200 مليون دولار قيمة ما سمّاه رئيس وزراء ليبيا الأسبق «بخشيش التسليم» »: أمران يحرجان حاليا سلطات نواكشوط إلى أبعد حد هما: إطلاق سراح كامل وشيك، لعبدالله السنوسي مدير مخابرات القذافي الذي سلمته الحكومة الموريتانية لحكومة عبد الرحيم الكيب الانتقالية عام 2012، والثاني نشر وزيرة الصحة السابقة الدكتورة فاطمة الحمروش صورة من اتفاقية موريتانيا مع ليبيا لتسليم السنوسي.
فسيكون بوسع عبد الله السنوسي التفرغ لمتابعة قضيته مع السلطات الموريتانية التي يقال إنها التزمت بتأمينه وعدم تسليمه.
وشملت اتفاقية تسليم السنوسي الموقعة تحت عنوان «تنفيذ طلب تعاون قضائي بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والدولة الليبية»، توضيحا عاما حول أسباب إمضاء الاتفاقية ومنها أنه كان مطلوبا للشهادة ضد سيف الإسلام القذافي من طرف السلطات القضائية الليبية.
وارتكزت الاتفاقية التي وقّعها من الجانب الليبي مستشار وزير العدل علي أحميده عاشور، ومن الجانب الموريتاني وزير العدل الأسبق عابدين ولد الخير، على المادة 24 من اتفاقية الرياض للتعاون القضائي العربي، وعلى إرادة الجانبين في تقوية التعاون القضائي بينهما.
ونصّ البند الأول من الاتفاقية على «أن يتم وضع المدعو عبد الله محمد عامر السنوسي تحت تصرف السلطات الليبية، بوصفه شاهدا في القضية المتبعة ضد المدعو سيف الإسلام القذافي، شرط احترام سلامته الجسدية وكرامته الإنسانية وحصانته القضائية، وإعادته إلى السلطات القضائية الموريتانية فور استغناء الهيئات القضائية الليبية عن وجوده أمامها في هذه القضية».
ولم يرد في اتفاقية التسليم التي لاقى نشرها اهتماما واسعا في موريتانيا وخارجها، النص على مبلغ مالي محدد سوى ما نصّ عليه بندها الثاني «أن تتحمل السلطات الليبية نفقات نقل المدعو عبد الله عامر السنوسي لمثوله أمام القضاء الليبي».
وترى المعارضة الموريتانية «أن هذا البند هو الذي اندرجت تحته الأموال التي سلمتها من تحت الطاولة، حكومة عبد الرحيم الكيب للطرف الموريتاني والتي لم يعثر على أي ذكر لها في ميزانيات ومداخيل الدولة الموريتانية».
ووردت الرواية المؤكدة لعملية تسليم السنوسي بمقابل مالي، في كتاب «أسرار تحت قبة البرلمان» الذي نشره عبد الفتاح بورواق الشلوي النائب في المؤتمر الوطني العام في ليبيا في أيلول/ سبتمبر 2016.
وتحدث الشلوي في كتابه عن «تفاصيل تسلم حكومة الكيب لرئيس المخابرات في عهد معمر القذافي عبد الله السنوسي من السلطات الموريتانية مقابل 200 مليون دولار».
وأكد الشلوي في نقله لتفاصيل إحدى جلسات المؤتمر الوطني الليبي مخصصة لاستجواب رئيس مجلس الوزراء الليبي السابق عبد الرحمن الكيب، أن الكيب أجاب بقوله: «نعم دفعت لهم 200 مليون مقابل جلب عبد الله السنوسي»، وقد وصف الكيب المبلغ بـ«بخشيش التسليم».
وقال «أكد عبد الرحمن الكيب في دفاعه عن صرف المبلغ المذكور مقابل استلام السنوسي، أن السنوسي رجل اكتوت بناره ليبيا كلها، وكنت مستعدا لأدفع أكثر لاعتقال هذا الرجل ولو من مالي الخاص»، حسب قوله.
وبخصوص عملية التسليم أوضح النائب الليبي عبد الفتاح بورواق الشلوي في كتابه «أن العملية تمت بالاتفاق بين المخابرات الموريتانية والوفد الليبي، حيث حددت السلطات الموريتانية الساعة والمكان، وتسترت على ذلك حتى لحظة التسليم».
وعند انكشاف جاهزية السلطات الموريتانية لتجهيزه، يضيف النائب: «تشبث السنوسي طويلا بالأرض وبدا مذهولا، قبل أن يرغمه أفراد الأمن الليبي على ركوب الطائرة الليبية الخاصة، الرابضة على أرضية مطار نواكشوط».
ونفت حكومة نواكشوط عدة مرات تسليمها لعبد الله السنوسي في مقابل مالي، مؤكدة «أن تسليم السنوسي جاء على خلفية طلب من الحكومة الليبية بدعوى وجود قضايا مرفوعة ضده أمام المحاكم الليبية».
واعتقلت موريتانيا مدير المخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي عام 2012، عند وصوله إلى مطار نواكشوط وهو يحمل جواز سفر مزورا تابعا لدولة مالي الأفريقية، حسب تأكيدات الأمن الموريتاني.
واكتفى إبراهيم ولد داداه وزير العدل الموريتاني السابق في رده على سؤال يتعلق بتلقي الحكومة الموريتانية مبلغ 200 مليون دولار مقابل تسليمها لعبد الله السنوسي للسلطات الليبية بالقول: «هذا النوع من الأسئلة لا يستحق الإجابة لكونه أمرا غير معقول»
«القدس العربي