إن الحالة النفسية التي يعاني منها هؤلاء المتقاعدون يجب أن تُحلل بعمق. ربما تعكس هذه الحالة إحباطات مرتبطة بعدم الاعتراف بجهودهم الماضية، أو غياب الآفاق المستقبلية بعد خدمتهم، أو ظروف المعيشة التي لا تلبي توقعاتهم. يجب على الدولة أن تتساءل عن كيفية تكريم هذه الكفاءات البشرية، حيث أن هؤلاء الرجال لا يزالون يمتلكون خبرة وانضباطًا يمكن أن يساهما بشكل كبير في تعزيز التماسك الوطني.
مقدمة
هذا العرض هو محاولة للتفكير في الوضع العام للمتقاعدين من القوات المسلحة وقوات الأمن. ويجب اعتباره خطوة تشاركية تهدف إلى إظهار التضامن مع جميع مطالب إخوتنا في السلاح.
في هذا السياق، بادر مجموعة من ضباط الصف في الدرك بمبادرة تهدف إلى تحديد الصعوبات التي يواجهها العسكريون والدركيون السابقون. بعيداً عن أي ادعاء، تهدف هذه المبادرة إلى تحليل المشكلة بتواضع، وتقديم اقتراحات للمتقاعدين ولصناع القرار.
إنها دراسة بسيطة، بدون دوافع احتجاجية، وتندرج في إطار مساهمتنا بجانب السلطات العامة التي نضع فيها كامل الثقة واحترامنا التام.
وفي النهاية، هذه المبادرة دعوة لإخوتنا في السلاح، الذين يُشكِّلون نخبة محترمة، ولجميع أصحاب النوايا الحسنة، بهدف وحيد وهو تحسين ظروف حياة المتقاعدين.
نظرة عامة على وضع المتقاعدين من القوات المسلحة
بالمقارنة مع المتقاعدين من القطاعات الأخرى في الدولة، تظل معاشات تقاعد أفراد القوات المسلحة ضئيلة جداً، ولا تفي بتغطية نفقات أسرة، حتى وإن كانت متواضعة.
ورغم أن وضع المتقاعدين الموريتانيين بشكل عام مؤسف، فإن وضع أفراد القوات المسلحة يمثل حالة استثنائية بشكل خاص. من المهم أن نتذكر أن لا الإسلام ولا التقاليد يجيزان هذا الإهمال الذي يتعرض له هؤلاء المتقاعدون. فهم آباء وأمهات للنخبة الحاكمة الحالية، ومنهم الوزراء، والمحامون، والقضاة، والضباط، والمسؤولون والموظفون.
هؤلاء المتقاعدون هم من سهروا على تنشئة أولادهم، واهتموا بصحتهم وتعليمهم، وساهموا بذلك في جعلهم ما هم عليه اليوم. ويحثّ الأخلاق الإسلامية والاجتماعية بشكل واضح على ضرورة الإحسان إلى الآباء وتقديرهم بالشكل الذي يستحقونه.
استحقاق لا جدال فيه
متقاعدو القوات المسلحة هم من ساهموا في بناء الدولة الموريتانية كما هي اليوم، حيث واجهوا تحديات البعد والعزلة وغياب البنية التحتية والظروف المناخية القاسية. لقد دافعوا عن وحدة التراب الوطني وأمن المواطنين.
ومن المفارقات أن هؤلاء الرجال والنساء، الذين بذلوا تضحيات بطولية وعانوا كثيراً، يجدون أنفسهم اليوم، وغالباً ما يكونون مصابين بأمراض مزمنة، مجبرين على القيام بأعمال لا تتناسب مع قدراتهم البدنية، أو مضطرين للتسول، محاولين إخفاء وجوههم لتجنب خزي ليس خزيهم، بل هو خزي المجتمع الموريتاني بأسره. إنه عارنا الجماعي أن نكون قد نسيناهم.
ضعف معاشات التقاعد
لا تحتاج ضآلة معاشات التقاعد الخاصة بالقوات المسلحة إلى تعليق؛ فالمستوى الحالي للمعاشات، في ظل غلاء المعيشة، لا يكفي حتى لتغطية الاحتياجات الغذائية الأساسية.
