حلم مؤجّل.. نصف أطفال موريتانيا بلا أوراق مدنية

خميس, 14/12/2023 - 07:04

تنتظر فاطمة بنت محمد أمام مقر الحالة المدنية في مقاطعة عرفات بالعاصمة نواكشوط، تنتظر دورها لإحصاء طفلها البالغ من العمر 6 سنوات، منعته البيروقراطية وتعقيداتها من الحصول على أوراق مدنية.
منذ 5 سنوات تتنقل فاطمة يوميا بين المراكز بهدف إحصاء طفلها، فلا يمكنه الولوج إلى المدرسة بدون حصوله على أوراق ثبوتية، وهي "مهمة صعبة وشاقة"، تقول فاطمة.
ويعدّ ابن فاطمة من بين مئات الأطفال في موريتانيا المحرومين من الحصول على أوراق ثبوتية، بعضهم لا يملك السند العائلي ويعيش في الشارع وفي دور الأيتام.
أطفال بلا هوية
والأطفال فاقدو السند العائلي في موريتانيا، هم الأطفال الذين ولدوا في ظروف صعبة، أو الذين وجدوا مرميين في القمامة أو على قارعة الطريق، أو من لم يعترف أباؤهم بهم ويرفضون منحهم اسمهم العائلي.
تقول فاطمة في تصريح لمنصة "المشهد"، إن والد طفلها يرفض الاعتراف به، فقد تزوجته سرا، لتقع "ضحية هذا الزواج".
وتضيف أنه بعد أن أنجبت الطفل رفض والده الاعتراف به، ومنحه اسم عائلته، هو ما جعل ابنها لا يحصل على أوراق مدنية تمكّنه من الولوج إلى المدرسة.
وتشير فاطمة إلى أنها تأمل في تسجيل ابنها في المدرسة هذا العام بعد إحصائه في الحالة المدنية، وتستفيد من القرار الصادر عن الحكومة بإحصاء هذه الفئة.
جهود حكومية لحماية الأطفال
وصدقت الحكومة الموريتانية على خطة عمل متعددة القطاعات، للقضاء على ظاهرة تسيب الأطفال وتسربهم إلى فئة أطفال الشوارع بسبب فقدهم السند العائلي والرعاية الأسرية.
في السياق، يقول المستشار في وزارة الشؤون الاجتماعية عبد الله ولد محمد إن اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة إشكاليات الأطفال دون السند العائلي وفاقدي الرعاية الأسرية، برئاسة الوزير الأول محمد ولد بلال مسعود صدقت على "خطة عمل متعددة القطاعات، مقدمة من طرف اللجنة الفنية والساعية للقضاء على ظاهرة تسيب الأطفال وتسربهم إلى فئة أطفال الشوارع بسبب فقدهم السند العائلي و الرعاية الأسرية واعتماد الإجراءات الضرورية للمكافحة الجذرية لأسباب هذه الظاهرة".
وأضاف المستشار في تصريح لمنصة "المشهد"، أن ظاهرة الأطفال فاقدي السند العائلي صارت مقلقة للحكومة الموريتانية، ما جعلها تشكل لجنة وزارية تهدف لوضع آلية أجل ترقيتهم ودمجهم في المجتمع من خلال تفعيل الأطر القانونية لإجبارية التعليم لهؤلاء الأطفال و تحريم تشغيلهم.
أرقام رسمية صادمة
وكشفت وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، أن قرابة نصف أطفال موريتانيا بلا أوراق ثبوتية، ما يحرمهم من التعلم.
في هذا الإطار، يقول الباحث الاجتماعي سيدي ولد دانه، إن الأرقام الصادرة بهذا الخصوص صادمة وتعكس مدى إهمال هذه الفئة والخطر الذي تشكله على المجتمع الموريتاني.
ويضيف ولد دانه في تصريح لمنصة "المشهد"، أنه رغم إقرار الحكومة قانونا لحماية الطفل، فإن آلاف الأطفال يعملون اليوم، بدلا من الذهاب إلى المدرسة يؤدون أعمالا أكبر منهم.
هذا ما تؤكده رئيسة جمعية حماية الطفل مريم بنت الصادق، حيث ترى أن نسبة عمالة الأطفال في البلاد تبلغ 37%.
وتقول بنت الصادق في تصريح لمنصة "المشهد"، إن معظم هؤلاء الأطفال لم يحصلوا على الأوراق المدنية، ما حرمهم من التمدرس، فلم يكن أمامهم إلا العمل أو الدخول في عالم الجريمة.
معضلة تسيّب الأطفال
وكانت وزارة العمل الموريتانية قد حذرت من تجذر ظاهرة تشغيل الأطفال في موريتانيا، مؤكدة أن نتائج الإحصائيات التي قيم بها 2011 و2015 تظهر أن نسبة تشغيل الأطفال في الريف الموريتاني زادت على 36%، وأن ثلث الجيل الحالي معرض لخطر الظاهرة.
وسبق للجنة الموريتانية لحقوق الإنسان، أن أكدت في تقريرها السنوي أن نسبة عمالة الأطفال ما زالت مرتفعة، رغم القوانين التي صدرت لمنع عمل الأطفال.
وأوضح التقرير أن الأطفال المحتاجين بموريتانيا ما زالوا يعانون بوجه خاص من مشاكل النفاذ للخدمات الاجتماعية الأساسية كالتعليم والصحة، كما أنهم يعانون من الاستغلال في الأعمال الشاقة والخطرة، ومن التنقل وانعدام الرعاية والإقصاء الاجتماعي.
الحكومة الموريتانية تعترف بوجود تقصير في هذا الملف ما جعله يتعقد، وتقول إنها بدأت معالجته وحلحلته بشكل نهائي.
ويؤكد العضو في اللجنة الفنية المكلفة بمتابعة ملف الأطفال فاقدي السند العائلي ميمون بابا، أن الحكومة أصدرت تعميما يدعو المراكز المدنية إلى تمكين الموريتانيين، خصوصا الأطفال من الحصول على الأوراق المدنية.
ويضيف ولد بابا في تصريح لمنصة "المشهد"، أن حل مشكلة الأوراق المدنية يكون إنجازا، لأنه سيمكن آلاف الأطفال من حقهم في الحصول على تعليم لائق.

المشهد

جديد الأخبار