهورية الموريتاني، الخميس بالقصر الرئاسي في نواكشوط، عمر وزير داخلية جبهة البوليساريو منصور، الذي سلمه رسالة من إبراهيم غالي "رئيس الجمهورية العربية الصحراوية"، حسب وكالة الأنباء الرسمية الموريتانية.

"عن زيارة دي ميستورا"

حول مضمون الرسالة، كشف المسؤول "الصحراوي"، أنها تتعلق بتطورات القضية الصحراوية على ضوء جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي قام خلال الأسابيع الماضية بجولة داخل المنطقة. 

وقال عمر منصور، في تصريحه للوكالة الموريتانية، إن اللقاء "كان مناسبة للاستماع لنصائح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في هذا الموضوع، وهو ما ينسجم مع العلاقات الأخوية وحسن الجوار بين البلدين الشقيقين، وما دأبت عليه قيادتيهما من تشاور في القضايا التي تهم المنطقة".

وقام مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا، بداية شهر سبتمبر الجاري، بزيارة إلى تندوف للقاء جبهة البوليساريو وإلى كل من الجزائر العاصمة ونواكشوط، بعدما سبق له لقاء المسؤولين المغاربة بالرباط، شهر يوليو الماضي.

وتعد هذه الزيارة الثانية لستيفان دي ميستورا، بعد أن أجرى أول جولة له في المنطقة في يناير الماضي، أشهر قليلة بعد تعيينه مبعوثا إلى الصحراء، وذلك ضمن مساعيه الرامية إلى إعادة إطلاق المفاوضات بين أطراف الأزمة الممتدة منذ أربعة عقود.

وتحض الأمم المتحدة المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019 "بدون شروط مسبقة وبحسن نية" للتوصل إلى "حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين"، بهدف "تقرير مصير شعب الصحراء الغربية".

الموقف الموريتاني

وتعترف موريتانيا بـ"الجمهورية" التي تعلنها البوليساريو بالصحراء الغربية، منذ عام 1984، أي بعد خمس سنوات من توقيعهما اتفاقية سلام أنهت حالة الحرب بينهما، وتنسحب بموجبها موريتانيا من جزء كانت تسيطر عليه في الصحراء الغربية، غير أن هذا الاعتراف الرسمي لم يتطور إلى سفارة أو تمثيل دبلوماسي للبوليساريو في موريتانيا، رغم استقبال نواكشوط لمسؤولين البوليساريو بين الفينة والأخرى.

وتقول موريتانيا إنّها تتبنى ما تعتبره "الحياد الإيجابي" الذي يقوم على مبدأ احترام جميع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، بخصوص قضية الصحراء الغربية.

وفي آخر تصريحات رسمية حول الموضوع، عبر وزير الشؤون الخارجية الموريتاني، عن موقف بلاده الثابت من النزاع في الصحراء الغربية، ودعمه لجهود الأمم المتحدة، ولكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الرامية إلى إيجاد حل مستدام ومقبول لدى الجميع، وذلك في كلمته خلال اجتماع الجمعية للأمم المتحدة، الثلاثاء.

من جانبه، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية الناني ولد اشروقة، إن بلاده تتبنى، موقف الحياد الإيجابي، كما تحرص وتعمل بشكل مستمر على أن تكون علاقاتها الثنائية متميزة مع كل الأطراف، مع استعدادها التام وإرادتها الصادقة في اتجاه كل ما من شأنه أن يساهم في إيجاد حل سلمي للقضية الصحراوية.

وأبرز المسؤول الموريتاني خلال مؤتمر صحافي، منتصف الشهر الجاري، أن موريتانيا حريصة على أن تكون جزءا من الحل في قضية الصحراء لا جزءا من المشكلة، وفق تعبيره.