على سبيل المثال: أسعار المواد الغذائية الأساسية
• الأرز: 50 كغ - 1600 إلى 2000 أوقية موريتانية
• الزيت: 5 لتر - 300 أوقية موريتانية
• السكر: 5 كغ - 170 أوقية موريتانية
• الشاي: 1 كغ - 260 أوقية موريتانية
• السمك: 1 كغ - 120 أوقية موريتانية
• اللحم: 1 كغ - 250 أوقية موريتانية
لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية، يحتاج المتقاعدون إلى حوالي 2500 أوقية موريتانية شهرياً، دون احتساب الاحتياجات اليومية من اللحوم والأسماك، أو النفقات الصحية والتعليمية. علماً أن بعض المعاشات التقاعدية أدنى من هذا المبلغ، مما يجعل من الصعب العيش بكرامة.
رغم هذا الوضع المقلق، اختارت الحكومات المتعاقبة إبقاء المتقاعدين في طي النسيان، باستثناء الزيادة الكبيرة التي أقرتها الحكومة الحالية بقيادة رئيس الدولة الحالي، والتي تستحق الإشادة. ومع ذلك، يبقى من الضروري اتخاذ مزيد من الخطوات لإنقاذ هؤلاء المتقاعدين من حالة العوز.
واجب الاعتراف تجاه المتقاعدين:
إن الاعتراف بالخدمات التي قدمها المتقاعدون من القوات المسلحة للأمة ليس مجرد واجب أخلاقي على المجتمع الوطني، بل هو أيضًا حق يستحقه هؤلاء المحاربون القدامى. لقد كرّسوا حياتهم للدفاع عن البلاد، ومن واجبنا أن نمنحهم الاحترام والتقدير؛ فهم حاملون لقيم الأمة وذاكرتها، ولا ينبغي أن يتركوا في فراغ، يقضون أيامهم في مراقبة آفاق يأسهم وعمق معاناتهم، أو يتساءلون عن مصيرهم في غياب الدعم، أو يستسلمون.
في حين أن بعض المتقاعدين، الذين لم يصلوا إلى سن التقاعد الكامل، لا يزالون يتمتعون ببعض القوة الجسدية، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لأولئك الذين بلغوا سن التقاعد النهائي، وغالبًا ما يكونون غير قادرين على العمل ويعانون من أمراض مزمنة. وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في دعمهم بكرامة، فهي الحارس الوحيد للتراث الوطني والثروة الجماعية.
من الضروري أن يحصل المتقاعدون على معاش تقاعدي لائق يضمن لهم حياة كريمة وشريفة. إن المساعدات الطارئة، سواء كانت مالية أو عينية، رغم أنها محل تقدير، لا يمكن أن تكون بديلاً عن دخل شهري دائم.
أمل مع الوزارة الجديدة:
إن إنشاء قسم خاص بشؤون المتقاعدين وأبناء الشهداء ضمن وزارة الدفاع الوطنية يبعث على آمال كبيرة. في السابق، كان المتقاعدون من القوات المسلحة يتجمعون في جمعيات مثل AMRAN وARGEND، المعترف بها من قبل الإدارة لكنها كانت بعيدة عن قيادتهم الأصلية.
هذا الارتباط الجديد سيسمح بتبني نهج جديد تجاه مختلف جمعيات القوات المسلحة والأمن، بهدف معالجة جميع التناقضات وتوحيدها، مع ضمان قدر من الاستقلالية الإدارية لها. يتناول هذا الأمر جميع التشكيلات المختلفة، لتحسين فهم وإدارة مسألة التقاعد بشكل عام.
يمكن لهذه الجمعيات الآن أن تأمل في إطار تواصل جديد مع الدولة عبر هذه الوزارة الجديدة، التي قد تفتح آفاقاً وفرصاً لصالح المتقاعدين.
نحو حل دائم:
من الضروري وضع استراتيجية لتحسين معاشات التقاعد تتضمن إدخال الزيادة في الراتب ضمن حساب الراتب الأساسي، وربط جميع البدلات لزيادة المؤشر. يهدف هذا النهج إلى تحسين توازن المعاشات التقاعدية وتعزيز القوة الشرائية للمتقاعدين، مع إنشاء إطار دائم للتواصل بين المتقاعدين وجمعياتهم، وتحفيز فرص العمل لهم، خصوصًا في شركات الأمن. كما يجب أن تكون إدارة التبرعات والدعم لصالح المتقاعدين أكثر عدلاً وتنظيماً.
