انطلاق محاكمة الرئيس الموريتاني السابق بتهمة الفساد

أربعاء, 25/01/2023 - 21:45

مَثُل الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، أمس (الأربعاء)، أمام محكمة مختصة في مكافحة الفساد بنواكشوط، وكان إلى جانبه عشر شخصيات أخرى، من بينها صهره وبعض معاونيه خلال فترة حكمه (2009 – 2019)، فيما غاب رجل أعمال موجود خارج البلاد، وصفه القاضي الذي يرأس المحكمة بأنه «في حالة فرار».
وانطلقت جلسات المحاكمة في قصر العدل بنواكشوط، وسط إجراءات أمنية مشددة، فانتشرت وحدات من شرطة مكافحة الشغب في محيط المحكمة، ولكن ذلك لم يمنع عدداً من أنصار الرئيس السابق من التظاهر، والتعبير عن رفضهم للمحاكمة، مع المطالبة بالإفراج عن الرئيس السابق والتوقف عمّا سموّه «تصفية الحسابات السياسية».
في المقابل، تظاهر آخرون طالبوا بسجن الرئيس السابق، واستعادة أموال يعتقدون أنه استحوذ عليها خلال فترة حكمه، ورفعوا لافتات تقول: «أرجعوا أموال الشعب المنهوبة»، بينما كان بعضهم يردد هتافات تتهم الرئيس السابق ومعاونيه بـ«السرقة».
وكان المحتجون البالغ عددهم العشرات، يجوبون شارع جمال عبد الناصر، أكبر شوارع العاصمة حيث يقعُ على ناصيته الشمالية قصر العدل، ولكن شرطة مكافحة الشغب منعتهم من الاقتراب أكثر من بوابات قصر العدل، قبل أن تفرقهم خشية وقوع احتكاكات بين الطرفين.
وعلى الرغم من الزخم الإعلامي الذي رافق انطلاق المحاكمة، وتصدرها لنقاشات الموريتانيين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن حركة السير بدت طبيعية في وسط العاصمة، وكان أغلب المواطنين منشغلين بأمور حياتهم اليومية، مع أنها المرة الأولى التي يقدم فيها رئيس موريتاني سابق إلى المحاكمة بتهمة الفساد.
ومنع التصوير أو إدخال الهواتف إلى قاعة المحاكمة، بقرار من رئيس المحكمة، برره بالخوف من التشويش على مجريات الجلسات، فيما بدا ولد عبد العزيز خلال الجلسة الافتتاحية هادئاً وهو يجلس في قفص الاتهام، من دون أن يتكلم أو يعترض على أي من نقاشات فريق محامي الدفاع مع الادعاء، حول أمور شكلية هيمنت على الجلسة الأولى.
وحضرت المحاكمة ثلاث تشكيلات من المحامين: الأولى تضم فرق الدفاع عن المتهمين، والثانية عبارة عن فريق يمثل الدولة الموريتانية كجهة متضررة، بينما يمثل الفريق الثالث لفيفاً من هيئات المجتمع المدني المختصة بمحاربة الفساد والرشوة، طلبت أن تمثل الطرف المدني في المحاكمة.
وأوقفت الشرطة جميع المتهمين، مساء أول من أمس الثلاثاء، للتحفظ عليهم أثناء مجريات المحاكمة، وجرى التحفظ عليهم في شقق تابعة للعدالة في أحد أحياء العاصمة نواكشوط، بينما تم التحفظ على الرئيس السابق في مدرسة الشرطة، التي سبق أن سجن فيها لعدة أشهر عام 2021.
وكانت سلمى عبد العزيز، ابنة الرئيس السابق وزوجة أحد المتهمين، قد صرحت لوسائل الإعلام بعد توقيف والدها أنه تعرض لوعكة صحية، محملة السلطات مسؤولية الوضع الصحي لوالدها، مشيرة إلى أنه خضع قبل عام لقسطرة في القلب، وما زال يعاني من مضاعفات السجن. فيما قال محامون من فريق الدفاع إن ظروف احتجاز ولد عبد العزيز «سيئة»، مشيرين إلى خطورة ذلك على وضعه الصحي.
وأكدت الحكومة الموريتانية، عشية انطلاق المحاكمة، أن كافة الإجراءات التنظيمية والأمنية تم اتخاذها لضمان محاكمة شفافة، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة: «سنسمح للصحافة بحضور جلسات هذه المحاكمة الأولى من نوعها في تاريخ البلد».
ويواجه ولد عبد العزيز اتهامات بالفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع، ضمن شخصيات أخرى كانت تعمل معه خلال حكمه للبلاد، فيما جمدت العدالة الموريتانية 41 مليار أوقية قديمة (أكثر من 100 مليون دولار) في إطار تحقيقاتها، أكثر من نصفها كان من ممتلكات ولد عبد العزيز وأفراد عائلته، إلا أن ولد عبد العزيز ينفي كل هذه التهم، ويؤكد أن ما يتعرض له هو «تصفية حسابات» لمنعه من الاستمرار في ممارسة السياسة، حتى إن ولد عبد العزيز أصبح في الفترة الأخيرة يقدم نفسه على أنه المعارض الأبرز والأكثر شراسة لنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، رفيقه السابق لأربعين سنة، ولكن خلافات سياسية فرقت بينهما نهاية عام 2019.
بالإضافة إلى ولد عبد العزيز وصهره رجل الأعمال محمد ولد امصبوع، جلس في قفص الاتهام يحيى ولد حدمين (وزير أول سابق)، ومحمد سالم ولد البشير (وزير أول سابق)، ومحمد عبد الله ولد اوداعة (وزير سابق)، والطالب ولد عبدي فال (وزير سابق)، ومحمد سالم ولد إبراهيم فال (مدير سابق لشركة الكهرباء)، ومحمد ولد الداف (الرئيس السابق لمنطقة نواذيبو الحرة).

نواكشوط: الشيخ محمد

جديد الأخبار