وحول ما إن كان الاستقبال الأخير للمسؤول الصحراوي توجها جديدا في موقف موريتانيا من النزاع، يقول الخبير الأمني الموريتاني، عبد الله أسلم، إن استقبال "وزير داخلية" البوليساريو، "لا يعني بأي شكل تغيرا في الموقف، بل يؤكد موقف موريتانيا المحايد والإيجابي من الطرفين؛ ولا شك هو رد واضح حيال الموقف المغربي الأخير الوارد في خطاب العاهل المغربي والذي أكد فيه أن بوصلة علاقات بلاده مع العالم تمر عبر منظار الصحراء".

وأضاف الخبير الموريتاني، في تصريح لموقع الحرة، أنه منذ خروج موريتانيا من نزاع حرب الصحراء عام 197‪9 والحكومات المتعاقبة تتمسك بما تسميه الحياد الإيجابي المتمثل في دعم كافة القرارات المعلنة من الأمم المتحدة وهيئاتها لحل قضية الصحراء الغربية، والخطوات الأخيرة لا تشير إلى تغير في الموقف.

وفي سياق متصل شدد المتحدث ذاته على أهمية التحركات الأممية الأخيرة لتفعيل الحوار بين الطرفين، لافتا إلى أن نواكشوط ستساهم في مساعي حلحلة النزاع، الذي تلقي تأثيراته بضلالها على موريتانيا المرتبطة بارتباط اجتماعي وثيق مع مكونات سكان الصحراء سواء في مخيمات تندوف أو في الأقاليم التي تقع تحت السيطرة المغربية؛ بما يجعلها رقما مهما في أي معادلة سياسة.

المغرب وموريتانيا

ورغم أن المسؤولين الموريتانيين يصفون موقفهم بالمحايد، إلا أن جزءا كبيرا من الأوساط المغربية، تتوجس من المواقف الموريتانية من نزاع الصحراء وعلاقاتها بجبهة البوليساريو، خاصة بعد الخطوة التونسية الأخيرة التي يصفها المغرب بـ"الانقلاب عن خط الحياد الإيجابي"، عقب توجيه الرئيس التونسي قيس سعيد دعوة إلى زعيم البوليساريو، وتخصيصه استقبالا رسميا له في سابقة من رؤساء تونس. 

الباحث في العلاقات الدولية، الشرقي الخطري، يقول إنّ حالتي تونس وموريتانيا تختلفان فيما بينهما، بالتالي لا يمكن الربط بين التوجه التونسي الجديد وباستقبال موريتانيا لعضو جبهة البوليساريو، لافتا إلى أن موريتانيا، دأبت على أخذ مسافة واحدة من كافة الأطراف والتعامل بواقعية شديدة والوقوف إلى جانب الرؤى السليمة في كثير من المحطات.

واستبعد الشرقي الخطري في تصريح لموقع الحرة، أن تغير موريتانيا موقفها، كما فعلت تونس، مشيراً إلى أن موريتانيا تعترف بالبوليساريو ولكن دون أن تقيم بعثات دبلوماسية معها، إلى جانب حضورها الدائم في طاولات المفاوضات، كونها أحد الاطراف المباشرة المعنية بإيجاد حل لملف.

وأوضح الخبير في ملف الصحراء، أن موريتانيا لديها علاقات سياسية واقتصادية قوية مع المغرب، وعرفت الأشهر الأخيرة الرفع من وتيرة العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، علاوة على تقاسم وجهات النظر أيضا في العديد من القضايا الاقليمية والدولية، بالتالي لا مؤشرات عن تحول ممكن في الموقف الموريتاني.

وتأسست جبهة البوليساريو عام 1973، مطالبة بانفصال الإقليم الغني بالثروة السمكية والفوسفات، وحملت السلاح ضد ما تصفه بالـ"احتلال المغربي"، ولم تهدأ الحرب إلا بعد أن تدخلت الأمم المتحدة في عام 1991.

وتسيطر الرباط على ما يقرب من 80 بالمئة من الصحراء الغربية التي تحدها موريتانيا جنوبا، وتقترح خطة حكم ذاتي تحت سيادتها، فيما تدعو جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير تحت رعاية الأمم المتحدة

الحرة

جديد الأخبار