في الخامس من شهر غشت من سنة 1979، وقعت موريتانيا والبوليساريو اتفاق سلام في العاصمة الجزائرية، انسحبت بموجبه موريتانيا من وادي الذهب، لكن التحرك السريع للحسن الثاني أفشل مخطط الجزائر وجبهة البوليساريو.
مدة القراءة: 3'
توقيع اتفاق السلام بين مورتانيا والبوليساريو بالعاصمة الجزائرية
بعد المسيرة الخضراء، وبالضبط في 14 نونبر 1975 وقع المغرب وإسبانيا وموريتانيا على اتفاق، أطلق عليه اسم "اتفاق مدريد". ونص الاتفاق على اقتسام الصحراء بين المغرب وموريتانيا، وتم منح موريتانيا منطقة وادي الذهب فيما كان من نصيب المغرب منطقة الساقية الحمراء ومقابل ذلك احتفظت إسبانيا باستغلال الفوسفات من مناجم بوكراع كما احتفظت بقواعد عسكرية قبالة جزر الكناري.
وبعد الاتفاق دخلت جبهة البوليساريو المدعومة من قبل الجزائر وليبيا وبعض الأنظمة الاشتراكية عبر العالم، في حرب عصابات ضد المغرب وموريتانيا.
وفي العاشر من شهر يوليوز من سنة 1978 وقع ما لم يكن في الحسبان بالنسبة للمغرب، وشهدت موريتانيا انقلابا عسكريا، أطاح بالرئيس الموريتاني المختار ولد داداه الذي كان يعتبر حليفا للمغرب، ليصبح بعد ذلك قائد أركان الجيش الموريتاني المصطفى بن محمد السالك رئيسا للبلاد، وقرر حكام نواكشوط الجدد آنذاك التنصل من الالتزامات التي وقعت عليها موريتانيا في مدريد.
ودخلت الجزائر على الخط وقامت برعاية مفاوضات بين جبهة البوليساريو وموريتانيا، وفي الخامس من شهر غشت من سنة 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يعلن رسميا عن انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صناع القرار الجدد في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
وأمام هذا الوضع الجديد الذي فرض على أرض الواقع كان لزاما على المغرب التحرك سريعا، وهو ما قام به الحسن الثاني، حيث وجه أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط البوليساريو وحليفتها الجزائر، وقبل أن يجف حبر الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والبوليساريو كان الجيش المغربي ينتشر فعلا في إقليم وادي الذهب.
وبعد مرور خمس سنوات على توقيع موريتانيا والجبهة الانفصالية اتفاق سلام، أعلن حكام نواكشط رسميا عن اعترافهم بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، التي أعلنتها البوليساريو من جانب واحد في 27 فبراير من سنة 1976.
غير أن هذا الاعتراف الرسمي لم يتطور إلى تبادل التمثيل الدبلوماسي، بل إن العلاقات بين الجانبين شهدت مدا وجزرا في الكثير من المرات، وذلك حسب الظروف الدولية وتغير أنظمة الحكم في نواكشوط، وكذا علاقة حكام بلاد شنقيط بالمغرب والجزائر.
ولازال الوضع مستمرا لحد الآن، حيث يستقبل المسؤولون الموريتانيون بما فيهم الرئيس بين الفينة والأخرى بعض القياديين في جبهة البوليساريو، وتتحدث الوكالة الرسمية الموريتانية عن "الشعب الصحراوي" و"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، لكن دون أن يتطور هذا الاعتراف إلى تبادل للتمثيليات الدبلوماسية.