دخلت محاكمة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز مرحلة معقدة بعد أن قررت هيئة دفاعه الانسحاب نهائياً من الجلسات الباقية من المحاكمة، وهو ما قابلته المحكمة بتعيين محامين بدلاء عن محامي الرئيس السابق ومجموعته.
وحددت المحكمة يوم الإثنين المقبل موعداً لبدء جلسات المرافعة وفقاً لجدولة تبدأ بمرافعة النيابة العامة، ثم بمرافعات الطرف المدني المدافع عن الدولة، ثم بمرافعات محامي الدفاع عن المتهمين، وهم الرئيس السابق و12 متهماً من معاونيه إبان فترة حكمه ومن أقربائه المباشرين.
وأكدت هيئة الدفاع عن الرئيس السابق في بيانها الخاص بانسحابها «أنها قررت لعدة أسباب وبعد بالتشاور مع موكلها، الانسحاب الكلي من المحاكمة، نظراً لانعدام أبسط شروط المحاكمة العادلة، ولعدم فائدة الدفاع عن متهم أمام محكمة تحرمه حقه في الاستماع لشهود النفي وحقه في إعداد وتقديم وسائل دفاعه».
وأضاف البيان: «بعد انسحابنا في هيئة الدفاع الأسبوع الماضي عن جلسات المحكمة احتجاجاً على عدم قبولها الاستماع لطلباتنا المتعلقة بشهود النفي، وعودتنا اليوم على أثر وعد من المحكمة بالاستماع لطلباتنا والبت فيها طبقاً للقانون، تقدمنا أمام المحكمة بطلب تلقي إفادات شهود النفي، واستكمال استجواب موكلنا، وتهيئة ظروف تسمح لتحضير الدفاع معه، فرفضت المحكمة طلباتنا دون أدنى تأسيس قانوني أو منطقي يمكن الركون إليه».
وأكدت أن «كل ذلك استوجب بياناً لعدة أمور، منها أن رفض الاستماع لشهود النفي يعني رفض تلقي وسائل دفاع المتهم التي لا تمكن محاكمته دون تلقيها طبقاً للمادة 7 من التنظيم القضائي، فضلاً عن خرق المادة 294 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحيل للفقرة 3 من المادة 263 التي تتيح للمتهم طلب استدعاء شهود النفي، وخرق المادة 587 من قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بمسطرة تلقي شهادة الوزراء، فضلاً عن انتهاك البند 4 من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه: لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء نظر قضيته وعلى قدم المساواة التامة بضمانات دنيا، منها «أن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام».
وأوضح البيان «أن المحكمة رفضت كذلك استكمال الاستماع لموكلنا الذي سبق أن علقت الاستماع إليه من أجل العودة إليه لاحقاً، كما رفضت إتاحة الظروف المناسبة للقاء هيئة الدفاع بموكلها من أجل تحضير دفاعه في ظروف تكفل سرية اللقاء».
هذا وأكدت مصادر قضائية موريتانية «أن نهاية محاكمة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (2008-2019)، و12 متهماً من معاونيه السابقين وأقربائه، باتت قريبة حيث ستفتح المحكمة الجنائية الباب يوم الإثنين المقبل أمام المرافعات ذات الأهمية البالغة التي ستحدد مصير الرئيس السابق وبقية المشمولين معه، في أول محاكمة لرئيس موريتاني، بل عربي، عن أخطائه خلال فترة حكمه.
وحيا الأستاذ لو غورمو عبدول، المحامي المتعهد في صف الطرف المدني مسار المحاكمة، مؤكداً أنها «تجري طبقاً للقواعد والضوابط مع احترام كامل لحقوق الدفاع».
وأوضح في تصريحات صحافية «أن المحاكمة تتجه لمرحلة المرافعات الحاسمة في هذه المقاضاة المستمرة منذ عدة أشهر». وأضاف «أن جو المحاكمة مكن من الاستماع لكافة المتهمين على مدى أشهر عدة، وأن المنتظر الآن هو مرافعات محامي الطرفين التي ستكون ثقيلة ومكثفة».
أما الأستاذ الطالب أخيار محامي الدفاع عن الرئيس السابق فقد ندد، في تقييم للمحاكمة، بظروف اعتقال موكله الذي يرى «أن صحته في غاية الهشاشة، وأن اتصالاته محاط برقابة مشددة، وخلو ملف موكلها من أي وثيقة صادرة عن هيئات الرقابة الرسمية مثل المفتشية العامة للدولة، ومحكمة الحسابات والمفتشية العامة للمالية، واعتماد الملف على مسوغات وتهم مؤسسة على شهادات لا يمكن التحقق منها».
ويتحدث دفاع الرئيس السابق عما يسميه «محاكمة سياسية»، وهو ما ظل الرئيس السابق يكرره أمام المحكمة، مؤكداً «أنه محصن بالمادة 93 من الدستور الموريتاني، وأن المحكمة الجنائية التي تتولى محاكمته حالياً غير مختصة في محاكمته بمقتضى المادة المذكورة»، مشدداً نفيه لسلسة التهم الموجهة له.
ويُحاكم ولد عبد العزيز وآخرون منذ أواخر كانون الثاني/يناير الماضي «بتهمة إساءة استغلال منصبه لأكثر من عشر سنوات لجمع ثروة طائلة، كما يحاكم بتهم الفساد والإثراء غير المشروع وغسل الأموال، ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية، والإضرار بمصالح الدولة، وبمنح عقود عامة بطرق خارجة عن القانون، والاستحواذ على عقارات وأراضي مملوكة للدولة».
نواكشوط –«القدس العربي»: