تتجه العلاقات بين المغرب وموريتانيا إلى اتخاذ منحنى جديد بعد سنوات من التوتر والتذبذب، حيث بدأ البلدان في فتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية في محاولة لإذابة الجليد بين الجانبين.
الزيارة الرسمية التي يقوم بها وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى الرباط، بدأت في إنهاء "الأزمة الصامتة" بحسب ما يصفها مراقبون، والتي استمرت لسنوات بين البلدين، حيث عرفت علاقة الرباط ونواكشوط توترا على خلفية موقف موريتانيا من نزاع الصحراء، فضلا عن تباين الرؤى بين البلدين في ملفات أخرى، لا سيما بشأن محاربة الإرهاب بالمنطقة.
رئيس الدبلوماسية
رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، استقبل رئيس الدبلوماسية الموريتانية، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووصف العثماني العلاقات التي تجمع بين المغرب وموريتانيا بالقوية والمتينة، مؤكدا استعداد الرباط على تطويرها من خلال توسيع وتنويع مجالات التعاون وتجويد العلاقات على مستويات مختلفة.
اقرأ أيضا: «التشيع» يضع العلاقات «الموريتانية-الإيرانية» على صفيح ساخن
وزير الخارجية الموريتاني ناصر بوريطة خلال لقائه أيضا بولد الشيخ، أشاد بمستوى العلاقات القائمة بين المغرب وموريتانيا، مشددا على ضرورة تعزيز فرص التعاون الثنائي والعمل على تقوية العلاقات بين البلدين والاستفادة من الروابط المشتركة العديدة التي تميزها.
وأكد إسماعيل ولد الشيخ أحمد على وجود تفاعل إيجابي بين البلدين بشأن عدد من القضايا الأساسية، مشيدا بالروابط الأخوية والتاريخية بين الجانبين، والتي تشكل عوامل داعمة لتعاون أرحب وأوسع في عدة مجالات.
واتفق وزير الخارجية المغربي ونظيره الموريتاني على انعقاد الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية، وأكدا ضرورة جعلها نوعية ونموذجية في أشغالها ونتائج أعمالها، بحسب "سبوتنيك".
اقرأ أيضا: قاذفة «القنابل الخارقة» في المغرب.. صداع في رأس إسبانيا
وفيما يفتح المغرب اليوم صفحة جديدة مع الجارة الجنوبية بعد سنوات من التوتر، قال بوريطة إنه يسعد بهذه الخطوة مع ولد الشيخ، مثنيا عليه بصفته دبلوماسيا كبيرا.
دور الوسيط
زيارة وزير الخارجية الموريتاني إلى المغرب تأتي بعد أسبوع واحد فقط من استقباله للسفيرين المغربي والجزائري في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وهو ما قرأ فيه متتبعون سعي الجارة موريتانيا إلى لعبِ دور الوساطة بين المغرب والجزائر، للوصول إلى حل لنزاع الصحراء، الذي تلعب فيه الجزائر دورا محوريّا، يتجلى في دعمها المطلق لجبهة البوليساريو.
عبد الفتاح بلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية يرى أن ما يمكن تأكيده هو أن موريتانيا أخذت بعين الاعتبار التطورات التي يعرفها ملف الصحراء، خاصة بعد تعيين الألماني هورست كولر مبعوثا أمميا، والنقط التي يسجلها المغرب لصالحه في هذا الملف، وبناء على المعطيات المسجلة، يسعى الجار الجنوبي للمملكة إلى العودة للدور الذي من المفروض أن يلعبه، في علاقاته مع المغرب والجزائر، والذي يقوم، على الأقل، على الحياد الإيجابي، للحفاظ على مصالحه، حسب "هسبريس".
ويرى "بلمعشي" أنه بالرغم من أن الجزائر تسعى إلى "استمالة" موريتانيا بإغرائها بمنافع ذات بعد اقتصادي، مثل فتح معبر بري بينهما؛ فإن موريتانيا ستربح أكثر مع المغرب، موضحا أن "المعبر البري بين الجزائر وموريتانيا لن يكون مفيدا، لأنّ العلاقات التجارية بين المغرب وموريتانيا، عبر أغادير، مفيدة بكثير للجارة الجنوبية للمملكة".
بصمة ولد الشيخ
ورأى محللون مهتمون بمسار العلاقات بين موريتانيا والمغرب منذ تعيين إسماعيل ولد الشيخ أحمد وزيراً للخارجية الموريتانية، أن هذا مؤشر على تحسن مرتقب للعلاقات بين نواكشوط والرباط المتوترة منذ سنوات.
اقرأ أيضا: الرئيس الموريتاني يكشر عن أنيابه لإقصاء «الإخوان» من البرلمان
وضم هؤلاء المحللون المتابعون تصويت موريتانيا الأخير لصالح استضافة المغرب لمونديال 2026، لمؤشرات التحسن المرتقبة والتي من ضمنها طرد الحكومة المغربية آخر العام الماضي، لرجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد بوعماتو الذي كان مقيما في مراكش.
وينتظر الجميع أن يتمكن الوزير ولد الشيخ أحمد من تنشيط علاقات موريتانيا بجيرانها، على الرغم من أن ملف المغرب يديره الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز بشكل منفرد، بحسب "القدس العربي".
وتوجهت العلاقات المغربية – الموريتانية مؤخراً نحو التحسن بعد أن تسلم السفيران المغربي حميد شبار، والموريتاني محمد الأمين آبي عمليهما في نواكشوط والرباط وسلما نسخا من أوراق اعتمادهما لوزيري خارجية البلدين.
وتتأرجح العلاقات الموريتانية – المغربية منذ سنوات بين مظاهر التحسن والتوتر، رغم التفاؤل الكبير الذي تعكسه التطورات الأخيرة.
bald-news.com/