استهجان حقوقي كبير قوبل به قرار السلطات المغربية توظيف السلاح الناري لإيقاف قارب مطاطي سريع كان يقلُّ مهاجرين مغاربة، وهو ما أدى إلى وفاة شابة (22 سنة) كانت تتابعُ دراستها بالكلية متعددة التخصصات بمارتيل؛ وإصابة 3 شباب مغاربة، كانوا على متن الزورق الذي تعرّض لإطلاق النار بعد عدم امتثال سائقه للتحذيرات الموجهة إليه.
وذكرت مصادر حقوقية أن الزورق سالف الذكر، ويقوده مواطن من جنسية إسبانية، كان متواجدا بصفة مشبوهة بالمياه المغربية، بالقرب من منطقة المضيق، وكان على متنه مهاجرون مغاربة، بينما رجحت المصادر ذاتها أن يكونوا قد انطلقوا من ثغر سبتة، قبل أن تحاصرهم عناصر البحرية الملكية التي شرعت في إطلاق النار على الزورق، وذلك لثنيه عن الفرار وإرغامه على التوقف.
ونقلت مصادر إسبانية أن الضحية المتوفاة من مدينة تطوان، وتنتمي إلى أسرة فقيرة تقطن في حي جبل درسة؛ وكانت تحاول الوصول إلى الضفة الأخرى لمساعدة والديها اللذين أقعدهما المرض والفقر، مشيرة إلى أن "الزورق الذي كان يحمل حياة وبقية المهاجرين اعترضت البحرية طريقه قبالة مارينا سمير، وأصيب شابان آخران من مدينة تطوان هما "الحبيب. ص" و"حمزة. ب"، وثالث من مدينة شفشاون، وكلهم يتواجدون في مستشفى المضيق".
وفي السياق ذاته أشار الفاعل الحقوقي خالد البكاري إلى أن المغرب أمام عشوائية في تدبير ملف الهجرة السرية؛ "فبعد ما يقارب ثلاثة أشهر من التساهل مع قوارب نقل المهاجرين المغاربة بين الضفتين، في مقابل التشدد مع المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وبعدما تحول الملف إلى قضية رأي عام مغربي وأوروبي، ظهر فجأة نوع من التشدد".
ويعدد الحقوقي المغربي مظاهر هذا التشدد "بدءا من ترحيل القاصرين الراغبين في الهجرة من الشمال نحو جنوب البلاد دون أدنى حماية تفرضها مدونة حقوق الطفل، ثم تشديد المراقبة في السدود الأمنية بشمال المغرب على المواطنين المشتبه في رغبتهم في الهجرة، ما يستهدف الحق في التنقل، لنصل إلى حادث أمس المأساوي الذي يعد من وجهة نظر حقوقية استهدافا للحق في الحياة أولا، ما دامت إمكانية السيطرة على الزورق ممكنة".
وقال البكاري في تصريح لهسبريس: "كانت كل القرائن واضحة وتبين أن القارب كان قارب هجرة سرية، وبالتالي لم يكن من داع إلى استخدام الرصاص الحي، خصوصا والاتفاقيات الدولية في مجال الهجرة تفرض تدخل دول العبور والاستقبال لإنقاذ المهاجرين في عرض البحر".
وأكمل المتحدث بأن "محكمة العدل الأوروبية بدورها أبطلت كل قرار من شأنه استهداف الحق في الحياة أثناء مراقبة الحدود إذا لم يقم المهاجرون بما من شأنه استهداف سلامة الأشخاص"، مؤكدا أن ما حصل "ضرب من التخبط في تدبير وضعية حساسة".
بدوره وصف عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، حادث مقتل المهاجرة المغربية بـ"مأساوي والمؤسف جدا، والذي يحتاج إلى تحقيق دقيق في ملابساته"، وزاد موضحا: "من المفروض التأكد ما إذا كانت الوحدة العسكرية التابعة للبحرية الملكية قد وجهت بداية إنذارا تحذيريا إلى سائق المركب قبل توجيه النيران".
وتساءل الفاعل الحقوقي عما إذا كانت هناك تدابير تتخذ بدل إطلاق النار، مشيرا إلى أن "الرأي العام والمجتمع المدني بحاجة إلى توضيح من لدن الحكومة المغربية في هذه النقطة"؛ كما قال: "ظاهرة الهجرة دخلت مرحلة مضطردة ومقلقة؛ لكن ليس بهذه الإجراءات يمكن أن ندعي أننا سنتصدى لها، لأن ثمار هذه المقاربة ستكون مُرة على المدى المتوسط والبعيد، وقد تسقط أرواحا أخرى بريئة، وندخل في نطاق شهداء الهجرة السرية المقتولين بنيران سلاح الوطن".
وانتقد الخضري المقاربة الأمنية المتبعة في التصدي للهجرة السرية، وقال إنها ستجر على المغرب انتقادات واسعة، وزاد: "يبدو من بعض التسريبات غير المؤكدة أن بعض هذه القوارب السريعة تنقل المرشحين للهجرة السرية مجانا، بمعنى أن الأمر ينطوي على اعتبارات إنسانية تضامنية مع المهاجرين السريين"
هسبريس ـ عبد السلام الشامخ