وسط تصاعد الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي والمعرف أن قطر من أبرز ممولي الجماعات التي تنفذها، بدأت قوى دولية وإقليمية تحركاتها لإعادة الاستقرار والأمن لتلك المنطقة التي عانت من انتشار كثيف للجماعات الإرهابية على مدى السنوات الماضية.
وتتركز جهود المجتمع الدولي حالياً على إطلاق قوة الساحل الأفريقي لمكافحة الإرهاب وقوامها 5 آلاف جندي تنتمي لخمسة بلدان هي: موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.
فبعد الاجتماع الموسع الذي استضافته باريس منتصف ديسمبر الحالي وضم حوالي 20 من قادة أوروبا وأفريقيا لتسريع إطلاق القوة الجديدة المشتركة، تحدثت مصادر إعلامية عن سعي المملكة العربية السعودية لعقد اجتماع بالرياض شهر يناير القادم للغرض نفسه حيث تسعى كل من السعودية والإمارات إلى تعزيز جهودهما في مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والقاري وتوسيع دائرة التصدي له بغية قطع الطريق على داعميه ومموليه. كذلك ينتظر أن تحتضن العاصمة البلجيكية بروكسيل مؤتمرا للمانحين في 23 فبراير 2018 للتعبئة المالية لدعم قوة الساحل الإفريقي لمكافحة الإرهاب.
وتعرف المنطقة المذكورة تصاعداً خطيراً لعمليات الجماعات المتشددة كان آخرها هجومان منفصلان الثلاثاء 26 ديسمبر تبنتهما جماعة ما تسمي نفسها «نصرة الإسلام والمسلمين» الإرهابية على مركزين للدرك بمالي، أحدهم على الحدود المالية البوركينابية، والثاني بمدينة «نونو» في ولاية سيكو المالية.
وقال الخبير العسكري الموريتاني العقيد ركن البخاري محمد مؤمل في تصريح لـ«لبيان» انه على الرغم من أن عدد الإرهابيين في منطقة الساحل الأفريقي يتراوح بين 500 إلى 800 عنصر فإن استئصال شأفتهم والقضاء على خطرهم المزمن يحتاج لقوة محلية تنتمي للبلدان المستهدفة نظراً لخبرتها الواسعة في جغرافيا المنطقة وكذلك معرفتها الجيدة بالسكان «. ويعتقد الخبير العسكري أن انعدام هذه الميزة كان سبباً في عجز القوات الأجنبية (الفرنسية والأممية) حتى الآن عن الحد من هجمات الإرهابيين، بالإضافة إلى إحساس السكان المحليين بأنها قوات لا شرعية مما يعقد من مهمتها ويحد من فاعليتها». ويشير في هذا الصدد إلى أن الدعم المالي واللوجستي هو ما تحتاجه عملية مكافحة الإرهاب التي تنوي دول المنطقة التعاون من أجلها، معتبراً أن المساهمة السعودية والإماراتية المقدرة بـ 130 مليون دولار المعلن عنها في اجتماع باريس الماضي ستعجل بانطلاق عمليات قوة الساحل وستكون حاسمة في قدرة تلك القوة على القيام بعمليات ميدانية ضد المتطرفين المتمترسين في أعماق الصحراء«.
ولفت إلى أن تعدد مصادر التمويل لهذه الجماعات يمثل حجر عثرة في القضاء عليهم، وتشمل مصادر تمويلهم في الأساس على التهريب واختطاف الرهائن للحصول على فدية، بالإضافة لتمويلات تأتي من بعض الدول على رأسها قطر تأخذ في ظاهرها طابعاً إنسانياً بينما تدر على الإرهابيين أموالاً كثيرة».
وأشار العقيد البخاري إلى أن منطقة الساحل الأفريقي معرضة لتوافد العديد من العناصر المتشددة قادمة من الشرق الأوسط بعد الهزائم التي لحقت بها في الآونة الأخيرة، مؤكداً على أن بقايا داعش في العراق وسوريا قد تلجأ إلى شمال وغرب القارة الأفريقية حيث ستجد مكاناً تتمركز فيه بعيداً عن الملاحقة، مضيفاً أن هناك مؤشرات على ارتباط بعض الجماعات بتنظيم داعش الإرهابي منها جماعة يقودها المتطرف «عدنان أبو الوليد الصحراوي» الذي انشق عن تنظيم القاعدة في شهر مارس 2015 وأعلن مبايعته لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والولاء لخليفتها «أبو بكر البغدادي»، وقد نفذت الجماعة التابعة له عدة عمليات في مالي وبوركينافاسو والنيجر.
محمد الحبيب
albayan.ae