لم تمر على تحذيرات العواصم الغربية من سعير منطقة تندوف زويرات فقط سوى أيام معدودة، قبل أن تشهد المنطقة الملتهبة بنار جبهة “البوليساريو”، حادثا مأساويا راح ضحيته أحد الحراس الشخصيين المرافقين للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، بعد عودتهم من المعبر الحدودي الذي يربط بلدهم بالجزائر اتجاه مدينة تندوف.
هذا الحادث الاستثنائي، بقدر ما أثار انتباه متتبعي الشأن السياسي بالمنطقة، لم يحظ بالاهتمام المطلوب من طرف الإعلام الجزائري وأيضا الموريتاني، إذ تبقى إلى حدود اليوم تفاصيل الواقعة مبهمة دون خروج الطرف المتضرر من الحادث بايضاحات تفسر بعض الجزئيات الملغزة.
ورغم الصمت الذي رافق الحادث، طرح هذا الموضوع تساؤلات عديدة حول حقيقة تعرض الرئيس الموريتاني لمحاولة “اغتيال داخل الأراضي الجزائرية”، خاصة أن سياق الواقعة جاء بعد التقارب الذي عرفته العلاقات المغربية الموريتانية.
تعليقاً على هذا الموضوع، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “توقيت زيارة الرئيس الموريتاني إلى منطقة تندوف تميزت بتناسل تحذيرات العديد من الدول الأجنبية من مغبة توجه إلى المنطقة، نتيجة الاحتقان الأمني المتسم بانتشار عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الراديكالية على رأسها جبهة البوليساريو”.
وأضاف سالم عبد الفتاح، أنه “من غير المستبعد أن يكون الحادث الذي عرفه الموكب الرئاسي الموريتاني أثناء زيارته لتندوف نتيجة عمل إرهابي غرضه استهداف موريتانيا، وزعزعة أمنها واستقلالها الذاتي”.
وتابع المتحدث عينه أن “الجزائر تمارس العديد من الضغوط على حكام موريتانيا، حيث توظف الملفات الأمنية لوضع الحدود بينها وبين جارتها، وأيضا نزاعها مع دول الساحل الإفريقي، معتمدة على العصابات والجماعات المسلحة”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “الجزائر ترى موريتانيا منافستها المستقبلية بخصوص مادة الغاز، لأن هذا الأخيرة بدأت تعمل على تصدير هذه المادة من حقل السلحفاة الموجود بينها وبين السنغال إلى أوروبا، كما يرتقب أن تقوم بتصدير الغاز من حقل آخر”.
وزاد: “موريتانيا تعتبر من بين بلدان الساحل الأكثر استقرارا، نظرا أن المنطقة عرفت تقلبات أمنية عديدة وانقلابات غيرت وجوه أصحاب القرار بالبلدان الموجودة على شريط الساحل الإفريقي”.
وخلص سالم حديثه قائلا: “من غير المستبعد أن يكون غرض استهداف الرئيس الموريتاني هو تقويض الجارة الجنوبية بعد انفتاحها على المملكة المغربية، بحكم العلاقات الثنائية التي باتت تجمع البلدين، خاصة بعد قبول انخراطها في المبادرة الملكية الأطلسية”.
مصطفى منجم
الأيام 24