قال نائب رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض محمد محمود ولد لمات في البيان التالي إن سياسات النظام وتصرفاته الأحادية التسلطيةدفعت إلى إعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين للوصول - عن عمد- إلى النفق المسدود من كل الاتجاهات.
"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الكريم
بادئ ذي بدء، يسرنا أن نرحب بكم ونشكركم على تلبية هذه الدعوة، رغم مشاغلكم الجمة، التي تأتي في ظرفية يقف فيها وطننا على شفى هوة سحيقة لا يختلف اثنان على حساسيتها وخطورتها إذ تعتبر من أصعب الظروف التي مرت بها بلادنا في تاريخها وقد تنعطف بسببها إلى الهاوية، لا سمح الله.
إن حزب تكتل القوى الديمقراطية وعيا منه بالمرحلة الراهنة الخطيرة التي تمر بها البلاد وهي على أعتاب استحقاقات انتخابية عامة وسط انسداد سياسي غير مسبوق ولا مبالاة لا متناهية من السلطة الحالية التي تتخبط في سياساتها وبرامجها على كافة الأصعدة، ارتأى تنظيم هذا اللقاء للحديث وتبادل الآراء حول الوضعية الراهنة، تشخيصا للواقع وتصورا للمستقبل في مقاربة استشرافية بين الحاضر والأفق، انسجاما مع مبادئه وقيمه التشاورية والديمقراطية ..
حيث إن حزبنا ينطلق في سياساته وتقييمه وبرامجه ليس فقط من طرح ورؤية مناضليه وقياداته، وإنما أيضا يأخذ بالاعتبار رأي كل موريتاني كائنا ما كان موقعه وموقفه أحرى من أصحاب الرأي والأقلام أمثالكم.
وتنعكس معضلة وطننا الغالي التي دعوناكم للنقاش حولها في تفاقم الأزمات واستمرارها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من خلال تجليات عديدة منها:
1- على الصعيد السياسي، التفرد بالمشهد والسير في إعداد الانتخابات بأحادية غير مسبوقة مع مجانبة صارخة للأسس والقواعد الديمقراطية والمرجعية الدستورية والقوانين والمساطر
والأعراف المعمول بها، بدء بحل مجلس الشيوخ والاستفتاء اللادستوريين تجاوزا للمواد (99، 100،101)من الدستور وحرمان الشيوخ والصحافة من حقوقهم المدنية ووضعهم تحت الرقابة القضائية واعتقال الحقوقيين وتقويض العمل الصحفي الحر من خلال تخلي المطبعة الوطنية عن سحب الصحف وإغلاق القنوات وسجن الصحفيين وفصلهم من عملهم ظلما مثل ما وقع للأخ ماموني مختار، الأمر الذي أدى إلى تراجع تصنيف موريتانيا في حرية الإعلام درجات عديدة حسب مراسلون بلا حدود، فضلا عن احتكار الإعلام العمومي وانتهاء بتشكيل اللجنة "المستقلة" بهذه الطريقة المشينة وغموض موقف الرئيس وتضارب الآراء حول نياته في المسار وهستيرية الانتساب للحزب الحاكم تحت إشراف السلطات واستخدام وسائل الدولة وتشجيع القبائل للقيام بدور الأحزاب إمعانا في إعدام المؤسسات .
وقد دفعت سياسات النظام وتصرفاته الأحادية التسلطية إلى إعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين للوصول - عن عمد- إلى النفق المسدود من كل الاتجاهات لضرب ما تبقى من مصداقية قد يقوم على أساسها أي عمل سياسي أو انتخابي تشاركي أو حتى الحوار الذي ظلت تدعو إليه المعارضة وتتشبث به في تصامم دائم من السلطة، ومن سلبيات انعدام الثقة بين الطرفين ضرورة إيجاد طرف ثالث يعطي ضمانا للمعارضة بجدية النظام في إنهاء الأزمة المتفاقمة.
2- الحالة الاقتصادية المتردية التي تتميز بغلاء الأسعار وانهيار سعر صرف العملة واستمرار النهب الممنهج للثروات الوطنية والمساعدات الدولية وتبذيرهما في الصفقات مشبوهة، ما أدى إلى تفاقم المديونية الخارجية بما يشير إلى غياب تام للمسؤولية والحس الوطني، كما غابت المسؤولية اتجاه تبدد الثروة الحيوانية بفعل الجفاف تحت أنظار الحكومة، التي لا تحرك ساكنا، العاجزة عن التصدي لانهيار الزراعة والصيد وغيابها في الأزمات الغذائية المنتشرة والعطش في الولايات الشرقية .. الخ
3- انهيار المنظومة الصحية ومرافقها والازدراء الكادر الطبي الوطني وعدم التعاطي معه بمسؤولية في مطالبه المشروعة وغياب استيراتيجية متكاملةتحد من أمواج الأدوية المزورة، القاتل الصامت، ماجعل الخارج قبلة للتداوي بدلا من المؤسسات الصحية الوطنية.
4- انهيار التعليم الذي وصل مرحلة الخطر إثر تخلي السلطات عن مسؤولياتها عبر تكريس الطبقية في التعليم والارتجالية مما نتج عنه تدني المستويات والمناهج في المؤسسات التعليمية التي أصبحت في أغلبها بابا للتسيب وضياع الأجيال الناشئة أخلاقيا وتخريج الأميين .
5- وعلى الصعيد الاجتماعي، يدفع النظام من خلال سياساته إلى تآكل النسيج المجتمعي وبث روح الفرقة بسبب التقصير في مكافحة العبودية ومخلفاتها وتسييب الأمن وسلب الممتلكات وإزهاق الأرواح عيانا والجريمة المنظمة والجرائم العابرة للحدود والمخدرات وغيرها من الأزمات الملحة القابلة للانفجار في أي لحظة.
أيها الأخوة، نرحب بكم جميعا في هذا الوقت الذي يتزامن مع العيد الدولي للصحافة التي ما فتئ حزبنا يقف مع حريتها ويتشبث باستمراريتها، كركن أساسي للعملية الديمقراطية، خاصة في هذه الظرفية التي تلاقي فيها الصحافة الوطنية الحرة أنواع التهميش والحرمان من حقوقها المادية والمدنية والمعنوية.
ونعتبر هذا اللقاء فرصة للاستنارة بآرائكم وأفكاركم في تشخيص هذا الواقع المؤلم وتصور الحلول له في هذه الظرفية التي توجب فيها المسؤولية الأخلاقية على كل فرد القيام بواجبه من أجل الدفع بالبلاد إلى بر الأمان وسط التحديات الهائلة التي تتعرض لها ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نواكشوط، 19 شعبان 1439 – 5 مايو 2018
تكتل القوى الديمقراطية