يجب أن يتمتع المتقاعدون القدامى بنفس الامتيازات التي يحصل عليها المتقاعدون الجدد، مما يعني أن معاشات التقاعد تحتاج إلى إعادة تقييم بانتظام لتتناسب مع تطور الأوضاع الاقتصادية والقرارات الجديدة التي تتخذها الدولة. يضمن هذا النهج ليس فقط العدالة بين الأجيال، ولكنه أيضًا يحافظ على القوة الشرائية للمتقاعدين. رغم ذلك، قد تساعد هذه التعديلات في تقليل الفجوات التي تعزز شعور الإهمال لدى المتقاعدين القدامى.
1. السياق التاريخي ومساهمة القوات المسلحة:
لطالما كانت القوات المسلحة تحتل مكانة مركزية في الجهاز الحكومي. تاريخياً، انتقلت من قوة محدودة إلى مؤسسة بارزة وفعّالة في حياة الأمة، حيث غالبًا ما شغلت مواقع استراتيجية عالية.
منذ حرب الصحراء (1975-1979) وحتى التهديدات الإرهابية (2005-2011) التي هددت أمن البلاد بشكل خطير، كانت القوات المسلحة درعًا لحماية سلامة الأراضي، لكنها دفعت ثمنًا باهظًا عبر الضحايا: قتلى، جرحى حرب، عائلات يتمت، وغيرها.
ساهمت قوة جيشنا في عمليات خارجية في إطار بعثات الأمم المتحدة للحفاظ على السلام، مما أسفر عن خسائر بشرية وترك بعض الجنود مصابين بجروح خطيرة أو معاقين بشكل دائم.
جميع هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم أو أصيبوا أو خدموا بوطنية يستحقون الاعتراف من الأمة عبر معاملة خاصة تليق برجال أدوا واجبهم بشرف وإيثار. لذلك، يجب أن تكون أوضاع هؤلاء الرجال المخلصين، الذين لا يزالون عسكريين في أرواحهم، قضية وطنية.
*2. التحليل المقارن مع القطاعات الأخرى:*
يكشف تحليل الفروقات بين معاشات المتقاعدين من القوات المسلحة ومعاشات المتقاعدين من القطاعات المدنية الأخرى بشكل صارخ عن هذا التفاوت في المعاملة.
مقارنة القطاعية للمعاشات الشهرية (الفئة الأدنى) في الموريتانية (بالمقابل بالـ MRU):
1. القطاعات:
• التعليم: 5000 MRU
• الصحة: 5000 MRU
• الوظيفة العامة: 4000 MRU
• القوات المسلحة: 700 MRU
إصلاحات تم تنفيذها في بعض الدول في المنطقة الفرعية:
1. السنغال:
• النظام المنظم مع اهتمام خاص بأولئك الذين خدموا لسنوات طويلة أو شاركوا في بعثات حفظ السلام.
2. كوت ديفوار:
• بعد الأزمة السياسية والعسكرية، تم إجراء إصلاحات لتحسين أوضاع المتقاعدين العسكريين، بما في ذلك زيادة المعاشات وتقديم مزايا خاصة للمحاربين القدامى.
3. غانا:
• مشهورة بدعم المحاربين القدامى من خلال المعاشات والمساعدات الاجتماعية المنتظمة.
4. نيجيريا:
• على الرغم من التحديات الاقتصادية، استطاعت تحسين المعاشات للمتقاعدين العسكريين في واحدة من أكبر جيوش أفريقيا.
5. بوركينا فاسو:
• رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة، اتخذت تدابير إيجابية لتحسين أوضاع المتقاعدين العسكريين.
6. مالي:
• على الرغم من النزاع المستمر في البلاد، قامت بتحسين المعاشات والمزايا الأخرى وتعمل على دعم أسر الجنود الذين توفوا.
3. تكاليف المعيشة وتأثيراتها على المتقاعدين:
تم وصف غلاء المعيشة في الجدول أعلاه مع أمثلة ملموسة، لكن من المهم التذكير أنه عند إضافة بعض النفقات الثابتة مثل الإيجار وفاتورة المياه والكهرباء، فإن المتقاعد العسكري لن يكون أمامه خيار سوى اللجوء إلى التسول أو العودة إلى مسقط رأسه وانتظار الموت بكرامة.
إن تحليل تطور تكاليف المعيشة عبر السنين مقارنة بزيادة (أو ركود) معاشات المتقاعدين يتيح لنا رسم منحنى يُظهر تدهور ظروف حياة المتقاعدين، مما يبرز عدم تكيُّف المعاشات مع التضخم وارتفاع تكاليف السلع الأساسية.
