لم يكد موقع "هسبريس" ينهي حملته الشعواء، ودق إسفين الفتنة بين الشعبين الجزائري والمالي، حتى بدأ هذيان بعض كتابه الافتراضيين، الذين طالما استمرأوا الإساءة إلى موريتانيا، وحركوا ذبابهم و"بودواتهم" الالكترونية، التي لم تفوت فرصة لاتهام الجزائر، وجبهة البوليساريو بالوقوف وراء كل حدث يمكن أن يشكل ركوبه تعكير صفو علاقات موريتانيا الحسنة مع جميع جيرانها؛ متناسين أن موقف موريتانيا الثابت من نزاع الصحراء الغربية موقف اتخذته بناء على سعيها لمصلحة شعبها، ومصلحة المنطقة والهدوء فيها، وتوفير الظروف لتمكين شعوب المنطقة من العيش بسلام.
وهو موقف أكد عليه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، في خطاباته أمام الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مجددا دعم موريتانيا لجهود الأمم المتحدة ولكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، الرامية إلى إيجاد حل مستدام ومقبول لدى الجميع..
موريتانيا التي ستبدأ تصدير أولى شحناتها من الغاز المسال مطلع العام القادم بإذن الله، والتي تربطها علاقات طيبة مع جميع أشقائها وجيرانها، بعد تبنيها استراتيجية أمنية متكاملة ومندمجة طالما ظلت موضع إشادة من الجميع، مكنتها من المساهمة في العمل على استعادة الأمن والاستقرار في شبه المنطقة عبر مجموعة دول الساحل الخمس، خلال توليها رئاستها الدورية، موريتانيا التي شاركت في قوات حفظ السلام الأممية في جمهورية إفريقيا الوسطى، فضلا عن احتضانها لأكثر من 100 ألف من اللاجئين الماليين الفارين بسبب الاضطرابات الأمنية في بلادهم، وعدم إلقائها بالا لضغوطات الإيكواس الهادفة بالأساس إلى خنق الماليين، مؤكدة بذلك على أنها لن ترتهن لموقف أي كان على حساب مواقفها السيادية المبنية على مراعاة مصلحة الوطن وسيادته وأمنه قبل كل شيء .
لكن، يبقى من غير المستساغ أن يؤكد الاجتماع الوزاري الأول للدول الإفريقية الأطلسية، المنعقد في 8 يونيو 2022 بالرباط، بدعوة من المملكة المغربية على انعقاد هذا الاجتماع في سياق إقليمي ودولي جد خاص، وحافل بالتحديات بالنسبة لبلدان المنطقة، ويورد هذه النقطة بالذات في "إعلان الرباط"، ليحدثنا كاتب مغمور عن غياب موريتانيا عن اجتماع لاحق، يطرح وقت اختياره عدة تساؤلات، ونقاط استفهام عن توقيته في ظل انشغال جل كتاب "هيسبرس" بصب الزيت على نار تأزيم العلاقات بين الجزائر ومالي، بعدما جرهم التحامل، وحب التأزيم إلى القول: "إن موريتانيا منذ تولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الحكم فيها عرفت علاقاتها مع المغرب نوعا من الركود والرتابة التي يصعب معها إيجاد توافقات إقليمية بين البلدين".
فإلى متى سيترك الحبل على الغارب للمواقع الصفراء، والمتحاملين على الأشقاء العابثين بالأخوة، سعيا إلى التأزيم وتعكير صفو الود، الذي طالما عبرت عنه قيادتا بلدينا الشقيقين، اللهم إن كان صحفيو "هسبريس" يعملون ضد إرادة الملك!!!
د. دباس ولد عباس
باحث في مجال العلاقات الدولية