فيما يتواصل جدل مستعر حول الاتفاق الموريتاني الأورو-إسباني حول الهجرة غير النظامية، جددت الحكومة الموريتانية نفيها لما يجري تداوله بخصوص التحضير لتوطين المهاجرين الأجانب على أراضيها باتفاق مع الأوروبيين. فقد أكدت الحكومة على لسان الناطق باسمها وزير البترول، الناني ولد اشروقة، أن “موريتانيا لن تكون بلد توطين للمهاجرين غير النظاميين أبداً”.
وشدد خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة، التأكيد على “أنه لا هدف لما يجري تداوله حول اتفاق في مجال الهجرة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، سوى تخويف المواطنين”.
وأضاف في رد على الحملة الانتقادية المركزة على الحكومة: “حقيقة هذه القضية هي أن موريتانيا طالبت بوضع إطار تعاوني مع الاتحاد الأوروبي نظراً لموقعها الجغرافي والأوضاع الإقليمية المتجددة في المنطقة، وما زال النقاش متواصلاً حول هذا الاتفاق”.
وأشار الوزير “إلى أن موريتانيا لديها منذ 2003، اتفاقية ثنائية مع المملكة الإسبانية حول الهجرة؛ ولأسباب موضوعية طالبت موريتانيا بإلغاء هذه الاتفاقية أو تحيينها، وهو ما بدأ الطرفان العمل عليه”، مضيفاً: “إن الاتحاد الأوروبي دخل على الخط في هذه القضية، لأنه مهتم بحل قضايا الهجرة”.
وفي هذه الأثناء، يتواصل في موريتانيا الجدل حول اتفاق موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي الجاري التحضير لتوقيعه؛ وقد وجد خصوم الرئيس الغزواني في هذا الاتفاق مادة خصبة لانتقاد تسييره ولاتهام نظامه “بالدخول في صفقة خاسرة لا تراعي مصالح البلد”.
وبعد أن حذر الساسة وقادة الأحزاب من اتفاق الهجرة في سيل من البيانات والتدوينات، دخل الجدل منحى قانونياً حيث تناوله عدد من كبار رجال القانون والمحامين الموريتانيين. واعتبر المحامي البارز والخبير القانوني محمد سيدي عبد الرحمن إبراهيم في تحليل مطول لقضية الهجرة “أن توقيع موريتانيا لاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول معاملة المهاجرين يتعارض مع الاتفاق الموقع مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الذي يسمع بتنقل الأشخاص”، مضيفاً: “إن المصلحة العليا تتطلب الاختيار بين ما يعرضه علينا الاتحاد الأوروبي وما يحققه الاتفاق مع مجموعة الجيران، وهو ما يقع ضمن اختصاص الاقتصاديين”. وقال: “نظراً لعدم عرض الاتفاقيات والتفاهمات المتعلقة بالهجرة على البرلمان، وفي غياب إمضاء رئيس الجمهورية لها فإنها غير قانونية ولا تعد ملزمة للدولة الموريتانية التي تنص المادة 78 من دستورها على ما يلي: “معاهدات السلم والاتحاد ومعاهدات التجارة والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالتنظيم الدولي وتلك التي تلزم مالية الدولة والمعاهدات الناسخة أحكاماً ذات طابع تشريعي وتلك المتعلقة بحدود الدولة كلها لا يمكن التصديق عليها إلا بموجب قانون” كما تنص المادة 36 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية على ما يلي: “يمضي رئيس الجمهورية المعاهدات ويصدقها”.
وأضاف المحامي والخبير القانوني محمد سيدي “أن توقيعات الوزراء، بمن فيهم الوزير الأول، للمعاهدات، قبل مصادقة البرلمان عليها، توقيعات تمهيدية غير ملزمة للدولة ما لم تكتمل مسطرة التصديق بتصويت البرلمان بالسماح بالتوقيع ووقوع الإمضاء المادي من رئيس الجمهورية الذي يجسد الدولة، ونشر المعاهدة في الجريدة الرسمية، كي لا يعذر المواطنون بجهل الاتفاقيات التي خولها الدستور سلطة فوق سلطة القانون، بنص المادة 80 من الدستور”. وأكد أحمد سالم بوحبيني، رئيس اللجنة الوطنية الموريتانية لحقوق الإنسان في مقال تحليلي حول اتفاق الهجرة الموريتاني الأوروبي، أن “الحكومة لم تستشر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان”؛ مضيفاً “أن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمهاجرين مطلب لدى الدول الإفريقية لحماية حدودها من مخاطر الهجرة، والمفترض أن كل دولة تفاوض كي تكون الاتفاقية في مصلحتها، وكي لا تتحول إلى خزان للمهاجرين”.
وأشار رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى “أن الدولة قصرت فيما يتعلق بتوفير المعلومة للمواطنين وهو حق من حقوق الإنسان، حيث فتح عدم توفير المعلومات للمواطنين، الباب أمام كل الأقاويل”. ويتفاعل في الساحة الموريتانية، منذ أسابيع، موضوع اتفاق موريتاني أوروبي حول معاملة المهاجرين العابرين إلى أوروبا الذين يعمل الاتحاد الأوروبي جاهداً، منذ عقود، لتفويض جيرانه للتعامل معهم، قبل أن يتجاوزوا الحدود.
ويتردد خبر حول التزام الاتحاد الأوروبي بأن يدفع لموريتانيا مبلغ 210 ملايين يورو قبل انقضاء السنة الجارية وذلك من خلال اتفاق سيوقعه الجانبان يوم السابع مارس/ آذار الجاري.
وتسارعت اللقاءات الأوروبية الموريتانية من أجل إبرام هذا الاتفاق، وفي هذا السبيل أعربت مندوبية الاتحاد الأوروبي في موريتانيا في رسالة أخيرة للخارجية الموريتانية، عن رغبة مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي في القيام بزيارة رسمية لموريتانيا يوم 7 مارس/ آذار 2024 مصحوبة بوزير الداخلية الإسباني، وسكرتير الدولة البلجيكي المكلف باللجوء والهجرة
عبد الله مولود