4. الصحة والتغطية الاجتماعية:
إن الوصول إلى الرعاية الصحية هو، في الواقع، أحد التحديات الأكثر إلحاحًا للمتقاعدين، خاصة أولئك الذين يعانون من مرض مزمن أو يعانون من ضعف شديد في صحتهم. يمكن اعتبار هذا الوضع بمثابة عقوبتين معًا.
إن الوصول إلى الرعاية الطبية لهؤلاء المتقاعدين، الذين يعانون غالبًا من أمراض مزمنة، يُعد من المشاكل الأخرى التي يجب معالجتها.
الوضع الحالي:
• التأمين الوطني الصحي (CNAM): لا يوجد أي نظام صحي فعال للمتقاعدين.
• المراكز الطبية المتخصصة: لا توجد مراكز طبية متخصصة تلبي احتياجات المتقاعدين.
• المساعدة الطبية القريبة: لا يوجد دعم طبي مستمر في المناطق القريبة من المتقاعدين.
• صيدلية مخصصة للمتقاعدين: لا توجد صيدليات مخصصة لتوفير الأدوية للمتقاعدين بأسعار معقولة.
المقترحات:
• التأمين الصحي الوطني (CNAM): تعزيز التأمين الصحي للمتقاعدين مع توفير تغطية اجتماعية قوية.
• المراكز الطبية المتخصصة: إنشاء مراكز طبية متخصصة تلبي احتياجات المتقاعدين العسكريين.
• المساعدة الطبية القريبة: توفير خدمات طبية بالقرب من المتقاعدين، خاصة في المناطق النائية.
• صيدلية مخصصة للمتقاعدين: إنشاء صيدلية مخصصة لتقديم الأدوية بأسعار مخفضة للمتقاعدين.
5. الكرامة الإنسانية وحقوق المتقاعدين:
إن الحق في حياة كريمة بعد سنوات من الخدمة المخلصة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. وهذا المبدأ محكوم بقوانين العمل والتشريعات الوطنية التي تضع حمايات للعمال، مثل معاشات التقاعد، وتعويضات نهاية الخدمة، والوصول إلى الضمان الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد الاتفاقيات الدولية، وخاصة تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية، على أهمية الحماية مدى الحياة.
هل من الضروري تذكيرنا بهذا المبدأ في العدالة التوزيعية، الذي ينص على أن الموارد والفرص في المجتمع يجب أن توزع بطريقة تتيح لكل فرد نفس الفرصة للنجاح؟ يتعين ضمان ألا يتم تحديد الفوائد والعيوب بشكل تعسفي بسبب عوامل غير عادلة، بل من خلال الجهود والقدرات.
في مجتمع أكثر عدلاً، وفقًا لهذا المبدأ، لا يمكن قبول الفوارق الاقتصادية أو الاجتماعية إذا كانت تتعلق بالفئات الأكثر تهميشًا.
وبناءً عليه، تشير المراجع القانونية الدولية، مثل توصيات الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي بشأن إدارة شؤون المتقاعدين، إلى أن كرامة المحاربين القدامى هي مسألة حقوق إنسان.
6. التزامات الدولة وآفاق المستقبل:
إن إنشاء وزارة مخصصة للمتقاعدين وجرحى الحرب يُعتبر علامة إيجابية، ولكن يجب أن تكون مهام هذه الوزارة والتزاماتها واضحة، وذلك لتوجيه المتقاعدين بشكل سليم.
وفي المستقبل، يمكن لهذه الوزارة أن تباشر في تحسين وضع المتقاعدين من خلال:
• زيادة المعاشات التقاعدية.
• إنشاء مراكز لاستقبال المتقاعدين.
• تنفيذ برامج إدماج مهني لأولئك الذين لا يزالون قادرين على العمل.
7. استراتيجيات إعادة تقييم المعاشات:
يجب على هذه الوزارة أن تشمل في استراتيجيتها بشكل دائم، بالإضافة إلى إعادة تقييم المعاشات:
• ربط المعاشات بتكلفة المعيشة.
• وضع مكافآت للمحاربين القدماء الذين شاركوا في عمليات ذات أهمية كبيرة.
• إنشاء صناديق تضامن ممولة من الدولة أو الشركات الخاصة.
8. مشاركة المتقاعدين في التنمية الاقتصادية:
يمكن أن يكون المتقاعدون الذين لا يزال لديهم قوة بدنية مصدرًا نشطًا في الاقتصاد.
