كشفت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، في موريتانيا، وبمشاركة عدد قياسي من الأحزاب بلغ 98 حزبا وتحالفا انتخابيا، التي أجريت الأحد الماضي، عن تصدر الحزب الحاكم «الاتحاد من أجل الجمهورية»، يليه ممثل التيار الإسلامي في البلاد، حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا، وفي تطور غير متوقع لصعود التيار الإسلامي ـ بحسب الدوائر السياسية في نواكشوط ـ مستندا إلى «التوجه الديني والصوفي» الغالب في ولايات ومناطق موريتانيا، والاستفادة من أخطاء النظام، والمتاجرة بقضايا الشارع الموريتاني.
ودخل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، المنافسة في الانتخابات ضمن تحالف انتخابي لعدد من الأحزاب الموريتانية المعارضة تحت عنوان «التحالف من أجل التناوب الديمقراطي» والذي يضم عشرة أحزاب، من بينها «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية»، وحزب «اتحاد قوى التقدم» وحزب «الاتحاد والتغيير الموريتاني».
ويمثل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، المعارضة «المتشددة» في وجه الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وتغذية أزمات الشارع الموريتاني لتتعاظم في وجه السلطة الحاكم، ومخاطبة الجماهير بمواقف ضد السلطات الموريتانية، ومن بينها أزمة انسحاب أعضاء الحزب من البرلمان الموريتاني وقت التصديق على مقترح النشيد الوطني الجديد للبلاد.. وقاد «إخوان موريتانيا» حملة المعارضة الموريتانية لرفض التعديلات الدستورية في أغسطس/ أب 2017 ، وانتهت الحملة بموافقة أغلبية الشعب الموريتاني على التعديلات الدستورية.. ثم لجأ حزب «تواصل» الإخواني، للدفاع عن مجلس الشيوخ المورتاني والذي تم حله وفقا لاستفتاء تعديلات الدستور المورتياني، ونظم الحزب تظاهرات شعبية دفاعا عن أعضاء مجلس الشيوخ! ويسعى الحزب الإخواني، للتنسيق مع المعارضة الموريتانية من أجل الوصول إلى مرشح رئاسي لمنافسة الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في العام 2019.
ومواقف الحزب «تابعة» لمواقف تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، ويقيم علاقات وطيدة مع قطر وتركيا، ويوظف بعض مرشحيه شعار «رابعة» في حملاتهم الدعائية، ويملك الحزب قناة تليفزيونية تلقى طاقمها تدريبات مكثفة في قناة «الجزيرة» القطرية، كما يشرف على صحف ومواقع إخبارية من أبرزها «الأخبار» و«السراج».
وظهر فكر جماعة الإخوان في موريتانيا بمنتصف السبعينات مع تأسيس حركة الإصلاحيين الوسطيين، وكانت الجماعة الإسلامية هي أول تنظيم للتيار الإسلامي في موريتانيا، وظهرت في عام 1978، وبعد أن خرجت من رحم جماعة المساجد التي أصدرت أولى بياناتها في 1975 لتأييد التطورات السياسية على الساحة الموريتانية، وشجعت الجماعة الإسلامية على ظهور العديد من التنظيمات المذهبية والفكرية الإسلامية في موريتانيا، انصهر بعضها ببعض وظل بعضها منفصلًا حتى تم تأسيس تنظيم «حاسم» في 1990، ثم حزب الأمة، وأخيرا حزب «تواصل»، وتأسس في 3 أغسطس/ آب عام 2007.
في انتظار «التمكين» المنشود
ويقول المفكر الموريتاني، سعدبوه ولد الشيخ محمد، إن الجناح السياسي لإخوان موريتانيا يطبق منهج إخوان مصر المعروف بـ «البراغماتية» أي أنهم يأخذون ما هو متاح، ويعملون بصبر لتحقيق الباقي، فما لا يدرك كله، لا يترك جله، فهم يشاركون في انتخابات البرلمان، والبلديات، ويقاطعون انتخابات الرئاسة، رغم أن الظروف هي نفسها، وهم يمارسون المعارضة بطرق مختلفة، ومبتكرة، تكرس هذه «البراغماتية» من معارضة ناصعة، إلى ناصحة، إلى ناطحة، رغم أن الجميع لم يشاهد قرونا للمعارضة الناطحة !! واليوم لا يبدو إخوان موريتانيا في عجلة من أمرهم، فهم يعملون وفق مخطط مستمر، بنفس طويل، يأخذون ما أتيح لهم، في انتظار «التمكين» المنشود، ولسان حالهم يقول الآية الكريمة: «إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا».
تاريخ الأحزاب في موريتانيا
يذكر أنه من أقدم الأحزاب السياسية في موريتانيا «حزب الشعب الموريتاني» الذي تمّ حلّه إثر انقلاب يوليو/ تموز 1978، وهناك أحزاب كانت تعمل في السرّ مثل «الحركة الديموقراطية الوطنيّة» والتي تأسست سنة 1968، و «حزب النهضة » والذي تأسس في الستينيات و«حزب الكادحين الموريتانيين» الذي تأسّس في سنة 1973 و«حزب العدالة الموريتاني» تأسّس في باريس سنة 1974، و«حزب البعث الاشتراكي» الموالي للعراق وهو من أقدم الأحزاب العاملة في موريتانيا وقد أتهمّ هذا الحزب مرارًا بمحاولة قلب نظام الحكم، آخرها محاولة انقلابية للإطاحة بحكم الرئيس «معاوية ولد طايع»، ومن الحركات السياسية التي كانت تنشط في موريتانيا «الحركة الناصرية» التي كانت متأثرة بفكر الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر..و نتيجة الاضطرابات السياسية وتوالي الانقلابات العسكرية فقد برزت عشرات الأحزاب السياسية الى الوجود، وانقرضت أخرى، بسبب حظر الحكومات المتعاقبة على الحكم في موريتانيا قيام أحزاب سياسية وخصوصًا تلك التي تقوم على أساس ديني.
كتب بواسطة فتحي خطاب
alghad.tv