فاز الطبيب الكونغولي دينيس موكويغي والشابة الأيزيدية العراقية ناديا مراد الضحية السابقة لتنظيم داعش، الجمعة بجائزة نوبل للسلام تكريما لجهودهما في مكافحة العنف الجنسي المستخدم «سلاح حرب» في النزاعات. وناديا مراد فقدت امها وسنة من اشقائها على يد داعش حين استباحوا قريتها قرب سنجار بالموصل عام 2014 . ويجسد موكويغي، الطبيب النسائي البالغ من العمر 63 عاما، وناديا مراد، وهي في الخامسة والعشرين وكانت من سبايا التنظيم المتطرف، قضية تتخطى إطار النزاعات المحلية لتأخذ أبعادا عالمية، وهو ما تشهد عليه حركة «#مي تو» التي أحدثت ثورة في العالم منذ سنة بعد الكشف عن اعتداءات جنسية ارتكبها مشاهير. وأعلنت المتحدثة باسم لجنة نوبل النروجية بيريت رايس أندرسن أن الجائزة تكرم «جهودهما لوضع حد لاستخدام العنف الجنسي كسلاح حرب». وقالت المتحدثة إن «دينيس موكويغي كرس حياته بكاملها للدفاع عن ضحايا العنف الجنسي في زمن الحرب. والفائزة معه ناديا مراد شاهدة تروي التجاوزات التي ارتكبت بحقها وحق أخريات».
«في غرفة العلميات»
تبلّغ موكويغي الجمعة نبأ نيله جائزة نوبل وهو في غرفة العمليات في عيادته في بانزي حيث تلقى المواطنون الخبر بالبهجة مثلما هي الحال في سائر أنحاء جمهورية الكونغو الديموقراطية. وقال الطبيب عبر الموقع الرسمي لجائزة نوبل «علمت بالنبأ وأنا في غرفة العمليات عندما بدأ (الناس) فجأة بالصياح». «يمكنني أن أرى في وجوه العديد من النساء إلى أي مدى هن سعيدات لتكريمهن. كان مؤثراً فعلاً». عالج موكويغي نحو خمسين ألفا من ضحايا جرائم الاغتصاب من نساء وأطفال وحتى رضع عمرهم بضعة أشهر في مستشفى بانزي الذي أسسه عام 1999 في بوكافو في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية. وموكويغي «الرجل الذي يداوي جراح النساء» وفق ما وصفه فيلم وثائقي مخصص له، أول كونغولي يحصل على جائزة نوبل، وهو يعتبر أن أعمال العنف الجنسي «سلاح دمار شامل». وهنأت الحكومة الكونغولية موكويغي على الرغم من «الخلافات» معه، بسبب انتقاده نظام الرئيس جوزف كابيلا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال المتحدث باسم الحكومة الكونغولية لامبير مندي ان «الحكومة تهنئ الدكتور دينيس موكويغي على العمل بالغ الأهمية الذي قام به (للنساء المغتصبات) حتى لو اننا غالبا ما كنا على خلاف».
«ليس من السهل أن أسرد قصتي» أما الفائزة الثانية بجائزة نوبل للسلام ناديا مراد فقد كانت ضحية لهذه الفظاعات التي يحاول الطبيب إصلاح نتائجها. وانتصرت ناديا مراد، أول عراقية تنال الجائزة، على أسوأ المحن التي عاشها أيزيديو العراق حتى صارت متحدثة بارزة دفاعاً عن تلك الأقلية. تغيرت حياة مراد عندما اجتاح تنظيم داعش قريتها كوجو في إقليم سنجار في آب/أغسطس 2014، فخطفت وتحولت على غرار الآلاف من نساء وأبناء ديانتها إلى سبايا وظلت ثلاثة أشهر في الموصل، معقل التنظيم حينها، قبل أن تتمكن من الفرار. روت لوكالة فرانس برس قبل سنتين «أول شيء قاموا به هو إرغامنا على اعتناق الإسلام. وبعد ذلك فعلوا بنا ما أرادوا». والفتاة التي قتل ستة من أشقائها ووالدتها بأيدي تنظيم داعش، هي منذ 2016 سفيرة الأمم المتحدة لكرامة ضحايا الإتجار بالبشر وتنشط من أجل قضية الأيزيديين، داعية إلى تصنيف الاضطهاد الذي تعرضوا له على أنه «إبادة». تقول في كتابها «الفتاة الأخيرة» «ليس من السهل أبدا أن أسرد قصتي. في كل مرة أتحدث فيها أسترجع مآسيها، ولأنها قصة من صميم الواقع فهي أفضل سلاح لدى ضد الإرهاب أعتزم استخدامه حتى يتم وضع هؤلاء الإرهابيين داخل قفص المحاكمة». وفي ردود الفعل، رحّب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بـ»جهود لا تكل من أجل تسليط الضوء على أفظع الجرائم ووضع حد لها». بدورها وصفت الأمم المتحدة الجائزة بأنها «رائعة».
وأشادت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بـ»صرخة انسانية وسط فظائع لا يمكن تخيلها»، بحسب المتحدث باسمها.
رحب قادة العالم الجمعة بمنح جائزة نوبل للسلام 2018 للطبيب الكونغولي دينيس موكويغي والناشطة الايزيدية ناديا مراد تكريما لعملهما في مكافحة العنف الجنسي خلال النزاعات في مختلف انحاء العالم. قال المتحدث باسم الحكومة الكونغولية لامبير مندي ان «الحكومة تهنئ الدكتور دينيس موكويغي على العمل بالغ الأهمية الذي قام به (للنساء المغتصبات) حتى لو اننا غالبا ما كنا على خلاف». وموكويغي أول كونغولي يحصل على جائزة نوبل.
اعتبرت مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ميشيل باشليه ان الفائزين يستحقان بجدارة هذه الجائزة.
وقالت «من الصعب تصور شخصين يستحقان الفوز بجائزة نوبل للسلام أكثر من ناديا مراد ودينيس موكويغي. هذا اعتراف بعمل هذين الناشطين الشجاعين والمثابرين في مكافحة العنف الجنسي واستخدام الاغتصاب كسلاح في الحرب».
هنأ رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك الفائزين قائلا إنه «يكن لهما بالغ الاحترام على الشجاعة والتعاطف والانسانية التي عبرا عنها خلال نضالهما اليومي».
ومن جهتها قالت المتحدثة باسم المفوضية الاوروبية ناتاشا بيرتو «أود أن أقدم أحر التهاني للفائزين بجائزة نوبل للسلام، دينيس موكويغي وناديا مراد عن عملهما النبيل في انهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب».
قال الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ «أشكركما على جهودكما المتواصلة لاشاعة النور ووقف الجرائم المظلمة: العنف الجنسي كسلاح حرب».
ألمانيا
أعلن ستيفن شيبرت المتحدث باسم المستشارة الالمانية انغيلا ميركل «هما فائزان ممتازان بالجائزة، يطلقان صرخة انسانية وسط الهول الذي لا يوصف الذي يرتكبه أشخاص بحق بعضهم البعض».
اوسلو – الزمان