لم تمض 24 ساعة على تصريحات عبد القادر مساهل، وزير الخارجية الجزائري، في حوار أجرته معه قناة "فرانس 24"، اعتبر من خلاله أن الجزائر ليست طرفاً في قضية الصحراء، حتى جاءت حادثة سقوط الطائرة العسكرية الجزائرية التي كانت متوجهة إلى مخيمات تندوف، والتي راح ضحيتها 30 شخصاً من عناصر الجبهة، لتنفض الغبار عن جانب من أسرار الدعم العسكري للتنظيم الانفصالي.
وكشفت الواقعة تناقضات كثيرة في المعطيات التي قُدمت بخصوص الضحايا الصحراويين؛ ففي الوقت الذي أعلن ما يُسمى "مكتب الرئاسة" التابع لجبهة البوليساريو أن 30 من قتلى الطائرة العسكرية التي تحطمت "هم من المرضى ومرافقيهم، من رجال ونساء وأطفال، العائدين من فترة علاج في المستشفيات الجزائرية"، نقلت مصادر من "السفارة الصحراوية بالجزائر" أن من ضمن القتلى "ممثل الجبهة بأمريكا اللاتينية ودبلوماسيين وعامل بالسفارة ذاتها"؛ وهو الأمر الذي صمتت عنه قيادات الجبهة لإبعاد شبهة "التعليمات والتأطير العسكري ومخططات أخرى ربما يجري التحضير لها بالمنطقة العازلة".
خيوط هذا التناقض، حسب كثير من المراقبين، تظهر أيضاً من خلال ما نشره موقع مقرب من الجنرال الجزائري المتقاعد المعروف خالد نزار، الذي وجه فيه انتقادات شديدة إلى وسائل إعلام جزائرية بسبب كشفها وجود عناصر من البوليساريو على متن الطائرة العسكرية.
الموساوي العجلاوي، الخبير الأكاديمي في شؤون الصحراء وإفريقيا، أشار في تصريح لهسبريس إلى أن قانون النقل العسكري الجوي يخضع لتعليمات صارمة، ويستحيل أن تتحول الطائرات الإستراتيجية للجيش الجزائري إلى طائرات للإسعاف كما روجت لذلك البوليساريو".
وأكد العجلاوي أن "بيان الأمانة العامة للجبهة الذي ربط بين الضحايا والإسعاف الإنساني جاء ليغطي على الحضور العسكري لقيادات البوليساريو الذين كانوا على متن الطائرة"، ولم يستبعد "وجود مخطط عسكري سمح بانتقال هذا العدد الهائل من العاصمة الجزائرية إلى تندوف".
وزاد الخبير الأكاديمي في شؤون الصحراء وإفريقيا موضحاً: "مخيم الداخلة الذي يبعد بحوالي 200 كلم عن تندوف بالقرب من الحدود الجزائرية المالية سبق أن تم إعماره بالمهاجرين الأفارقة الهاربين من المجاعة، وهناك اليوم مخطط للمخابرات الجزائرية لنقل هؤلاء السكان غير الصحراويين إلى المنطقة العازلة لتكون امتداداً لما يجري في شمال مالي"، قبل أن يؤكد أن الخطوة تهدف إلى "الضغط على إسبانيا وموريتانيا وفرنسا من أجل انتزاع مواقف داعمة للطرح الانفصالي".
ويخلص العجلاوي إلى أن واقعة سقوط الطائرة "تكشف أن شيئا ما يُطبخ وأن مخططات تجري في الخفاء تزامناً مع التطورات الواقعة في المنطقة العازلة، خصوصا أن هناك من يتحدث عن أن أسباب سقوط الطائرة ربما لها علاقة بثقل الحمولة التي كانت تضم مدرعات وأسلحة ثقيلة لتسليح الجبهة".
يشار إلى أن حصيلة ضحايا طائرة القوات الجوية الجزائرية بلغت 257 عسكريا لقوا مصرعهم في حادث أمس الأربعاء بحقل فلاحي غير مأهول يقع على بعد حوالي 30 كلم جنوب الجزائر العاصمة، في محيط القاعدة الجوية العسكرية لبوفاريك
هسبريس - عبد الرحيم العسري