يجب إنشاء وسائل لدمج هؤلاء المتقاعدين في برامج ريادة الأعمال أو الأنشطة الاقتصادية، خاصة في المجالات التالية:
• الأمن الخاص.
• الاستشارات (مثل المحققين الخاصين).
• اللوجستيات.
• الاستشارات العسكرية.
يمكن اقتراح شراكات بين الحكومة والشركات الخاصة والمتقاعدين لهذه المبادرات.
التضامن الوطني والاجتماعي:
يجب ألا يأتي التضامن تجاه المتقاعدين من الدولة فقط، بل أيضًا من المجتمع المدني والشركات الخاصة:
• يجب إعلان يوم تذكاري لتسليط الضوء على أهمية هذا اليوم.
• تشجيع التح mobilization الوطني حول قضية متقاعدي القوات المسلحة.
• من خلال تنفيذ حملات توعية.
• جمع التبرعات.
• المبادرات المحلية لدعم هؤلاء المحاربين القدماء.
• يجب دراسة ومعالجة حالة العسكريين الذين لم يتمكنوا من إتمام مسيرتهم المهنية، والتي تم قطعها فجأة، مما يتطلب معالجة خاصة تتيح لهم الاستفادة من معاش تقاعدي جزئي أو شبه جزئي.
إجراءات مفيدة يجب تعزيزها في المستقبل:
اختار الحكومات المتعاقبة غالبًا إبقاء المتقاعدين من القوات المسلحة في طي النسيان. ومع ذلك، تميز الرئيس محمد الشيخ ولد الغزواني بإعطائهم زيادة كبيرة تستحق الثناء. ومع ذلك، من المرغوب فيه أن يسعى فخامته للمضي قدمًا نحو إخراج المتقاعدين من براثن الفقر.
منذ عام 2022، بدأت قيادة الدرك عبر “صندوق الجندي” في دفع مبالغ تتراوح من 2 إلى 5 ملايين أوقية قديمة للمتقاعدين وفقًا للفئات، الذين تم قبولهم في التقاعد النهائي بسبب بلوغهم السن القانونية. من المرغوب فيه توسيع هذه المبادرة لتشمل العسكريين المرفوضين من الخدمة لضمان مزيد من العدالة.
أخيرًا، يجب أن تكون عملية الوصول إلى التقاعد سلسة وخالية من أي بطء إداري، مما يتيح للمستفيدين الحصول على معاشاتهم فور قبولهم في التقاعد. حاليًا، قد تتجاوز فترة الانتظار ستة أشهر قبل استلام المعاش التقاعدي. يجب تصحيح هذا البطء، سواء على مستوى خدمات المعاشات أو داخل مختلف القيادات.
الاستنتاج
في الآونة الأخيرة، لوحظ تزايد متكرر وحضور ملحوظ للمتقاعدين العسكريين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى مشاركتهم في المسيرات. يبدو أن هذا السلوك يتناقض مع سلوكهم المعتاد، لكنه يعكس حالة من القلق العميق التي تستحق اهتمامًا خاصًا.
هؤلاء الرجال الذين يشكلون في الحقيقة خزّانًا من المهارات والقيم للأمة، يبدو أنهم يعانون من تدهور في معنوياتهم. إذا استمر الوضع على هذا النحو، فقد تكون له تداعيات على الاستقرار الاجتماعي وعلى الدور الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء العسكريون السابقون لصالح المجتمع.
إن الحالة النفسية التي يعاني منها هؤلاء المتقاعدون يجب أن تُحلل بعمق. ربما تعكس هذه الحالة إحباطات مرتبطة بعدم الاعتراف بجهودهم الماضية، أو غياب الآفاق المستقبلية بعد خدمتهم، أو ظروف المعيشة التي لا تلبي توقعاتهم. يجب على الدولة أن تتساءل عن كيفية تكريم هذه الكفاءات البشرية، حيث أن هؤلاء الرجال لا يزالون يمتلكون خبرة وانضباطًا يمكن أن يساهما بشكل كبير في تعزيز التماسك الوطني.
الكاتبون:
• الرقيب الأول صيدو ديوب من نواذيبو
• الرقيب الأول حسين ديوب من كيفة
• الرقيب الأول لامين فوفانا من نواكشوط (الكتابة)
التاريخ: الخميس 7 نوفمبر